رغم الحصار السياسي شرقا وغربا، فإن حاضرة تلمسان استطاعت أن تستقطب عددا من العلماء من المشرق والمغرب والأندلس. وتحتوي الكتب والرحلات والمراسلات رصيدا من أسماء الرحالة والقضاة والمتصوفة والفقهاء والأدباء . وكان الشائع إلى وقت قريب أن تلمسان كانت حاضرة طاردة للمثقفين الذين لا يجدون فيها لا استقرارا سياسيا ولا أمنا شخصيا ولا مناخا علميا ولا مكافآت سلطانية مغرية بالنزول والبقاء فيها، ولكن البحث أثبت أن هناك ترحيبا ببعض هؤلاء المثقفين وحسن استقبال لهم على المستوى الرسمي السياسي والاجتماعي، وأن هؤلاء المثقفين قد تركوا آثارهم في المدونات التي وصل إلينا بعضها وما تزال الأيام لم تكشف عن الباقي منها. وكان تواجد المثقفين المحليين والنزلاء قد أحدث حركية في مجال الفكر والثقافة والفن والأدب، كما نشطت حركة التصوف وتبادل الآراء الفقهية أو الفتاوى والاجتهاد أحيانا في تخريج المسائل والتوسع في استعمال القياس، والتسامح مع المخالفين سواء كانوا من العقليين الموحدين أو من أهل الذمة. كما أن هذا المناخ الثقافي المتسامح قد جعل العلماء يتخذون مواقف متباينة من التعامل مع السلطة، خصوصا في قبول أو رفض تولي منصب القضاء وتداول السلاطين المتغلبين سواء كانوا من الزيانيين أنفسهم أو من المرينيين والحفصيين جيرانهم. حقيقة أن المثقفين كانوا في موقف حرج أحيانا وكان بعضهم مهددا بالاعتقال والعقاب، ولكن ذلك لم يكن هو القاعدة. وكان التنقل بين تلمسان وفاس وتونس والأندلس والمشرق - أو العكس- لطلب العيش أو الهروب من العقاب ليس نادرا أو معزولا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/02/2011
مضاف من طرف : tlemcen2011
صاحب المقال : أبو القاسم سعد الله / Pr Belgacem Sadallah - الجزائر 2
المصدر : الملتقى الدولي تاريخ حاضرة تلمسان ونواحيها جامعة تلمسان، أيام : 20-21 و 22 فيفري – شباط 2011 تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية