تعريفات كثيرة تختلف عن بعضها البعض، وذلك وفقاً لطبيعة النّظام الدُّستوريّ، وظروف الدّولة السياسيّة والاقتصاديّة، وينقسم الفقه في تعريفه للدُّستور إلى معيارين أساسيين وهما: المعيار الشّكلي، والمعيار الموضوعيّ، ويعتمد المعيار الشّكلي على وجود وثيقة دُستوريّة تحتوي على مجموعة من القواعد والأحكام دون النّظر إلى طبيعتها، أمّا المعيار الموضوعي فهو يعتمد على مضمون القواعد الدُّستوريّة سواء كانت مكتوبة في الوثيقة أو غير مكتوبة، ويُفرّق المعيار الموضوعي بين القاعدة والقاعدة ، فهو يأخذ بعين الاعتبار مُحتوى النّص وليس مكانه.
وتعريف الدُّستور في المبادئ العامّة الدُّستوري: (مجموعة من المبادئ الأساسيّة المُنظّمة لسُلطات الدّولة والمُبيّنة لحقوق كلّ من الحُكّام والمحكومين فيها، والواضعة للأُصُول الرّئيسيّة التي تُنظّم العلاقات بين مُختلف سُلطاتها العامّة)، ويقول الدّكتور إبراهيم أبو خزام في الدُّستور أنّه مجموعة من القواعد التي تصدُر عن مُشرّع دُستوري، وهي تُنظّم عمل السُّلطات العامّة في الدّولة، وتُراعي حقوق وحُريّات المُواطن وتحميها.
يضُم الدُّستور أربعة رئيسيّة، وهي:
تنقسم الدّساتير إلى عدّة تبعاً لأمور مُعيّنة، فمن حيث التّدوين تنقسم إلى مكتوبة أو عُرفيّة، ومن حيث المُرونة في تعديل الأحكام فهي مرنة أو جامدة، ومن حيث الإطالة في التّفاصيل فهي دساتير مُطوّلة أو مُوجزة، أمّا من حيث ديْمُومتها فهي دائمة أو مُؤقتّة، والدّساتير حسب طريقة وضعها تكون أو غير ، وحسب نظام الدّولة تكون ملكيّة أو ، إضافة إلى تقسيمات أخرى غيرها، وفيما يلي توضيح بسيط للأساسي منها:
وتُدعى أيضاً المُدوّنة وغير المُدوّنة، فالدُّستور المُدوّن هو الذي تصدُر أحكامه على شكل نُصوص شرعيّة في وثيقة واحدة أو أكثر، وتكون صادرة عن هيئة مُختصّة بذلك، ولا يُشترط أنْ تكون جميع الأحكام مكتوبة وإنّما غالبيّتها، أمّا الدّساتير غير المُدوّنة أو فهي التي تكون أحكامها ومبادؤها عُرفيّة، وغير صادرة عن هيئة رسميّة مُختصّة، والأصح أنْ تُسمّى بالدّساتير غير المُدوّنة؛ وذلك لأنّها لا تشتمل على الأعراف فقط، وإنّما على أحكام القضاء أيضاً.
الدُّستور الجامد هو الذي لا يُمكن إجراء تعديلات على أحكامه بسُهولة ويُسر، وليس المقصود به استحالة التّعديل، وإنّما يكون تعديل الأحكام أكثر صُعوبة من القوانين العاديّة، وتُحال إجراءات التّعديل إلى هيئة غير تلك المسؤولة عن القوانين العاديّة، وجُمود الدُّستور ينطبق على جميع قوانينه حتّى تلك التي تحمل طبيعة غير دُستوريّة، مثل نُصوص الأُسرة والمُجتمع، ولا ينطبق الجُمود على النُّصوص الدُّستورية المُنظّمة في قوانين خاصّة مثل قانون مجلس النُّواب أو الأحزاب السّياسيّة.
وبالنّسبة للدُّستور المرن فهو الذي يُمكن تعديل أحكامه بالطّريقة نفسها التي تُعدّل فيها القوانين العاديّة، وتقوم بذلك السُّلطات المسؤولة نفسها عن تعديل القوانين العاديّة، وغالبا تكون الدّساتير غير المُدوّنة دساتير مرنة؛ لأنّها نشأت عن طريق الأعراف أو الأحكام القضائيّة السّابقة وبذلك يتم تعدليها بإصدار تشريع جديد يُخالف القديم.
الدُّستور الدّائم هو الذي يتم وضْع أحكامه لتُنظّم أوضاع الدّولة لأجل غير مُحدّد، وقد ظهر هذا المُصطلح ليتم تمييز الدّساتير المُدوّنة عن غير المُدوّنة؛ وذلك لأنّ الدّساتير غير المُدوّنة لا يُمكن أنْ تكون إلّا دائمة؛ كونها تصدُر من الأعراف والأحكام القضائيّة السّابقة، أمّا الدُّستور المُؤقت فهو الذي يصدُر بهدف تنظيم الدّولة خلال فترة انتقاليّة، أو لفترة مُؤقتة إلى حين سَنّ دُستور دائم للدّولة، ولا يُصرّح بفترة ديمومته وإنّما يُشار في أحكامه إلى أنّه مُؤقت، وتُسنّ مثل هذه الدّساتير في فترات الانقلاب أو الثّورة بحيث تكون الأوضاع غير مُستقرّة فتلجأ الهيئة التّشريعية لذلك.
الدُّستور المُوجز هو الدُّستور الذي تُنظّم أحكامه الدّولة دون إسهاب، بحيث يكون عدد النّصوص مُحدّداً ولا تخوض في التّفاصيل، وتتْرُك هذه الدّساتير المسائل الفرعيّة والدّقيقة للأعراف، أمّا الدُّستور المُطوّل فهو الذي يخوض في التّفاصيل، ويُسهب في القضايا الفرعيّة، ويُعالج قضايا من اختصاص المُشرّع العادي، كما أنّه ليست هناك أيّ علاقة بين إيجاز الدّستور وديمومته، فالدّستور المُوجز هو دُستور إمّا دائم وإمّا مُؤقت.
تُقسّم الدّساتير إلى وغير ، وذلك تبعاً لأسلوب وضعها، وتضع هذه الدّساتير الجمعيّة التأسيسيّة أو الاستفتاء الدُّستوري، حتى وإن كانت الصّلاحيّات بيد هيئة واحدة، أمّا الدُّستور غير الديمقراطي فيُوضع بأسلوب العقد، وهو بذلك غير ديمقراطيّ حتّى وإنْ كانت الصّلاحيات مُوزّعة على السُّلطات الثّلاث، وتحتوي على مبادئ ديمقراطيّة في نُصوصها.
من أهم القواعد التي يُعالجها الدّستور سواء كان شكلياً أو موضوعياً:
يتم وضع الدُّستور وسنّ قوانينه وأحكامه بطرق ديمقراطيّة وغير ديمقراطيّة، والطرق هي:
يُقصد بسُموّ الدُّستور أنّ أيّ قاعدة دُستوريّة تعلو على كافّة القواعد التي تُطبّق في الدّولة سواء شكلياً أو موضوعياً، وبالتالي فإنّ نظام الدّولة محكوم بهذه القواعد الدُّستوريّة، وعلى كافّة سُلطات الدّولة أنْ تُمارس أيّ اختصاص وفق تلك الأحكام والقواعد، ومن نتائج سُموّ الدُّستور أنّ قواعد الدستور وأحكامه تُصبح أكثر ثباتاً من القوانين العاديّة، ولا يُمكن إلغاء أي قاعدة إلا باستبدالها بقاعدة أخرى، كما أنّه لا يُمكن أنْ تُخالف القوانين العاديّة أي قاعدة دُستوريّة.
ويختلف السُّمو الموضوعي عن السُّمو الشّكلي للدُّستور، وفيما يلي توضيح بسيط لكل منهما:
يكون السُّمو الموضوعي للدّستور في الأمور التي تُنظّمها قواعده، مثل أُسس وقواعد نظام الحُكم، وتحديد الفلسفة الاقتصاديّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة لنظام الحُكم، وبإنشاء السُّلطات العامّة في الدّولة، وتحديد كيفيّة تعاملها ومُمارسة وظائفها، ويُسمّى أيضاً بالسُّمو المادّي، ومن نتائجه أنّه يُعزّز مبدأ المشروعيّة، حيث يخضع الحاكم والمحكوم للقوانين والأحكام الصّادرة عنه، كما تقوم السُّلطات الثّلاث، التّشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة بمهمّاتها وفق أحكام وشُروط الدُّستور، ويُمنع أيضاً تفويض أيٍّ من مهمّات السُّلطات الثّلاث التي منحها إيّاها الدّستور لأي جهة أخرى.
يتحقّق هذا النّوع من السُّمو عندما تكون إجراءات تعديل أيّ من أحكام الدُّستور مُعقّدة، ومن نتائج ذلك أنّ يُصبح الدُّستور في قمّة الهرم، ولا تستطيع أيّ هيئة أن تسنّ أيّ قانون مُخالف لأحكامه، وهذا يشمل جميع قواعد الدُّستور في الدّساتير الجامدة، أمّا المرنة منها فلا يتحقّق هذا النّوع من السُّمو لها؛ لأنّه من المُمكن أن تُعدّل أحكامها بإجراءات تعديل أيّ قانون آخر.
تاريخ الإضافة : 15/07/2019
مضاف من طرف : mawdoo3
صاحب المقال : محمد فيضي
المصدر : www.mawdoo3.com