الجزائر

تنافس بريء لنيل الثناء وتفادي السخرية "الصّايم ياكل النعايم والفاطر ياكل الطراطر"



تنافس بريء لنيل الثناء وتفادي السخرية
في بهو منزلٍ عانقت أشجار الليمون والياسمين أعمدته، وعائلة كبيرة ضمّت بالأمس الجد والجدّة الابن والزوجة.. الحفيد والحفيدة ، ازداد شعار “الصّايم ياكل النعايم والفاطر ياكل الطراطر “ وترعرع في مهد تسابُق الأطفال لنيل نعائم الصّيام، قبل أن يحتلّ عرش عباراتٍ بات يردّدها الصغار طيلة أيام رمضان.تتعالى أصوات “يا.. فاطر تاكل الطراطر” في أوساط صغار الحيّ أو التجمّع السّكني، عندما تُضبط الفتاة أو الفتى متلبّسين ببقاء أثر الطعام على الشّفاه في عزّ أيّام الصّوم، وما يفتأ الصغير يجد نفسه مرغما على إخراج اللّسان لتأكيد صيامه ولو كذبا، فالمهم بالنسبة إليه الظفر ب«نعايم” الصوم، فبين المباهات ونيل احترام أقرانه، يبقى الأهمّ نيل منزلة الشرفاء ببيته العائلي، ولتحقيق أحلام الظفر بملذات الأكل وهدايا الأهل، يتطلّب على الطفل الصائم أن يتحلّى بالصبر ويُتقن فنّ المراوغة في إسكات صراخ البطن المتواصل خلال ساعات منتصف النهار، والوقوف في وجه نوبات العطش التي تصطاد رمقه عند العصر. تقول خالتي زهور: “تجذّرت عبارات “الصّايم ياكل النعايم والفاطر ياكل الطراطر”، عبر عقود من الزمن، في أذهان صغار العائلات البليديّة، بحكم فاعليّة تنفيذ الوعود المتهاطلة على مدلّل ومدلّلة العائلة خاصة الصائمين لأوّل مرّة، حيث لايزال الصوم مرتبطا بملذات الأكل “النعايم” في ذهن الأطفال، وفي اعتقاد الكبار أنّه الوسيلة الأنجع لإقناع الصغير بإكمال يومه وسط حراسة مشدّدة وخَفيّة من طرف أقرانه المتقاربين سنّا وأهله لضمان عدم إلباسه تهمة غشّ مشروع إذا ما سوّلت له نفسه الاقتراب من ثلاجة المطبخ”.
ولأنّ منطق “الجواسيس” يستحوذ على تفكير الأطفال في مثل هذه الظروف، يمضي الصغير وهو محطّ اهتمام الجميع يومه صائما محتسبا منتظرا غروب شمسٍ يعلن عن انطلاق صفّارة شرعيّة أكل “النعايم”، ولكي يحدث ذلك ما على الصبي إلاّ أن يجتاز خطوة تطبيق عادة عضّ قطعة نقدية وللفتاة خلخال من فضة، تُسلّم لهما من طرف أحد أفراد العائلة والفأل في ذلك أن يٌمسِكا برمضان طيلة حياتهما. غابت ملامح البيت الكبير واندثرت معه عادات عريقة تزخر بها ولاية البليدة، لاعتباراتٍ فرَضتها ظروف الحياة، تضيف خالتي زهور، لكنّ الأهمّ أنّ المقولة ظلّت خالدة في أذهان الأطفال على مرّ السنين، لوقعها الجميل في نفوس الصغار الذين يتنافسون على “نعايم” الصوم لتفادي سخرية أقرانهم ونيل مكانةٍ لدى أهلهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)