التحقيقات الأمنية متواصلة عبر الولايات في قضايا الفساد
البلاد - زهية رافع - دفعت التحقيقات القضائية والأمنية والإدارية مع رجال الأعمال، الذين وضعوا يدهم على آلاف الهكتارات، واستفادوا من عقود امتياز خارج القانون، ولاة الجمهورية الحاليين إلى النبش في عقود الامتياز المشبوهة التي استفاد منها رجال الأعمال بطرق غير قانونية أو محل شبهة، وكذا سحب المشاريع الاستثمارية المودعة في أدراجهم، واسترجاع الأوعية العقارية الممنوحة، سواء في الفترة التي سبقت توليهم المسؤولية أو الحالية، وذلك في خطوة استباقية من ولاة الجمهورية في ظل موجة التحقيقات الجارية، تشبه محاولة تأميم أملاك الدولة وحمايتها من العصابة.
ومما لا شك فيه أن العديد من رجال الأعمال المتابعين في ملفات الفساد حاليا، ما كانوا ليتمكنوا من تقنين عمليات النهب والتلاعب لولا منحهم "الكارت الأبيض" من المسؤولين وولاة الجمهورية، الذين عبّدوا أمامهم مهمة الاستيلاء على آلاف الهكتارات ومعها القروض البنكية، وذلك عبر مشاريع وهمية، مكنتهم من عقود الامتياز وحتى الامتيازات الكبيرة الممنوحة للمستثمرين، أو رهن هذه العقارات من أجل الحصول على قروض بنكية خيالية، على الرغم من أن الحكومة كانت ترفع شعار استرجاع وحماية العقار الفلاحي، وهي المهمة التي ظلت مجرد شعار بالنظر لحجم العقارات التي تم التلاعب بها في مشاريع وهمية بمنح عقود امتياز دون التمكن من استرجاعها، فالحكومة السابقة كانت قد حددت أواخر العام المنقضي، آخر مهلة للولاة من أجل تطهير ملف العقار، واسترجاع المساحات غير المستغلة، وسحب الأراضي والمساحات غير المستغلة من أصحابها، لكن هذا الملف ظل معطلا ولم يتم تحريكه بالشكل المطلوب، وظل رهين حسابات عديدة وتعقيدات جعلت الكفة دوما في صالح أصحاب النفوذ الذين تحصنوا بولاة الجمهورية، لاسيما أن ملف الاستثمار تحول في السنوات الأخيرة، إلى آلية للاستحواذ وتأميم العقار الصناعي، حيث أن العديد من رموز النظام السابق تمكنوا من الحصول على مساحات كبيرة من العقارات، وقدمت على أساسها ملفات للاستفادة من قروض مالية لدى البنوك، لكن وضعية هذه العقارات ما تزال على حالها ودون مشاريع.
ودفع اقتراب التهديدات من ولاة الجمهورية، على خلفية فتح ملفات علي حداد، طحكوت، ولاة الجمهورية الحاليين إلى السير بالسرعة القصوى والدخول في سباق مع الزمن لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من العقارات التي ظلت محل تلاعبات وتنازلات بالدينار الرمزي لفائدة شخصيات ذات نفوذ ورجال أعمال، ارتبطت في كثير من الأحيان برجال أعمال من خارج الوطن، أبرزهم خليجيون وأوروبيون، حيث يخوض العديد من الولاة اليوم، معركة تأميم أملاك الدولة، ومحاولة تبرئة الذمة في الوقت بدل الضائع باسترجاع أوعية عقارية، ومراجعة عقود الامتياز الممنوحة وإلغاءات بالجملة لهذه العقود، خاصة في الولايات المشبوهة، على غرار الجلفة، مستغانم، البيض والمسيلة، حيث قام والي مستغانم بإلغاء أزيد من 50 عقد امتياز، منها 30 عقد امتياز ألغي مؤخرا، حسبما أكده الوالي، ومكن ذلك من استرجاع 120 هكتارا من العقار الصناعي بالمنطقة الصناعية البرجية ببلدية الحسيان.
وجاء هذا القرار المتعلق بإلغاء هذه العقود لعدم احترام المستثمرين لدفاتر الشروط المتفق عليها، وتأخرهم في الانطلاق في إنجاز المشاريع الصناعية. ومكنت هذه العملية من استرجاع وعاء عقاري قدره 120 هكتارا، سيتم وضعه تحت تصرف المستثمرين الجادين والراغبين في إنجاز مشاريع مماثلة.
كما أقدم والي البيض الموجود قيد التحقيق على استرجاع 50 ألف هكتارا من الأراضي، كان استفاد منها مجمع "حداد" بصحراء بلدية بريزينة (جنوب البيض)، استفاد خلال سنة 2016 من هذه المساحة من أجل استصلاحها والاستثمار في القطاع الفلاحي. وعلى الرغم من تقديم المعني توضيحات تفيد بأن علي حداد الذي تحصل على هذا العقار في إطار التعليمة الوزارية المشتركة رقم 108 التي تشجع على استصلاح الأراضي في مناطق الهضاب العليا والصحراء، وذلك في إطار رفع القدرة الإنتاجية بهذه المناطق، لم يستفد من أي قرض بنكي على صلة بهذه المساحة، إلا أن الملف المطروح على العدالة، وتحديدا على قاضي المحكمة العليا، يؤكد وجود أدلة على منح تسهيلات لعلي حداد ومزايا غير مستحقة باستغلال نفوذ الوالي.
كما ألغى الأسبوع الماضي، والي ولاية المسيلة، إبراهيم أوشان، قرار استفادة رجل الأعمال، علي حداد، من قطعة أرض، استفاد منها حداد بمساحة 1555.72 م، وهذا بغرض إنشاء محطة جهوية للتلفزة ويوميتان للصحافة المكتوبة منذ تاريخ 26 09 2013. ولم يباشر أي أشغال ولا إنجاز. وجاء هذا القرار في إطار تطهير العقار الصناعي من المستثمرين الوهميين واسترجاع الأوعية العقارية ذات منفعة عمومية.
يذكر أن وزارة الداخلية أمرت ولاة الجمهورية باسترجاع العقار الصناعي، وإحالة ملفات المستفيدين على العدالة، والعمل على الطعن في وضعيات عقارية، وشددت على الأميار والولاة عدم التغاضي عن العقارات التي منحت في إطار الاستثمار.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/06/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زهية رافع
المصدر : www.elbilad.net