الجزائر

تعلمتُ اللغة العربية على يد أستاذي الجزائري الكاتب المصري جمال الغيطاني ل"الفجر الثقافي":


تعلمتُ اللغة العربية على يد أستاذي الجزائري                                    الكاتب المصري جمال الغيطاني ل
هناك مخطط إخواني لتصفية العديد من الأقلام المصرية
يؤكد الكاتب المصري جمال الغيطاني، أن هناك سحابة من الخوف تخيم على العديد من الكتاب والأدباء في مصر من مواجهة ”مصير أسود” بعد صعود الإخوان إلى الحكم.. كما يوضح الغيطاني عبر الحوار الذي أجريناه معه في مكتبه بصحيفة ”أخبار اليوم” المصرية، أن هناك مخططا إخوانيا لتصفية العديد من الأقلام التي عرفت بمواجهتها لمشروع الإخوان الإسلامي.. جمال الغيطاني الذي يعد واحدا من أهم الكتاب العرب في الوقت الحاضر، والذي يوصف بأنه صاحب مشروع روائي فريد، استلهم فيه التراث المصري العربي ليخلق عالما روائيا عجيبا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجا، لم ينكر أن للجزائر فضلها في إثراء ثقافته العربية..
بداية دعنا ننطلق من التاريخ، ما الذي يذكره الكاتب جمال الغيطاني عن تاريخ المشترك بين الجزائر ومصر؟
= ذاكرتي مفعمة بالصورة الجزائرية، وقد أفاجئك إذ أُعلمك أن أستاذي في اللغة العربية خلال مرحلة الإبتدائي والذي تعلمت على يده اللغة العربية كان جزائريا من شيوخ الأزهر، وطبعا كانت الجزائر في وجود المصريين بلدا مكافحا، ومصر كانت أحد البلدان المساندة للجزائر، ومازلت أذكر وصول بن بلة إلى مصر في أول يوم وكان مشهدا رهيبا عندما التفت حوله الجماهير المصرية. كانت الجماهير فخورة جدا ببن بلة إلى درجة أنهم قاموا برفع السيارة التي كان يستقلها، في جولة بميدان العباسية.. أنا كنت وقتها لا أزال طالبا وكان ذلك سنوات الستينيات، ولم يكن بن بلة وقتها قد انتخب رئيسا للجمهورية الجزائرية بعد.
كيف كان أول لقاء لك في مصر مع كتب الأدب الجزائري؟
= بداية تعرفي على الأدب الجزائري، كانت من خلال التعرف على ثلاثية البيت الكبير لمحمد ديب، التي كانت مترجمة في سوريا ثم وصلت الترجمة إلى مصر بعد وقت قصير من صدورها رغم صعوبة تنقل الكتاب في العالم العربي في تلك الفترة. كان ذلك في بداية السبعينيات أو في أواخر الستينيات، ثم قرأت رواية ”نجمة” لكاتب ياسين ورواية ”ليس على رصيف الأزهار من يجيب” لمالك حداد، وأيضا ”ابن الفقير” لمولود فرعون.. وفي اهتماماتي التراثية قرأت أيضا لعبد الحميد بن باديس ومالك بن نبي، خلال فترة الستينيات لم يكن هناك من يهتم كثيرا بالتراث العربي. هذه معرفتنا الأولى بالأدب الجزائري، وكان للعراق دور هام لنعرف نحن في مصر الأديب الجزائري الكبير الطاهر وطار، الذي طبع روايته ”الشهداء يعودون هذا الأسبوع” في العراق، الحقيقة أن معلوماتنا واطلاعنا كمصريين على الأدب والفكر الجزائري قبل الاستقلال كانت قليلة جدا، وذلك لأن الأدب الذي كان يكتب بالفرنسية كان يأتي من خلال باريس، والأدب الجزائري الذي كان يكتب بالعربية كان نادر جدا في القاهرة.
هل يعني هذا أن الطاهر وطار كان محطة حاسمة في علاقة الجزائر بالمشرق الأدبي؟
= أكيد؛ وكانت بداية تعرفنا على الطاهر وطار، بداية لتعرفنا على أدب رشيد بوجدرة المترجم، و هو ما حفزنا للسعي وراء التعرف على الطاهر وطار الذي جاء إلى القاهرة فيما بعد على نفقته الخاصة، وأنا من قمت بتنظيم لقاءات أدبية له، وكان الطاهر وطار موضع حفاوة كبيرة من طرف المصريين، ومن ثم حرصت على السفر إلى الجزائر من أجل التعرف على الأدباء الجزائريين الذين لم نكن نعرفهم وحرصت على تقديهم من خلال مجلة أخبار الأدب المصرية، بالنسبة لي الجزائر بلد مهم وأنا كنت حريصا على ربط علاقات مع الجزائر نظرا لأن الجزائر تتمتع بكتابات أدبية جيدة باللغة العربية.
ظل الاهتمام الجزائري أيضا بالمشرق مهم جدا لدرجة أن بعض المفكرين يصفونها بعقدة المشرق، ما تعليقك ؟
= دائما أسمع في المغرب العربي الكبير هذه العبارة ”المشرق لا يتهم بنا، المشرق نحن نتطلع إليه وهو لا يتطلع إلينا..” وهذا غير صحيح، ربما تعلم أن معظم أقطاب الصوفية في مصر، كلهم مغاربة ومن الجزائر، مثل احمد البدوي، الذي يعتبر اهم قطب صوفي في الدلتة، وسيدي عفيف التلمساني سيدي عبد الرحيم القنبسبتي في الصعيد، والعديد في من الأقطاب الفكرية في القرى المصرية كلهم من المغرب العربي، وذلك كشرط أساسي من شروط القداسة.
هل يعني أنك راض تمام الرضا على مستوى التواصل الأدبي بين الجزائر ومصر؟
= لا تزال العلاقات الثقافية ضعيفة للأسف رغم وجود تواصل، فالمطلوب هو مزيد من التواصل مع الجزائر ومصر بحاجة إلى الجديد الأدبي، والمطلوب أن تلعب وزارة الثقافة دورا في هذا السياق مع الأدباء الجديد وأن لا تتوقف عند الكبار، فقد كان لوزارة الثقافة دور جيد في هذا السياق في الوقت السابق مع الطاهر وطار. كما أعتبت على الصحافة الجزائرية التي لا تقدم الكثير عن الأدب الجزائري نحن بحاجة اليوم إلى الأدب الجزائري، فالصلات الأدبية هي التي تستمر وهي الأعمق، فمن الحماقات التي ارتكبها النظام السابق هي أزمة كرة القدم مع الجزائر.
هل تذكر دراسات مصرية تتناول الفكر الجزائري؟
= نعم هناك، ففي مجال الدراسات الاكاديمية في جامعة القاهرة هناك العديد من الدراسات التي تتناول الأدب الجزائر، كما قلت لك هذا ينبع من مدى إدراك الشعب المصري بمكانة الجزائر وتاريخها الثوري، ويبقى الطاهر وطار من أبرز المحطات الفكرية الجزائرية التي يعرفه الشعب المصري، ربما جيل الشباب الجديد من الجزائر .
في الهيئة العامة للكتاب وأنا عضو في إدارة الهيئة نحرص على نشر الأدب الجزائري والفكر الجزائري، المهم أن تصلنا نصوص جيدة و يمكن للشباب الجزائري الاستفادة من خدمات الهيئة العامة للكتاب في مصر خصوصا، وأنا أعلم صعوبات النشر في الجزائر، على عكس مصر، فأسعار الكتب أقل وتكلفة الطبع أقل.
في سياق آخر، ما هو تقييمك لحركة الإنتاج الأدبي في مصر بعد ثورة 25 يناير؟
= أولا دعني أقول لك بشكل عام إن مصر تعيش ثورة مضادة (الحوار تم إجراؤه قبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية بثلاثة أيام)، كما أن الثورة المصرية هي ثورة سيئة الحظ وذلك أيضا على مستوى الأدب الذي صدر في مصر بعد ثورة 25 يناير، لا يستوقف النظر، فكل ما صدر في مصر بعد الثورة هو أقرب إلى اليوميات إما مقالات مع الثورة وإما أقلام تتاجر بالثورة، فهي ثورة فعلا سيئة الحظ. أنا شخصيا أتجنب كتابة ثورة في مقالاتي فلقد أصبحت شيء مبتذل للأسف.. الموجود حاليا من الكتابات التي لها قيمة هي الكتابة نظرية فقط.
ما الذي تحتاجه الثورة المصرية كي تعود إلى رشدها؟
= حسب قراءة في التاريخ فإن ال18 يوم الذي عاشتها الثورة المصرية من أعظم لحظات الثورات في العالم، خصوصا لأنها شهدت مشاركة قوية من فئات الشعب المهمشين، وقد حصل لقاء بين شباب الأنترنت وأفراد الشعب البسطاء الذين خرجوا بعفوية لم يقدها تنظيم ولا حزب ولا قوة، لهذا تم إجهاض الثورة المصرية بسرعة خصوصا بعد إنشغال شباب الثورة بقضاياهم الخاصة، كما أن النظام القديم استثمر في ذلك بشكل كبير.
^ اليوم هناك مشهد أساسي في مصر.. الثورة بين فكي الإخوان و الجيش.. في نظركم من هو عدو الثورة ومن هو صديقها؟
= أنا كتبت مقالا أدعو فيه إلى ضرورة للتضامن مع الثورة، وقلت ذلك للعلن في القنوات التلفزيونية، ولم يكن وقتها مبارك قد ترك الحكم بعد، وقد فسر كلامي على أنه دعوة للانقلاب العسكري في مصر، الجيش المصري وقف مع الثورة بشكل كبير، وقد كانت الدولة المصرية في خطر لولا إنضمام الجيش لحماية الثورية، وكان من السهل على الجيش المصري أن يقتل المتظاهرين وإحداث الفوضى، بينما مشاركة الإخوان كانت مختلفة واليوم يسرقون الثورة بشكل واضح جدا، أنا أقبل أن يحكم الجيش مباشرة ولا أقبل أن يحكم الإخوان.
لماذا تخشى من الإخوان؟
= أخشى على الثقافة و الفن، الإخوان لديهم مشروع دولة بديلة، فمحمد علي قام بتأسيس دولة حديثة على أساس النهضة ومصر قوتها في الثقافة والفن، المشكلة أن هناك قوى صاعدة لا تؤمن بالإبداع وحرية الفكر، ووصول الإخوان يعني الدولة الدينية، وهذا يمكن أن تلمسه بسهولة من خلال تصريحات محمد مرسى الذي يكرر دائما القول ”إحنا اناس بتوع ربنا”، لا أنا و لا أي أحد يستطيع أن يقف في وجه من يرفع القرآن، ولكن الإخوان يرفعونه لوجه المصلحة السياسية وسوف يمكنهم من تنفيذ ذلك عند وصولهم إلى السلطة. وأنا شخصيا والعديد من المثقفين نعد أنفسنا لمصير أسود بعد صعود الإخوان، ورغم ذلك لن أفكر في الهجرة خارج مصر. أنا أعرف الإخوان جيدا فقد كنت معهم في المعتقل في نفس السجن الذي يتواجد فيه مبارك الآن، أنا لا أشكك إطلاقا في حركة المصريين ولا حركة الشعب التونسي ولا الشعب الليبي، لكن هناك شئ غامض في المنطقة كلها و ما يحدث في مصر قد يطال الجزائر في أي لحظة، فهناك فرق بين من يقوم بالحركة وبين من يستثمر الحركة يقوم أساسا على فكرة إنشاء أنظمة إسلامية هشة لتصنع صدام مع إيران وتعطي الشرعية لإسرائيل.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)