الجزائر

تنظيف المنازل وخبز الدّار التقليدي..عادات تأبى الزّوال



تحرص العائلات الأوراسية على التحضير المبكّر لعيد الأضحى المبارك، الذي يتزامن هذه السنة أيضا مع عطلة التلاميذ، حيث يعتبر إحياء العيد بكل طقوسه من أهم العادات الإجتماعية والدينية التي تأبى الزوال، لأن الاحتفال بالعيد المبارك من بين أهم المناسبات التي تستعد لها العائلات بولاية باتنة رغم اختلاف مظاهر الاستعداد من منطقة لأخرى، إلا أنّها تشترك جميعا حسب ما وقفت عليه "الشعب"، في تنظيف المنازل واقتناء مستلزمات النحر والسلخ وصناعة الحلويات دون الحديث عن اقتناء الأضحية.لم يمنع الارتفاع الكبير المُسجل في أسعار أضاحي العيد لهذه السنة، عائلات ولاية باتنة من المحافظة على عاداتها في التحضير لهذه المناسبة الدينية المقدسة، من خلال مسابقة الزمن لاستكمال التحضيرات خاصة اقتناء اضحية العيد ولوازمها من أدوات الشواء، فحم وسكاكين، وسط أجواء اجتماعية مُميزة رغم أن أسواق اقتناء المواشي شهدت هذه السنة تراجعا هاما في عدد المواطنين المقبلين عليها بسبب الغلاء، مفضّلين التوجه نحو الموالين مباشرة في القرى والأرياف لاقتناء الأضحية ولو بالتقسيط خلافا لأسواق الخضر والفواكه التي تشهد وفرة غير مسبوقة.
تنظيف المنازل..تقليد راسخ لن يزول
سخّرت العائلات الأوراسية تزامنا والعطلة الصيفية كل وقتها لتنظيف منازلها قبل عيد الأضحى ضمن تقليد راسخ يأبى الزوال، إضافة إلى اقتناء بعض الأفرشة والزرابي والاواني الخاصة بالمناسبة لاستقبال الضيوف، الذين سيكون عددهم لا محالة مُتراجعا في أول أيامه مقارنة بعيد الفطر بسبب انشغال العائلات في أول الأيام بالأضحية ونحرها وسلخها وتقطيعها.
وتُعتبر عادة تنظيف تعبير عن السعادة لقدوم العيد من خلال تنظيف زجاج النوافذ والأثاث والحيطان والأسقف، وحتى الأفرشة وستائر النوافذ واقتناء بعض العطور المنزلية لرشها يوم العيد ليشعر الوافد على المنزل بروائح زكية مُنعشة.
وتشبه استعدادات عيد الأضحى تلك المقامة للحفلات والأعراس، بتحول الشوارع والمحلات لخلايا نحل، وهي عادات وتقاليد عريقة مُتوارثة عن الاجداد، يتصدرها اقتناء اضحية العيد رغم غلائها هذه السنة وكذا توفير باقي مُستلزمات النحر كسكاكين الشحذ وتجهيزها واقتناء الفحم، إلى جانب شراء الأكياس البلاستيكية وقصب الشواء.
خبز الدار إعلان لقدُوم العيد
منذ عقود خلت من الزّمن كانت صناعة الحلويات التقليدية وكذا خبز الدار من بين أهم تحضيرات المرأة الأوراسية لعيد الأضحى المبارك، خاصة "الكروكي" وهي حلويات تقليدية تتميز بها باتنة، إضافة إلى صناعة "خبز الدّار" الذي تتزين به موائد العائلة لا غنى عنه، ويستحسن تحضيره بالمنزل وبكميات كبيرة لقضاء كل أيام العيد بتناوله مقدما مع اللحم بكل انواعه مقليا او مطهيا داخل الفرن تضاف له التوابل والطماطم وقليل من البصل والفلفل.
إنّ المار على منازل باتنة هذه الأيام يلاحظ الرائحة الزكية التي تفوح من المنازل والخاصة بخبز الدار، الذي يعتبر من الاطباق الرئيسية لا يمكن تخيل مناسبة عيد الأضحى دونه فمذاقه اللذيذ ورائحته الشهية تكون اعلانا بقدوم العيد المبارك.
إنّ المهم في أُكلة خبز الدار بباتنة ليس طريقة الطهي بل المهم هو حضوره الضروري خلال أيام العيد، فالبعض يتناوله مع اللحم وآخرون مع قهوة الصباح، كما يؤكل مع وجبة الغداء الخاصة بعيد الفطر في حال لم يكن الطبق التقليدي من المعجنات كالكسكس والشخشوخة التي يكون حضورها أيضا إلزاميا بكمية قليلة في أول أيام العيد بل في ساعاته الاولى بعد النحر مباشرة، فالمهم هنا الحفاظ على هذا التقليد قبل تقطيع الأضحية وتناول لحمها.
«القديد"...لحم مؤجّل الاستهلاك لفصل الشتاء
كما تتميّز التحضيرات للعيد بصيام يوم عرفة، الذي يعتبر وكأنه أحد الأيام المقدسة المهربة من شهر رمضان المعظم، حيث نجد غالبية أفراد العائلة يصومونه وسط أجواء روحانية مميزة، كما تستقبل بعدها العائلات فرحة العيد، التي سبقها اقتناء لمختلف انواع البهارات والتوابل، إضافة إلى الملح والفلفل اللذين يكون تواجدهما ضروريا للغاية وبكميات معتبرة، لأنّ المرأة الأوراسية تُعوّل عليهما كثيرا في إعداد بعض المأكولات الشعبية الخاصة بالمُناسبة، خاصة تلك التي تحضّر أول ايام العيد كالكسكسي والبوزلوف، فضلا عن العصبان والدوارة.
كما تحرص العائلات بباتنة على الحفاظ على تقليد غذائي ضارب في أعماق التاريخ، يتعلق بتحضير لحم القديد أو "لخليع"، وهو تجفيف بعض اللحم خاصة الذي يكسو العظام، تُضاف له التوابل ويُنشر على حبل تخترقه اشعة الشمس يتحول بعد مدة إلى لحم يابس جاف يُدخر لفصل الشتاء تُحضر منه عدة أطباق كالعيش مثلا في ليالي الشتاء الباردة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)