الجزائر

تغليب سيطرة القبيلة على الحياة السياسية



تغليب سيطرة القبيلة على الحياة السياسية
صنعت الأزمة الليبية الاستثناء الذي ميّزها عن الحراك العربي منذ هبّة الشعب التونسي ضد حكم زين العابدين بن علي , و لا تزال هذه الأزمة التي تتغذى من جميع التناقضات التي خلّفها نظام القذافي المبني على تغليب النموذج القبلي تلقي بتداعياتها على فرص الحل السلمي و السريع من أجل استئصالها بدل أن تمتد عواقبها إلى دول الجوار ،هذه الأخيرة تسارع قدر الإمكان إلى تفكيك القنبلة الموقوتة حيث تسعى الجزائر و مصر إلى جمع الفرقاء حول طاولة الحوار الذي لا يقصي أحدا .استمدت الأزمة الليبية عناصر قوّتها من نظام القذافي في حدّ ذاته فنظام حكمه المتفرد لم يفسح المجال لتنفس المجتمع و بالتالي غابت الممارسة السياسية و اندحر العمل الحزبي بالمفهوم الحديث المبني على المعارضة أو حتى الموالاة الموضوعية التي لا توالي من أجل المجاراة بل إنّ القذافي كان يعتبر الحزب إجهاضا للديمقراطية و عليه فرض " الزعيم " القبيلة كنموذج لنظام سياسي غير مفهوم و من البديهي في هذه الحالة أن يكون للقذاذفة النصيب الأكبر في باب العزيزية الذي استباحوه من 1969 إلى 2011 من خلال التحصن بلجان ثورية و كتائب مسلحة ( يغيب عنها مفهوم الجيش ) و تدين بالولاء للقذافي .و يكفي أن يؤسس لهذا الطرح أن ستة من أبناء القذافي قوّضوا له الحكم و ثبّتوا مفهوم حكم الأسرة فكانوا الآمرين الناهيين تذبح القبائل عند أرجلهم القربان من أجل التقرب .انغماس آل القذافي في عالم المال و الأعمال و احكام سيطرتهم على كل مجالات الحياة كان سببا رئيسيا في توطين مزيد من الفوضى و ابتعاد ليبيا عن نموذج الدولة الحديثة ما جعل رغبة الشعب جامحة في القضاء على جذور هذا النظام و هو ما عجّل في سقوط "الدولة "و حتى القبائل التي اختارت الدوران في هذا المحيط مارس عليها القذافي ضغوطا كبيرة لمنعها من أي مناورة سياسية أو تقارب في ما بينها لتشكيل تكتل سياسي قد يؤسس لحياة مؤسساتية في البلاد .أوضاع مثل هذه ،المبنية على أحادية الفكر ساهمت بشكل لافت في افقار ليبيا من النخب السياسية أو الثقافية التي دائما ما تحمل التغيير على كتفيها و بالتالي عندما قامت الثورة على نظام الحكم عمّت الفوضى و لم تتبن ما بعد الحراك أيٌّ أطراف معروفة فعمّ تجاذب غنيمة الحرب على "القائد " بين منظمات إرهابية زادت في تعميق الأزمة و رهنت فرص تجفيف منابع العمل الإجرامي و الحل السياسي الذي تتوخاه دول الجوار و زاد الطينَ بلّة تنظيم ٌ داعش و المرتزقة من المليشيات التي تتسمى بمختلف الأسماء الجهادية و التي أعلنت الحرب في ليبيا باسم تثبيت أركان الخلافة الإسلامية حيث لا تزال هذه التنظيمات الدموية التابعة لتنظيم " داعش " تحارب من أجل أن تقيم نموذجها الخاص للدولة الإسلامية التي تتوخاها .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)