الجزائر

" تصيب الجنسين، والعشرية السوداء أنتجت أنواع جديدة" الأطباء النفسانيون يحصون أكثر من 600 نوع من الفوبيا




  "أخاف من الأماكن المرتفعة"، "لا أتحمّل البقاء في غرفة مغلقة"، "أخشى التحدث أمام الملأ"، "ترعبني القطط والصراصير"، ليست عبارات دلال كما يظن البعض بل هي أحاسيس تعبر عن واقع مرضي للعديد من الناس، والذي يطلق عليه الأطباء النفسانيون مصلح "الفوبيا" أو "الرهاب"، هذا المرض الذي يجمع المختصون أنه منتشر بشكل كبير لدى غالبية الناس مهما كان سنهم أو جنسهم، مؤكدين أن الاعتراف بالمرض يسهل عملية العلاج. بالرغم من فشل الأطباء في التوصل إلى الأسباب الحقيقية المؤدية للإصابة بالفوبيا، وكذا تعدد أنواع هذه الأخيرة التي قالت الدكتورة جليلة زهيد إنها تفوق 600 نوع تم اكتشافه إلى حد الآن، إلا أن تعريف العلماء لهذا المرض واحد يتلخّص في كونه مرض نفسي يجسده الخوف غير الطبيعي من الأشياء التي يجدها الآخرون عادية، كما يدخل هذا النوع ضمن الأمراض النفسية الخفيفة التي يسهل علاجها إذا اقتنع الشخص بمرضه وضرورة تشخيصه. وفي ذات السياق، تقول الدكتورة المتخصصة في الأمراض النفسية الدكتورة "نسيمة.م" إن المصابين بالفوبيا يتعرضون للكثير من المواقف الحرجة في تعاملهم مع الناس، نتيجة اندفاعهم واضطرابهم عند مواجهتهم للشيء الذي يثير مخاوفهم. ومن جهتها اعتبرت الدكتورة النفسانية جليلة زهيد أن الرهاب الاجتماعي هو من أكثر أنواع الفوبيا انتشارا في العالم، والذي ينتج عن الخوف من الاحتكاك بالناس، مما يدفع أغلب المصابين للاعتذار عندما يضطرون للمشاركة في المناسبات الاجتماعية، وتقول إن العوامل الدفينة وراء هذا النوع من الرهاب تكمن في الخوف من المجهول، والخطأ وكذا تجنب الانتقادات. العشرية السوداء أنتجت أنواعا جديدة من الفوبيا اعتبرت الدكتورة جليلة زهيد أن الأوضاع الأمنية التي مرت بها الجزائر في السنوات الماضية ساهمت بشكل كبير في ظهور أنواع جديدة من الفوبيا، تتعلق مجملها بالخوف من كل الأشياء التي كانت تشكّل مصدر خطر بالنسبة إليهم، كالأصوات المرتفعة، صوت الطلقات النارية.. مريم (40 سنة) من المدية أخبرتنا أنها ترتعب في كل مرة تسمع صوت الرصاص، أو تشاهد منظر الجنود، وتشعر بالكثير من القلق الذي يصاحبه تسارع نبضات قلبها، ما فسّرته أمها بالرعب الذي عاشته المنطقة خلال العشرية السوداء. كما أكدت الدكتورة جليلة أن أغلب المصابين بفوبيا الإجرام والخيانة هم ممن يتراوح سنهم بين الـ30 والـ40 سنة من الذين شهدوا الأحداث المأساوية في الماضي، مؤكدة أن الأعراض تظهر من خلال خوف هؤلاء من الضوضاء وكل ما له علاقة بالسيناريو الذي عايشوه في الماضي. الرجال والنساء متساوون في الخوف نفت الدكتورة جليلة زهيد ارتفاع نسبة الإصابة بالفوبيا عند النساء، بل اعتبرت كلا الجنسين متساويين في ذلك، إلا أن سبب الاعتقاد بوجود اختلاف بين الجنسين هو كون الرجل لا يظهر مخاوفه تفاديا لاتهامه بالجبن، عكس المرأة المعروفة بحساسيتها وبكونها الجنس الأضعف الذي يبدي نقائصه ليحظى بدعم الآخرين ومساندتهم. كما اعتبرت أن العديد من أنواع الفوبيا أكثر انتشارا في أوساط الرجال من النساء كرهاب الخلاء والخوف من الأماكن العامة كالحافلات والأسواق، إضافة إلى الخوف من الأماكن المرتفعة. أسباب الإصابة مجهولة بالرغم من أن الطب النفسي لم يتمكّن من تحديد بوضوح الأسباب المؤدية لظهور الفوبيا، فيما ذهبت الدكتورة "نسيمة.م" إلى القول بأن المريض يكون قد تعرض لخبر أو حادثة مؤلمة في الماضي تحوّلت مع الوقت لسبب في الخوف والذعر من أمر ما بطريقة مبالغ فيها، خاصة في ما يتعلق بالأماكن سواء الضيقة، الفسيحة، العالية أو المغلقة فهي تعتبر أنها تنتج عن تجربة مؤلمة سابقة. وترجع ذات المتحدثة سبب الإصابة بهذا المرض النفسي، إلى الاحتكاك واكتسابها من الآخرين خاصة الأقارب وتحديدا الآباء الذين تعتبر أنهم يتسببون بذلك من خلال تهديد أطفالهم أو بإرعابهم من بعض الحيوانات أو الظلام وغيرها، أو بتعلم عادات الخوف تلك من آبائهم المرضى. العلاج يتطلب الاعتراف بالمرض  وشدّدت الدكتورة نسيمة على ضرورة اعتراف المريض بإصابته بالخوف المرضي الذي يستطيع بسهولة ملاحظة أعراضه، مؤكدة أن ذلك بإمكانه تسهيل عملية العلاج التي لا تتطلب حسبها الكثير من الجهد مؤكدة أن نوع العلاج يكون حسب الأعراض وشدتها. ومن جهتها، اعتبرت الدكتورة جليلة زهيد أن أحسن طريقتين مستعملتين في الشفاء هما العلاج السلوكي الذي يدوم قرابة الـ50 دقيقة، والبرمجة اللغوية العصبية التي تعتبر آخر وأنجع طريقة للعلاج لا تتجاوز 5 إلى 10 دقائق، والتي تستعمل خلالها المواجهة بمصدر الخوف. وتجسيدا للمثل القائل "الوقاية خير من العلاج" تنصح الدكتورة نسيمة الأولياء بالحذر في تعاملهم مع أطفالهم، وتجنب طريقة التخويف بأي شيء كان لأن الأمر مرجح لأن يتحوّل من مجرد تهديد إلى مرض نفسي يظل ملازما لهم طيلة حياتهم، كما أشارت إلى ضرورة تفادي الأولياء إظهار مخاوفهم أمام صغارهم لأنهم قدوتهم. إيمان مقدم   


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)