تلمسان من خلال كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين في القرن الثامن للهجرة

كانت تلمسان، وما زالت تزخر بتاريخ حافل، وازدهار ثقافي، وثقل سياسي، واقتصادي، واجتماعي، مكّنها من أن تتبوأ مكانة تاريخية ممتازة بين مدن المغرب الأوسط. ومن أجل تكوين معرفة أعمق عن هذه المدينة، لاسيما في القرن الثامن للهجرة/ الرابع عشر للميلاد، ارتأينا أن نستطلع آراء كتّاب ورحالة مرّوا بهذه المدينة، وكتبوا عنها ملاحظاتهم القيمة التي تشكل رواية شهود عيان، لايمكن الطعن بموثوقيتها، أو تجاهلها. فلقد مرّ بتلمسان خلال القرن الثامن للهجرة بعض الرحالة من المغاربة والأندلسيين، أمثال ابن الحاج النميري (774هـ/1772م)، وخالد بن عيسى البلوي (779هـ/1377م)، وابن بطوطة ( 779-1378م)، وابن خلدون (808-1406م) وتعد ملاحظات هؤلاء على غاية من الأهمية، فهي تشمل كل مناحي الحياة السياسية ، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية، مدونة من قبلهم، كل حسب مجال اهتمامه، ورؤيته، والمقاصد التي ابتغاها من رحلته. وسنتناول خلال هذه المداخلة، نصوص هؤلاء الرحالة بالتحليل والدراسة والمقارنة، مع من سبقهم أو جاء بعدهم، لنخلص إلى صورة قريبة من واقع المدينة في القرن الثامن للهجرة.وستكون لنا في بداية المداخلة نبذة عن الأوضاع السياسية للمدينة في هذا العصر، الذي تميز بحكم بني زيّان ضمن حقبة أمدها نحو ثلاثة قرون، امتدت من 637-962هـ/1239-1554م. وقد تعاقب على تلمسان في القرن الثامن للهجرة موضوع الدراسة، نحو أحد عشر حاكماً. كما تخلل تلك الفترة أيضاً استيلاء المرينيين على تلمسان في المدة المحصورة بين سنة 737-749هـ/1337-1348م.