لم تشفع كلمة الرئيس مبارك، في نهاية يوم جمعة الغضب التي أعلن فيها حل الحكومة، ولا تعيين الوزير عمر سليمان نائبا له، ولا تكليف أحمد شفيق بإعداد حكومة المرحلة القادمة، في إرضاء الشعب المصري الذي رفع سقف طلباته عاليا، ولن تخفض إلا برحيل مبارك شخصيا. هذا الشارع الذي لم يتراجع حتى أمام تهديدات المؤسسة العسكرية لإخلاء ساحات الاعتصام خلال ساعات حظر التجول.
لم تغير المسكنات التي وضعها الرئيس مبارك بحل الحكومة وتكليف أحمد شفيق بتشكيل أخرى وتعيين الوزير عمر سليمان، رئيس المخابرات، نائبا لرئيس الجمهورية، في تغيير شيء في واقع الأمور في مصر، التي تشير فيها كل المؤشرات إلى أن الوضع خرج عن سيطرة النظام الحالي، أمام إصرار الجماهير التي احتلت الشارع على وجوب مغادرة مبارك الحكم، خاصة أن ذات الجماهير سقط في صفوفها المئات من القتلى والجرحى منذ أن أخرجت غضبها من صفحات الفايسبوك إلى شوارع مصر.
تغييرات لإعادة إنتاج نفس النظام
أمام تسارع الأحداث بفعل شراسة الاحتجاجات في الشارع، بدأ مبارك في الكشف عن أوراقه الجديدة، المتمثلة في تعيين عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات، نائبا له. وهو المنصب الذي بقي شاغرا منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكذا تكليف أحمد شفيق، الوزير العسكري، بتشكيل الحكومة، في خطوة رأى فيها المتتبعون بأنها استباقية لكل طارئ يمكن أن يعجل برحيل مبارك، ليضمن بهذا التشكيل وهذه الأوراق التي أعاد طرحها على الساحة، بقاء النظام الذي أسس له والإبقاء على مصالح كل طرف محفوظة، ليكون بذلك وفيا لنهجه إلى آخر أيامه على رأس مصر.
الاحتجاج متواصل تحت شعار ليسقط مبارك
لكن أوراق مبارك الذي أعاد خلطها وطرحها من جديدة، كانت ذات فعل عكسي في الشارع، حيث وسمت عبارة ليسقط مبارك مظاهر الاحتجاج في كل شبر من مصر، حتى على الدبابات التي دفع بها مبارك إلى الشارع من أجل احتواء الأزمة. ورغم التغييرات التي أعلن عنها أمس، ورغم التهديدات شديدة اللهجة التي أطلقتها القيادة العسكرية ضد المحتجين الذين تحدوا حظر التجول المعلن عنه من الساعة الرابعة مساء إلى الثامنة صباحا، إلا أن المحتجين لم يتراجعوا قيد أنملة وواصلوا احتجاجاتهم واعتصاماتهم في الساحات العمومية، في سيناريو مكرر بأدق التفاصيل لما عاشته تونس حتى في تشكيل اللجان الشعبية لحماية الأملاك العمومية والخاصة من النهب، من قبل من وصوفوا بالمشاغبين والخارجين عن القانون. وهو ما جعل المؤسسة العسكرية في مصر أمام تحد صعب لا يخدم تطلعات الرئيس المصري في تجنب أسوإ السيناريوهات التي تتربص به من كل جهة.
ولم ترض الخطوات التي أقدم عليها مبارك الشارع المصري، بل حتى حليفته واشنطن التي عبرت عن عدم رضاها لما قام به الرئيس مبارك، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بي. جيه. كراولي، في رسالة على موقع تويتر، إنه لا يمكن للحكومة المصرية الاكتفاء بإعادة ترتيب الأوراق . وأضاف: كلمات الرئيس مبارك التي تعهد فيها بالإصلاح يجب أن يعقبها عمل ، مرددا دعوة الرئيس باراك أوباما لإجراء إصلاحات.
البرادعي: ارحل يا مبارك
محمد البرادعي، زعيم حركة التغيير وأحد الشخصيات المطروحة إلى حد ما لخلافة مبارك، والذي كان يوصف، إلى وقت قريب، بغريمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، دعا إلى رحيل مبارك، معتبرا أن الخطاب مخيب تماما وأنه لم يفهم رسالة الشعب ، ليشدد على أن الاحتجاجات ستستمر بزخم شديد حتى سقوط نظام مبارك . وفي مسعى منه ليضع نفسه في قلب الحدث، ويضع نفسه أيضا في ثوب ضحايا نظام مبارك، قال البرادعي: عندما يصل نظام إلى هذا التدني ويعامل شخصا حائزا على جائزة نوبل للسلام بإطلاق خراطيم المياه عليه لأنه يطالب بحق شعبه بالتظاهر السلمي، فإن ذلك يدل على أن هذا النظام في بداية النهاية، وأنه حان الوقت كي يرحل قبل أن تسوء الأمور ونرى ما لا يحمد عقباه .
المحتجون يعدون شهداءهم ويواصلون ثورتهم
وبالموازاة مع الاهتمام بالمستجدات على الصعيد السياسي، واصل المحتجون مظاهراتهم في مدن عدة بمصر، لليوم الخامس على التوالي، والتي لم تختلف عن سابقاتها من حيث سقوط ضحايا جدد. حيث ذكرت وكالة رويترز أن ثمانية محتجين قتلوا وأصيب 17 آخرون برصاص الشرطة، خلال محاولتهم اقتحام قسم الشرطة في مدينة ببا بمحافظة بني سويف جنوبي القاهرة، كما قتل 8 آخرون بسيناء.
ذات المصدر تحدث عن مقتل 8 معتقلين بسجن أبو زعبل بشمال القاهرة، أمس، برصاص قوات الأمن، وأن 123 من السجناء الآخرين أصيبوا. فيما تحدثت شهادات عبر قناة الجزيرة بأن هناك محاولة لتصفية قيادات سياسية محبوسة بهذا السجن.
وتبقى حصيلة ضحايا الاحتجاجات غير رسمية، حيث تحدثت تقارير عن مقتل حوالي 100 شخص خلال جمعة الغضب وأكثـر من 1000 جريح، ليزيد اتساع رقعة النهب والسلب في كل أنحاء مصر، وتشكيل لجان شعبية لمواجهة الظاهرة، وتجنب تأزم الوضع العام في مصر حيث أصبح مرشحا لأن يكون أكثـر سوء مما عليه الآن أمام الانسداد السياسي الحالي
.
المظاهرات تعم كافة أرجاء مصر
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/01/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: رضا شنوف
المصدر : www.elkhabar.com