عودة الوعي الشعبي بعد استقالة الشارع من المشهد السياسيرغم بعدهم عن وطنهم الأم، بمئات الآلاف من الكيلومترات، وفي قارات متفرقة، إلا انه يظل يحيا بين دقات قلوبهم، فتكبر أشواقهم، كأحرف الجزائر، تختزل حجم المسافات التي تفصل بين اجسادهم وتراب بلدهم، تكبر كل يوم، كما هي الاحلام الجميلة، تزداد حبا في تحقيقها، لا يخفون حبهم لبلدهم، يحملون همومه ويتقاسمون اوجاعه، فيعيشون افراحه وأقراحه، تلك هي امنيات وأحلام النخبة الجزائرية بالمهجر، من اعلاميين وكتاب يعيشون خارج الوطن،ومنشغلون بما يعيشه من حدث سياسي مفصلي، هوالانتخابات الرئاسية المقررة يوم 12 ديسمبر، فهم ايضا معنيون بالانتخاب في مقرات السفارات والقنصليات،ومشاركة الشعب الجزائري الخروج من شرنقة الفراغ والشلل الرهيب الذي تعرفه غالب المؤسسات الاقتصادية.
في هذا الاستطلاع حاولت «الشعب» التقرب من اكبر عدد ممكن من النخبة الجزائرية، عبر ربوع العالم، ومعرفة وجهات نظرهم من الاستحقاق الانتخابي، فهناك من اعتذر لأسباب شخصية مهنية تتعلق بعقود العمل المبرمة بينهم وبين مؤسساتهم الإعلامية، وهناك من تحفظ نظرا لمكانته الاجتماعية حتى لا تأول قراءته، وهناك من رحب بذلك، وإن اختلفت أعذارهم، فإن أمنياتهم في تخطي هذه المرحلة القاسم المشترك بينهم جميعا.
الصغير سلام: النخب المهاجرة لديها مسؤولية أخلاقية
يقول الإعلامي الصغير سلام المقيم بدبي، إن «قلب المغترب الجزائري يخفق على إيقاع نبض بلده ويتضاعف هذا الشغف عند النخب الجزائرية المهاجرة، لوعيها أن لديها مسؤولية أخلاقية في رسم معالم الجزائر الجديدة التي تطمح إليها الأجيال، وسيعيش في «كنفها أبناؤنا وأحفادنا الذين سيحصدون مستقبلا ثمار ما سنزرعه في حاضرنا».
يضيف سلام أن «الجزائر تعيش مرحلة مفصلية في تاريخها منذ 22 فيفري الماضي بعودة الوعي الشعبي بالشأن العام بعد استقالة الشارع من المشهد السياسي غيابا أوإقصاء وذات العنصر يراه في غاية الأهمية في أي استشراف للمستقبل جزائر ما بعد 12 ديسمبر.
تفعيل الرقابة على المال العام
وحسبه فإن الجزائر ستتجدد ولن تكون بذات المشهد الذي ظلت عليه خلال عشريتين خيم عليها خلالهما الجمود على أكثر من مستوى، وأهم تغيير حسبه، يمكن لمسه جليا، ما تعلق برغبة الجزائريين وإصرارهم على اختيار النخبة الحاكمة واندماجهم في الشأن السياسي مدفوعين برغبة، في تفعيل رقابة المؤسسات المنتخبة على العمل السياسي وتسيير المال العام وتقويم العمل الحكومي وتوجيهه نحوإسعاد المواطن وتحسين معيشته تعليما وصحة ومحيطا .. فضلا عن مراجعة المنظومة القانونية التي «تعيق» بعض جوانبها حياة المواطن بل أن بعضها يسلبه حقه الدستوري.
التعليم، الصحة والمحيط أولوية
في سياق ذي صلة، أشار الاعلامي الصغير سلام، إلى المادة التي تمنع الجزائري المقيم في الخارج لأكثر من عشر سنوات من الترشح، لبعض المناصب بينما، هولا يزال يحوز الحق في الانتخاب والقاعدة تقول أن من لم يسقط حقه في التصويت من حقه الترشح، فضلا عن كون هذه المادة إقصائية وغير دستورية، فإنها تحرم البلد الاستفادة من خبرات جزائرية عالمية، بإمكانها المساهمة إلى جانب كفاءات الداخل في إحداث نهضة حقيقية، تعيد تفعيل قيمة العمل والإبداع في النسيج الاجتماعي والإقتصادي والسياسي.
وفي الأخير يرى سلام، أن جزائر الغد ستكون متسامحة ومتعايشة ومتعددة متطلعة إلى تحديات المستقبل ومستعدة لها، متحررة من إكراهات الماضي، جامعة وموحدة تستفيد من ماضيها لتقوية اللحمة وليس من أجل النبش عن ألغام الفرقة والشتات.
محمد خذير: الرئيس القادم سيكون أمام مشهد سياسي مخيف وفارغ
بنظرة تحفظية تارة وتشاؤمية بمزيج من التفاؤل، يرى محمد خذير الاعلامي والخبير في حقوق الإنسان من سويسرا، أن الرئيس القادم سيكون أمام معضلة الشرعية في حالة ما إذا كانت نسبة المشاركة ضئيلة، وهذا مالا يتمناه أي مترشح، وحسبه فإن الرئيس السابق في عهدته الأولى، وجد هذا الفراغ، بعد انسحاب المنافسين له، لكن هذه المرة إذا لم يشارك الشعب في الاستحقاق الانتخابي، وهي قراءة سابقة لأوانها، بالتالي سيكون أمام مشهد سياسي مخيف، لا معارضة فيه تتمتع بمصداقية ولا أحزاب قوية.
الأموال المنهوبة تسترجع بالقضاء وليس الدبلوماسية
وبالعودة إلى برامج المترشحين، يقول خذير إنها خطابات تتحدث عن برامج اقتصادية دون أرقام، لأنها أصلا غير موجودة، بسبب فترة الفساد التي حكمت البلد طيلة عقدين من الزمن، وطمست الكثير من الحقائق، فهم يعتمدون حسبه على ما يمكن وصفه على «لغة الخشب التي من بينها إعادة الأموال المنهوبة.
وبصفته خبيرا ماليا في سويسرا منذ خمس وعشرون سنة، يؤكد أن استرجاع هذه الأموال عن طريق الدبلوماسيين كما طرح أحد المترشحين، عبارة عن خيال علمي، لأَنِ الدبلوماسية تتعامل مع الدول، وليس لها أي آلية سوى القضاء، كما يضيف في الشأن ذاته، أن كل الأحكام داخل الوطن ستجعل الأموال مجمدة، ولن يرفع عنها التجميد، إلا إذا تمت تبرئة صاحبها، أوأثبتت أنها غير شرعية، وطبعا اختلاف القوانين في التجارة، يجعل هذه الأموال محل مد وجزر، كما تمنى من جانبه أن تجرى الانتخابات الرئاسية في ظروف جيدة لإخراج البلاد من الأزمة، فالجزائر في حاجة إلى أبنائها الشرفاء فهم بُناتها وسواعدها، وتستحق أكثر مما تعيشه اليوم.
خيرة بلقصير: الجزائر تحتاج إلى أجوبة بعزيمة ثورتها
تتساءل الكاتبة والإعلامية خيرة بلقصير، ابنة وهران المقيمة بالأردن، ما معنى أن تكون جزائريا و»بن مهيدي» لم توار بعد ابتسامته، ابتسامة حملت الكثير من الدلالات والمعاني، وهاهي تلك المعاني يحتضنها الشارع فتنجب حراكا شعبيا، يجهض مؤامرة العهدة الخامسة، ويشق طريقه نحوجزائر جديدة، نواتها الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر.
في السياق ذاته، تضيف بلقصير أنها تعيش غربة الجغرافيا، لكن غربة الوطن تسايرها بشكل دائم ويومي، من خلال تتبعها لكل ما يجري في الجزائر، من صغيرة وكبيرة، لاشيء يشغلها عن بلدها، لأنه جزء مهم من حياتها ولوباعدت المسافات بينهما .
بالرغم من ميولاتها الثقافية الأدبية، وعدم انخراطها في الشأن السياسي، إلا انها متفائلة، أن ينتصر الوطن لا محالة، مهما حاول الأعداء من الداخل والخارج الإساءة له، فدماء الشهداء تبقى تحرس الوطن وتحمي الشرفاء والوطنيين، وبأسلوبها الأدبي تقول بلقصير، «نريد لكل هاته الانتصارات المحبوكة بأطياف الشعب، أن تختم عرس النهضة بتنصيب جزائر بلهب يسكن صليل الدماء في العروق، فالجزائر لا تحتاج إلى أسئلة بل إلى أجوبة، جزائر بعيدة عن الإرهاب النفسي، بفساد أقل فأقل، وهذا لا يحتاج إلى معجزة لأنها ثورة شعب مطحون ووقود مستقبلها أهل عزيمة وثبات.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/11/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نور الدين لعراجي
المصدر : www.ech-chaab.net