تتعزز الجهود الرامية إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار غير مشروط واحترام حظر السلاح في ليبيا، كسبيل وحيد من أجل العودة إلى عملية سياسية شاملة تضمن استرجاع الأمن والاستقرار في هذا البلد، وهو ما تصب فيه المقاربة الجزائرية القائمة على أساس الحل السياسي، بعيدا عن أي شكل من أشكال التدخلات الاجنبية، والتي انتهجها الاتحاد الافريقي وعدة أطراف أخرى. وترسخت الجهود الدبلوماسية الجزائرية، التي رمت بكل ثقلها في الملف الليبي، بالعديد من المحطات التي احتضنتها الجزائر في إطار المشاركة الفعالة وتنسيق الجهود الهادفة إلى التوصل لحل سياسي للازمة الليبية. ومن هذا المنظور، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عقب جلسة المحادثات مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بالجزائر، أن الجزائر وتركيا اتفقتا على تطبيق مخرجات ندوة برلين حول الأزمة الليبية، والسعي معا الى إقرار السلم في ليبيا. وفي ندوة صحفية نشطها بمعية نظيره التركي، الذي أنهى في وقت سابق زيارة صداقة وعمل للجزائر، قال الرئيس تبون أنه بخصوص ما يجري في المنطقة، يجمعنا اتفاق تام مع الشقيقة تركيا على اتباع ما تقرر في اجتماع برلين الاخير وان نسعى الى السلم معا ان شاء الله، مضيفا أن الطرفين يتابعان يوميا وبكل دقة كل ما يجري في الميدان وكل مستجداته. وكان تبون قد دعا خلال ندوة برلين الدولية حول ليبيا، المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها في فرض احترام السلم والامن في ليبيا التي ترفض الجزائر المساس بوحدتها الوطنية وسيادة مؤسساتها، مؤكدا على ضرورة وضع خارطة طريق واضحة المعالم تشمل تثبيت الهدنة والكف عن تزويد الأطراف الليبية بالسلاح لإبعاد شبح الحرب عن كل المنطقة، ودعوة الفرقاء الليبيين إلى طاولة المفاوضات لحل الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية لتفادي الانزلاق نحو المجهول. واتفق المشاركون خلال الندوة على بذل جهود دولية لتعزيز مراقبة الحظر الاممي على تصدير السلاح الى ليبيا، كما طالبوا بفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة، وتعهدوا بإنشاء آلية مراقبة لضمان سلام طويل الأمد، ودعوا الى الحوار السياسي الشامل. وفي اطار دورها المحوري في الملف الليبي، استضافت الجزائر، عقب ندوة برلين، اجتماعا تشاوريا لوزراء خارجية دول آلية جوار ليبيا الأسبوع الماضي، والذي كان فرصة للمشاركين بتجديد الدعوة للاطراف الليبية للإنخراط في مسار الحوار السياسي برعاية الامم المتحدة ، وبمشاركة الاتحاد الإفريقي ودول الجوار الليبي للتوصل إلى حل شامل لهذه الأزمة، بعيدا عن أية تدخلات خارجية. كما أكد وزراء خارجية دول جوار ليبيا على ضرورة التزام الأطراف الليبية بوقف إطلاق النار، معربين عن تطلعهم إلى أن يهتدي الأشقاء الليبيين إلى تسوية سلمية لأزمة بلادهم، بعيدا عن أية حلول عسكرية أو تدخلات أجنبية بما فيها المرتزقة والميليشيات، تمكن من تنظيم انتخابات شفافة تحقق تطلعات الشعب الليبي وتحفظ استقلال ليبيا ووحدتها وسيادتها على كامل أراضيها. وأشاد المشاركون، في بيانهم، بالجهود التي بذلتها الجزائر خلال الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر برلين، والتي تجسدت في زيارات العديد من الوفود رفيعة المستوى إلى الجزائر من بينها وفود ممثلة للأطراف في الأزمة الليبية، وبإعلان الجزائر خلال مؤتمر برلين عن استعدادها لاحتضان لقاءات بين الأشقاء الليبيين لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين ودعوتهم للعودة إلى طاولة الحوار والتفاوض لإنهاء الأزمة الليبية بما يحفظ وحدة الشعب الليبي وسيادته. وكان المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، قد كشف عن نيته دعوة اللجنة الأمنية العسكرية خلال أيام بعد تسلمه أسماء أعضاء اللجة المشكلة من خمسة ضباط نظاميين من كل من طرف، مبرزا أن اللجنة العسكرية المندرجة ضمن المسارات الثلاثة لحل الأزمة الليبية سيكون على رأس أهدافها تطهير ليبيا من المسلحين، مضيفا، انه في المرحلة الحالية، ستعطى الأولوية للمسارات الثلاثة وعلى رأسها المسار الأمني والعسكري. اجتماعان إفريقيان مرتقبان حول ليبيا يستعد مجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي، مطلع فيفري القادم، لعقد قمة في أديس أبابا لبحث الوضع في ليبيا، وهذا عشية انعقاد أشغال القمة الافريقية المقررة يومي 8 و9 فيفري القادم بمقر الاتحاد بالعاصمة الاثيوبية، ما يعتبر فرصة لتجديد التأكيد على رفض دول الاتحاد لأي تدخل أجنبي في حل الازمة الليبية، وهذا تماشيا مع ما تنص عليه المادة المشتركة في دباجة ميثاق الاتحاد الافريقي. وحسب عامر مصباح، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، فان دباجة الاتحاد تدعو صراحة الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الاتحاد من جهة، والوساطة لفض النزاعات وأفرقة الحلول وعدم إخراجها من البيت الافريقي، من جهة أخرى. وسيركز الاجتماع على هدفين رئيسيين هما: استخدام الثقل الافريقي في الحفاظ على وقف اطلاق النار والهدنة في ليبيا، باعتبارها المبدأ الرئيسي للمرور الى العملية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة. ويتوقع ان يدرس مجلس السلم والامن الافريقي، في الاجتماع المرتقب، إمكانية إرسال ونشر قوات افريقية في ليبيا للمحافظة على السلم والامن في المنطقة. أما الاجتماع الثاني، فستعقده اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الافريقي حول ليبيا، التي يترأسها الرئيس الكونغولي، ساسو نغيسو، يوم 30 جانفي الجاري بالعاصمة الكونغولية برازافيل. وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد استقبل في هذا الاطار وزير الشؤون الخارجية الكونغولي، جون كلود غاكوسو، بصفته مبعوثا من الرئيس الكونغولي، دونيس ساسو نغيسو، والذي سلمه رسالة خطية من رئيس جمهورية الكونغو، بصفته رئيسا للجنة العليا للاتحاد الإفريقي حول ليبيا. وأوضح بيان للرئاسة، أن هذه الرسالة تضمنت دعوة لرئيس الجمهورية لحضور الاجتماع الذي تعتزم اللجنة المعنية عقده خلال هذا الشهر. وكان الرئيس الكونغولي، قد دعا إلى عدم تهميش إفريقيا في تسوية الأزمة الليبية، واصفا أي تسوية لا تأخذ في الحسبان جهود ودور القارة ب غير الفعالة و غير المنتجة ، مشددا على أن ليبيا بلد فريقي وضحايا النزاع الليبي هم من إفريقيا أساسا. وبالتالي، فان أي استراتيجية لتسوية الأزمة الليبية تهمش القارة الافريقية، يمكن أن تكون غير فعالة وغير منتجة تماما. وفي إطار تطابق وجهات النظر مع الجزائر والاتحاد الافريقي فيما يخص الازمة في ليبيا، أكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، خلال مشاركته في ندوة برلين ، على الموقف المشترك لإفريقيا في دعم وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط في ليبيا، واحترام حظر السلاح المفروض عليها من جانب مجلس الأمن الدولي، مؤكدا على ضرورة العودة الى عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون أنفسهم، بما في ذلك اتباع آلية مراقبة فعالة للمتابعة، قائلا ان موقف الكتلة الإفريقية حيال ليبيا هو أنه لا توجد تسوية عسكرية لحل الصراع، وأن أية تسوية ينبغي أن تشمل عملية سياسية بقيادة الليبيين أنفسهم بحوار شامل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/01/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محيوز ي
المصدر : www.alseyassi.com