الجزائر

تفرق دمها بين القبائل



 تنبئ الثورة التي أطلقتها وزيرة الثقافة، خليدة تومي، أخيرا، تحت قبة البرلمان، ضد وزارة أخرى في نفس الحكومة، بسرطان قاتل ينخر جسد الدولة الجزائرية ويهددها بالمزيد من الفساد والتورم في أسوإ الحالات، وفي أحسنها بالمزيد من الشلل و''التقدم إلى الوراء''.. ذلك أن مصالح الشعب تفرق دمها بين القبائل، فالمسؤوليات على قطاعات والسلطة بيد قطاعات أخرى، وبعبارة أخرى أكثـر رومنسية فإن نفس المصالح تاهت بين ملوك لا يحكمون وحكام لا يملكون.. وابحث يا شاطر عن الإبرة في كومة التبن.
فوزارة الثقافة مسؤولة عن قطاع السينما، لكن مفاتيح قاعات العرض بيد الجماعات المحلية، ووزارة الاتصال مسؤولة عن قطاع الإعلام لكن لا سلطة لها على الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء والوكالة الوطنية للإشهار، وكذلك الأمر بالنسبة للصيد البحري الذي تشرف فيه وزارة على النشاط بينما تبسط وزارة النقل سلطتها على الموانئ.
أمثلة كهذه يمكن أن نسرد منها العشرات كما هو الشأن بالنسبة لمناطق التوسع السياحي التي عادة ما يُسأل عنها إسماعيل ميمون، لكن السلطة على محميات ''نادي الصنوبر'' و''موريتي'' و''الكثبان'' هي في الحقيقة بيد رئاسة الجمهورية، أما عن الاستثمار فحدث ولا حرج، لأن وزارة الصناعة مسؤولة عن قطاع ضاعت السلطة عليه بين ''مجلس مساهمات الدولة'' و''المجلس الوطني للاستثمار'' و''الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار''، بعضها مستقل وبعضها ملحق بالوزارة الأولى.
إنه مجرد غيض من فيض فوضى التداخل التي أصابت الدولة الجزائرية، والتي نزلت وتنزل بردا وسلاما على قلوب أصحاب الكروش المنتفخة والقروش المتسخة، وعلى جيوبهم طبعا، ذلك أن أموال ''الزوالية'' ضاعت وسط مشهد سخيف من مسرحية رديئة حد القرف، أبطالها نواب في برلمان مطعون الشرعية يحاسبون مسؤولين لا حول لهم ولا سلطة.. مشهد تنعم فيه كمشة من أصحاب النفوذ وذوي الأيادي الطويلة بـ''الحياة الحلوة'' والأمن والأمان والهدوء والاطمئنان، فلا أجمل من العوم داخل بحبوحة فردوسية يسأل فيها غيرك: ''من أين لك هذا؟''.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)