تظاهرة ركب سيدي الشيخ 2022بالابيض سيدي الشيخ

ركب سيدي الشيخ:

كانت ولا زالت مدينة الابيض سيدي الشيخ صوفية النشأة والنفوذ والنشاط، خاصة بعدما صارت مثوى الزعيم الروحي للمنطقة: الوليّ الصالح عبدالقادر بن محمّد السماحي، المعروف بـ'سيدي الشيخ'، الذي تسمّت المدينة به، حيث احتضنت هذه المدينة زاويته وضريحه وطريقته التي لها أتباع داخل الوطن وخارجه، فغدت بذلك مزارًا مقصودا لأتباعه ومريديه وذويه، وأصبح هذا المكان يعرف حركة موسميّة مغاربية تستقطب آلاف المحبّين والمرتادين من كلّ أقطار البلاد، ويُعرف هذا المهرجان الثقافي الموسميّ بـ 'الركب'، الذي يعود الفضل في تنظيمه على ما هو عليه إلى سيدي بن الدين مع بداية ق18، حيث حقّقت الزاوية في هذا العهد من التوسّع والمنجزات ما لم تحقّقه في غيره من العهود.

ويُعدّ ركب سيدي الشيخ تجمّعا لا مثيل له في الجزائر وربما في منطقة المغرب العربي كلها، وهو كما يبدو تقليد لمسيرة القافلة (الركب) التي حملت جثمان سيدي الشيخ من قصر 'ستيتن' إلى الابيض سيدي الشيخ في موكب جنائزي تاريخي مهيب في ماي 1616، ومنذ ذلك الحين أصبح ركب سيدي الشيخ يتكرّر بمناسبة وفاته سنويّا، وهكذا تحوّلت عادة زيارته في إلى عُرف بعد وفاته، وصار الناس يلتقون في مكان دفنه لإحياء مناقبه وتذاكر سيرته وآثاره، وتوسّعت دائرة الزوّار مع الوقت لتبلغ أقصى الجنوب وأقصى الشمال وتتوغّل شرق المملكة المغربية.

هكذا تميّزت مدينة الابيض سيدي الشيخ وزاويتها بتقدير وإجلال عظيم، حيث أكنّ لها سكّان المنطقة المحبة والتبجيل منذ تأسيسها إلى اليوم، وشاطرهم في هذا سكّان شمال أفريقيا والأتراك، مثلما أحبّوا مؤسسها ودفينها سيدي الشيخ الذي جمع بين الشريعة والعلم والجهاد والتصوّف، وكما أحبّوا ذرّيته التي واصلت بين كلّ قبائل المنطقة مسيرة المقاومة والقيادة الدينية والسياسية.

تعدّ حاليّا تظاهرة الركب فرصة لتنظيم المحاضرات الدينية، والجلسات العلمية، والندوات الأدبية، وإصلاح ذات البين، واستعراض فنون الفروسية والفنتازيا، بالإضافة إلى إطعام الضيوف وإيوائهم، إلى غير ذلك من المظاهر الثقافية، ممّا جعل منظمة اليونسكو تصنّف هذه المناسبة ضمن التراث العالمي اللامادّي منذ سنة 2013.

المرجع: كتاب إمارة أولاد سيدي الشيخ للطيّب بن براهيم، بتصرّف وإضافة ووثاىق أخرى

إعداد: الدكتور عبدالحاكم بالحيا

عضو مخبر التراث الثقافي بالجنوب الغربي الجزائري، ولايتا البيّض والنعامة