تتسم التحولات والتغيرات الدولية التي أفرزتها نهاية الحرب الباردة بكونها متسارعة وجذرية ومركبة الأبعاد، ومن ثم فإن أي جهد بحثي لتأطيرها وضبط مضامينها أمر صعب للغاية تواجهه عدة عقبات تتراوح بين العقبة المعرفية والعقبة السياسية. وهو ما مثّل تحديا نظريا في مستوياته الأولى أمام الباحثين والسياسيين على حد سواء، وقد تمظهرت حالة الصعوبة هذه في صورتين:
الأولى نظرية حيث اهتزت الأطر التحليلية التي كانت سائدة على مدار سنوات الحرب الباردة وبات حجم تدفق الأحداث أكبر من قدرتها على التفسير، ففقدت بعضا من وظائفها التنظيرية خاصة الوظيفة المابعدية، الأمر الذي دفع نحو ترسيخ أسس جديدة لم تعد معها الدولة الوحدة السياسية والقانونية الوحيدة، حيث ظهرت إلى جوارها كيانات عديدة مست بصورة مباشرة الأنماط التفاعلية للدولة الوطنية. أما الثانية ممارستية إذ انعكست حالة الغموض والتعقيد الشديدين التي اتصفت بهما الديناميكية المتواترة للعولمة على الفواعل والنظم والأنساق الدولية من جهة، وعلى مستوى التفكير الاستراتيجي لصناع القرار من جهة ثانية، فشهدنا حالة من الفراغ على المستوى التنظيري نتيجة لما شهدته الدولة من تفكك ثلاثي لوظائفها(تصاعديا، تنازليا، هامشيا)، الأمر الذي أحدث اضطربا كبيرا بفعل غياب مجموعة من الأسس الضابطة لمستويات الحركة في الشؤون الداخلية والدولية فأصبح المجتمع الأكاديمي يعيش موجة التفكك في النظريات والأطر المفاهيمية الشمولية التي تزعزعت مرجعياتها المعرفية المنتجة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/01/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - معمري خالد
المصدر : مجلة البحوث السياسية و الادارية Volume 2, Numéro 1, Pages 109-121 2013-01-01