الجزائر

تشريعيات الجزائر هل ستجنب البلاد مصير الربيع العربي؟



تشريعيات الجزائر هل ستجنب البلاد مصير الربيع العربي؟
كما كان منتظرا؛ جاءت تصريحات رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز يوم 2012/05/15 ، مطابقة - مع اختلاف بسيط- للنتائج التي أعلنها ولد قابلية، وزير الداخلية الجزائري، عشية إجراء اقتراع العاشر من الشهر الجاري.
وكان لافتا من إعلان بلعيز، التأكيد وتزكية أرقام وزارة الداخلية، بما لا يبقى معه مجال للشك أو التشكيك في نسبة المشاركة المقدرة ب 43.14 ' أو بفوز جبهة التحريرالوطني والتجمع الوطني الديمقراطي ب291 مقعدا من أصل 462، العدد الكلي لمقاعد البرلمان.
إذن، لقد أسدل الستار على تشريعيات الجزائرلهذه السنة، مع ما صاحبها من صخب إعلامي وجدل سياسي حول جدواها، بين المؤمنين الداعيين للمشاركة فيها وبين المقاطعين لها، لتبدأ موجة أخرى للتشكيك في نتائجها من معظم الأحزاب المشاركة، ليصل الأمر بالبعض منها إلى حد التلويح بعدم الاعتراف بشرعية البرلمان المقبل وبالتالي مقاطعة جلساته.
وبالنظر للنتائج المعلنة، يرى كثير من المراقبين، أن صناع القرار الجزائري استطاعوا كسب رهان تنظيم انتخابات في ظل وجاهة مبررات الوعاء الانتخابي المقاطع، وفي مواجهة دعوات لضرورة التماهي مع محيط إقليمي، ما زال يتفاعل مع مخرجات الربيع العربي. ولكسب ذلك الرهان، سخرت الدولة كل ما لديها من إمكانات مادية ومعنوية- بما فيها توظيف الشرعية التاريخية واستعمال الرموز الوطنية - لدغدغة مشاعر الناخبين الذين لم يجدوا ضالتهم في كثير ممن ترشحوا لعضوية البرلمان.
ورغم انتهاء العملية الانتخابية وفق ما خططت له السلطة، إلا أن كثيرا من المراقبين ما زالوا متوجسين من نتائج عملية لم تكن في يوم من الأيام وسيلة للتداول السلمي على السلطة وتكريس معايير مبدأ الانتخابات الديمقراطية، بل غاية لتلميع صورة نمطية لنظام مازال ينظربسلبية كبيرة لدورالهيئة التشريعية في إثراء الحياة السياسية. وقد نبه لهذا المعضلة حكيم الجزائر المرحوم عبد الحميد مهري بقوله: 'إن نظام الحكم يخطئ، حينما يعتقد بأنه يقوي الدولة بإضعاف الأحزاب'.
هذا ولقد أعطت حالة التشرذم التي دخلت بها الأحزاب- بما فيها الأحزاب الإسلامية - عملية الاقتراع الغطاء السياسي للإدارة لكي تهندس صورة جديدة قديمة لبرلمان سيكون حريصا على استنساخ وتوريث سياسات أثبتت فشلها، وبالتالي استبعاد أي أمل لتغيير حقيقي وجذري يمهد لانتقال سلس من نظام شبه رئاسي إلى نظام برلماني، تعود فيه الكلمة لنواب الشعب.
وعليه فإن ما آلت إليه تشريعيات الجزائر من نتائج، لن يكون نهاية المطاف، في ظل تواصل الإحتجاجات والإعتراضات حتى ممن انخرطوا في العملية السياسية، لأن السلطة باعتمادها الانتخابات بالصورة التي جرت بها، قد فتحت الأبواب على مستقبل مجهول عبر عنه شفيق مصباح، الضابط السابق في جهاز المخابرات وأحد العارفين بخفايا النظام بقوله: 'انتخابات العاشر من مايو، كانت حلا خاطئا لمشكلة حقيقية، لأنها فتحت بابا واسعا أمام الجناح السلفي كي يستثمر في احتمال حدوث انتفاضة، بسبب الفراغ الذي تركته الأحزاب والنقابات والحركة الجمعوية في الساح'. ويذهب بعيدا في وصف مخاطر تفويت فرصة الانتخابات للتغيير السلمي بقوله: 'أعتقد أن الانتفاضة لا مفر من حدوثها، وإن تأجلت بفعل السلطة في شراء السلم الاجتماعي بأموال البترول، لكن هذا التأجيل سيزيد من شحنة الانفجار'.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)