الجزائر - A la une

تمبل غراندين.. دكتورة الحيوانات التي قهرت التوحد


تمبل غراندين.. دكتورة الحيوانات التي قهرت التوحد
شهد التاريخ البشري قصص نجاحات تلهم كثيرين، ولعل أكثر هذه القصص تأثيرا تلك التي تتعلق بأشخاص عانوا من صعوبات لكنهم تحدوها ووقفوا أمام كل المعوقات التي واجهوها، لأنهم يؤمنون بأنهم يستطيعون تحقيق أفضل الإنجازات، وهذا ما أثبتته قصص لبعض هؤلاء الأشخاص الذين تركوا أثرا كبيرا على الحياة رغم إعاقاتهم المختلفة.تمبل غراندين، امرأة من بين المصابين بمرض التوحد، لكنها استطاعت أن تتغلب على القيود المفروضة عليها من قبل حالتها لتحصل على درجة الدكتوراه، وتصبح بذلك خبيرة في مجال تربية الحيوانات.عانت تمبل منذ الصغر من مشاكل في النطق، حيث لم تتمكن من الكلام حتى سن أربع سنوات، كما واجهت العديد من الصعوبات خلال المدرسة الثانوية، كان معظمها في التعامل مع الناس. تمبِل، وُلدت مُصابة بالمرض كما هو حال مُصابيه، عانت أول عمرها من سخريةِ الناسِ وعانتَ طواله من رهابِ الأبواب الالكترونية، من عدمِ فهمِ أبسط البديهيات، كتعبيراتِ الوجهِ والتفريقِ بين حزينٍ وسعيدٍ وغاضبٍ وخلافه، والتي لتتعلمها كان عليها المجيءُ بصورٍ لأشخاصٍ بتعبيراتٍ مختلفة وحفظ الكلمات، من كُرهها لأن يلمسها أيُ أحدِ وفي الوقتِ نفسه من حاجتها الشديدة لأن تُضَم، من نفورها - فزعها للدقة - من اللحومِ والدماء، وفي الوقتِ نفسه رغبتها في العمل مع المواشي وتحسين طرق حياتها وذبحها كذلك، من عدم قدرتها على هضم أيِ شيء سوى منتجاتِ الألبانِ و«الجيلي"، من المنع، من الرفض، من عدم القدرة، من الحاجة إلى والحنانِ وعدم مقدرتها على استساغتِه أو إعطائه، من المعاملة دوما بأساس اختلافها، ورؤية الناس له على أنه نقصان، من عدم التوفيق وسط الجماعات، تخبُّطٌ في كل خطوة، وعثرة في كل طريق.أظهرت تمبل اهتماما كبيرا بالماشية في وقت مبكر من حياتها، كما يذكر أن لها الفضل في إنشاء صندوق يعد الآن وسيلة مهمة لتخفيف التوتر عن الأطفال المصابين بالتوحد. تمبل قامت بصنع مسارات رحيمة لذبح الأبقار في المزارع، بعدما كانت تُذبحُ بقسوةٍ لا داعٍ إليها، وكمّ التفاصيل التي شرعت في الإقامة بها في طريقها إلى ذلك الإنجاز مدهش. الأكثر إدهاشا كيف أنها لم تتعب كل ذلك الحد ولم ترهقها التفاصيل، كانت تراها بدون جهد بينما يستغرق الكثيرون منا حياة لرؤيتها. استطاعت أن تقلل من مدى التوتر التي تعانيه الأبقار أثناء مرورها بما يُسمى بمسارِ الذبح، الذي ينتجُ عن انعكاسِ الشمسِ على حديد الأقفال المتروكة على الأسوار، وعن ملابس الرعاة التي يتركونها كذلك، كانت تقول إن مرضها يسمحُ لها بفهم ما يشعر به الحيوان ما أن تحاول. استطاعت بأفكار بسيطة، كتغيير المادة الذي يُصنعُ منها المسار، كنهي الرعاة عن تعليق أي مما يشغل المواشي ويوترها أثناء مرورها لرؤيتها إياه غيرَ حميمٍ أو غير تقليدي، كجعلِ الراعي يسيرُ في عكس اتجاهها مما يجعلُ المواشي تظنُه يبتعد، وككثيرٍ من التفاصيل التي سهّلت الأمر.فعلت ذلك بداعي الراحمة، وأقنعت المسؤولين والجهات المعنية بتنفيذ المخطط كفرصة بادعاء كم من المواشي يموتُ يوميًا أثناء تسييرها بسبب الإهمال، كم منها تغرق، كم من تعطيل نواجهُ وكم من مالٍ نخسر؟واجهها العديد من الصعوبات، من عدم الإيمانِ بمقدرتها وعدمِ أخذها على محملِ الجد، ولكن بالفيلم يتضحُ أنها لم تقف عندَ باب، وآمنت أن الأبوابَ خُلِقت لتُفتح، ودومًا ما كانت تتصرف، مؤمنةً أن الاستسلامَ هو العقبةُ الوحيدة. تمبل الآن تحملُ الدكتوراi في علمِ الحيوان بأمريكا، بروفيسور في جامعة ولاية كولورادو، استشارية، وصاحبة أفضل الكتب مبيعا في سلوك الحيوان بمجالِ إنتاج وتربيةِ الماشية - هكذا نقلتُ عمَا كُتب عنها -. وإلى جانبِ ذلك اخترعت - وهو ما أراهُ غريبًا للآن ومُثيرًا للفكر - آلةً تُسمى ب "آلة العناق"، لمن يُعاني مثلها من مشاكلِ التوحدِ والاضطراب، ولمُفرطي الحساسية على شاكلتها.تمبل غراندين شخصية تحترم، تستحق ما توصلت إليه من مكانة. شخصٌ مختلفٌ ولكن ليس بمرض، مختلفٌ بإصرار، شخصٌ يشعرُ حتى بما تحسه الحيوانات، وإلى جانب كل ذلك هي معلمة تعلمُ الأمهات اللاتي لهن أبناءٌ مصابون بالتوحّد ماذا يجبُ أن يفعلن وتعطيهن الملاحظات، استطاعت الإجابة على كل الأسئلة، وتصحيح ما جاء مغلوطا منها إذ جاءت كل الإجابات السابقة من دارسين لا من مصابة بالمرض، اختلف الأمر عند مساعدتها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)