ما قاله السيد عمار بن عودة، وهو أحد رسامي سيناريو الثورة ضمن مجموعة ال22، عن الجنرال المتقاعد خالد نزار، وهو أحد رسامي معالم الدولة، على مدار نصف قرن، عن أنه كان يقضي الليالي الملاح، ما بين "الرقص" و"الراح"، رفقة ذباح وسفاح الجزائريين الجنرال بيجار، وما ردّ به الجنرال المتقاعد على المجاهد الرمز، في كونه سرق رفقة هواري بومدين جهد المجاهدين وتضحياتهم بأنفسهم، أمر لا يتوقف عند خط الخطورة الأحمر، ليس لأن هذا الكلام غير المباح، قيل في الجزائر، وعلى بعد بضعة أيام من ذكرى الثورة، وليس لقيمة الرجلين في تاريخ الجزائر الحديث، وإنما للظرف الراهن الذي تعيشه البلاد، بين شكّ في الحاضر وخوف من المستقبل، ليأتي الذين ينبشون في الماضي، فيحوّلون الشك إلى يقين، والخوف إلى حالة يأس وقنوط.لماذا صمت بن عودة كل هاته المدة، عندما كان نزار، يأمر وينهى، ويعيّن قادة البلاد في الوقت الذي يشاء، ولماذا صمت نزار عندما كانت الأوسمة تزيّن صدر بن عودة في كل مناسبة ومن دونها؟ وهل لعمليات الكشف أو القذف أو التخوين التي ظهرت الآن مغزى، في بلد عجز عن رسم ملامح الحاضر، فما بالك بالماضي؟لقد رحل الكثيرون دون أن نقرأ لهم جملة مفيدة واحدة، فعاش أحمد بن بلة قرابة القرن من الزمن، فامتدت حياته من الحرب العالمية الأولى إلى زمن الأنترنت، وبقيت مذكراته تتراوح ما بين تقمصه لألوان نادي مارسيليا، والتقائه بملك كرة القدم "بيليه" في وهران، ومات هواري بومدين والشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف وعلي كافي، ولا نكاد نعرف عنهم أكثر من سنة مولدهم وتاريخ وفاتهم، وحتى المذكرات التي تفضل بها البعض، لم تزد عن تمجيد النفس، وذكر محاسنها، فقُبر التاريخ، والأشدّ إيلاما قُبرت الحقيقة، وتحوّلت كل هاته الكتب والاعترافات مجرد حبر على أوراق، لا مكان لها في الذاكرة، ولا في المكتبة الخشبية.وتكمن الخطورة في كون مثل هذا الكلام المتفجر، ينتهي دائما عند نقطة النهاية، فيجد المواطن البسيط نفسه مندهشا إلى درجة القنوط، وهو يقرأ كلاما، عن رجل "صنع التاريخ على طريقته"، متهما بكونه كان إلى جانب السفاحين "أيضا بطريقته"، من دون أن يكون لهذا الكلام صدى، لدى الذين عاشوا تلك الحقبة، ولو من باب قول كلمة حق في خريف العمر، فيتحوّل البوح مرة إلى تخاريف من بلغوا من العمر عتيّا، أو تصفية حسابات قديمة، أو صيحة حق لضمير استفاق في الوقت بدل الضائع.هل ما قاله بن عودة هو الصحيح، أم ما قاله خالد نزار هو الصحيح؟ هل الرجلان على حق أم كلاهما خاطئ؟في كل الأحوال، التاريخ علمنا بأن الفتن الكبرى، بما فيها فتنة فجر الإسلام بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، بدأت بكلمة، وبقيت آثارها لحد الآن؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/10/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عبد الناصر
المصدر : www.horizons-dz.com