الجزائر - A la une

تقارير مصالح الأمن لم تعد تخيف المسؤولين الإداريين وزارات تتجاهل ''تقارير السيرة'' في تعيين وترقية المسؤولين


تقارير مصالح الأمن لم تعد تخيف المسؤولين الإداريين                                    وزارات تتجاهل ''تقارير السيرة'' في تعيين وترقية المسؤولين
قررت عدة وزارات تجاهل تقارير أمنية حذرت من تعيين أو ترقية مسؤولين محليين ومركزيين، في إجراء فهم منه أنه تقليص لصلاحيات أجهزة الأمن، مقابل توسيع صلاحيات الجهاز الإداري التنفيذي.
بعد أن سيطرت التقارير الأمنية على الحياة الإدارية والسياسية في الجزائر لعدة عقود من الزمن، باتت هذه التقارير عديمة القيمة في أكثر من 80 بالمائة من حالات التعيين في مناصب المسؤولية، باستثناء المؤسسة الأمنية. وقد تجاهلت عدة وزارات، أهمها السكن والطاقة والداخلية والأشغال العمومية، تقارير أمنية تحذر من تعيين بعض الأشخاص في مناصب المسؤولية، وهو ما أدى إلى تراجع دور أجهزة الأمن في التعيينات الإدارية، وزيادة دور التقارير الإدارية التي يكتبها الولاة ورؤساء الدوائر. وقال مصدر متابع للشأن الأمني إن وزارة الداخلية صارت أهم جهاز يكتب التقارير حول الأوضاع على المستوى المحلي، بفضل تقارير مندوبي الأمن في الدوائر ومديريات التقنين والشؤون العامة ورؤساء الدوائر والولاة، وهو ما أدى إلى تقليص تأثير مصالح الأمن على التعيينات، لكنه أدى إلى انتشار الفساد على نطاق واسع.
وأفاد مصدر عليم في هذا الصدد بأن حركة سلك الولاة ورؤساء الدوائر، التي تمت نهاية سبتمبر 2010، تجاهلت تقارير أجهزة الأمن الخاصة بسيرة المسؤولين المحليين المرشحين لشغل مناصب في الإدارة المحلية، بعدما أوصت تقارير أمنية عديدة بعزل ولاة ورؤساء دوائر من مناصبهم، نظرا لسلوكهم السيء في مجال التسيير، والاشتباه في تورط عدد منهم في قضايا فساد. وقد حافظ هؤلاء المسؤولون على مناصبهم، بل تمت ترقية بعضهم إلى مناصب أعلى، كما هو الحال بالنسبة لوالي ولاية جنوبية نقل إلى ولاية أخرى، رغم أن المفتشية العامة للمالية كانت تحقق في تسيير عدة مديريات بولايته، كما أن مصالح الأمن أكدت، في تقارير لها، بأنها تشتبه في أن هذا الوالي منح صفقات بطرق تتطلب التحقيق. وفي عدة ولايات أخرى تجاهلت التعيينات، حسب مصادرنا، تقارير مصالح الأمن، حيث نقل والي ولاية مهمة من الوسط إلى الشرق، مع أن مصالح الأمن أشارت، في عام 2008، إلى قيامه بالتنازل عن أراض لأحد الخواص بطريقة مثيرة للشبهة.
كما أشارت تقارير أخرى إلى تورط وال ولاية بشرق البلاد في قضايا أخلاقية، ورغم هذا حافظ على منصبه على رأس ولاية ثانية أكثر أهمية نقل إليها. وتكرر نفس السيناريو خلال التعيينات على رأس الدوائر، ولكن على نطاق أوسع. وكشف مصدر على صلة بالملف بأن التدخلات الشخصية والعلاقات وصلة القرابة لعبت دورا هام في حركة الجماعات المحلية الأخيرة، بشكل لم يسبق له مثيل، حيث تدخل أحد كبار موظفي رئاسة الجمهورية في تعيين أمين عام ولاية في الوسط، وقررت وزارة الداخلية في آخر لحظة نقل رئيس دائرة كان سيعين في ولاية مهمة إلى أقصى الجنوب، وبالضبط في ولاية وادي سوف، بسبب تدخل شخصية نافذة جدا رفض رئيس الدائرة المصادقة لها على مشروع غير قانوني.
وقد درجت عدة وزارات، أهمها الداخلية والعدل والخارجية والدفاع، على إجراء تحقيقات دورية حول سيرة الإطارات والمسؤولين المحليين، قبل تعيينهم في مواقع القيادة وعلى رأس الولايات والدوائر وفي مناصب أخرى، لكن وزير الداخلية السابق، نور الدين يزيد زرهوني، قلل من الاعتماد على تقارير مصالح الأمن خلال إجراء التعيينات، بسبب وقوع تجاوزات من قبل بعض المحققين. وجرت العادة على أن يتضمن ملف كل مرشح لشغل منصب مسؤولية في أجهزة الدولة تقارير مفصلة، تنجزها كل من مديرية الاستعلامات العامة بالأمن الوطني ومصالح الاستعلامات بالدرك الوطني ودائرة الاستعلامات والأمن ''دي.أر.أس'' التابعة لوزارة الدفاع، وتقارن مصالح وزارة الداخلية هذه التقارير مع تقرير الرئيس المباشر للمرشح، للوصول إلى خلاصة حول سيرة المسؤول وسلوكه الإداري، قبل اتخاذ قرار الترقية أو العزل أو التعيين.
وكشف مصدر عليم بأن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية اكتشفا بأن بعض التقارير الأمنية كانت غير مهنية، ولم تعتمد على وقائع محددة، لكنها ساهمت في تعيين وعزل مسؤولين كبار في السنوات الماضية، خاصة خلال التسعينيات، وقد دفع ذلك الرئيس بوتفليقة إلى الاعتماد على شهادة أعيان محليين وأشخاص من أهل الثقة، قبل اتخاذ قرارات بالتعيين والعزل. كما قرر وزير الداخلية السابق، يزيد زرهوني، زيادة الاعتماد على تقارير الرؤساء المباشرين وبيانات لجان التفتيش، والتقليل من الاعتماد على التقارير الأمنية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)