الجزائر

تسوية العقار.. ملف مجمد بعراقيل كثيرة


تسوية العقار.. ملف مجمد بعراقيل كثيرة
أفرحت الحكومة ثغور آلاف المواطنين من خلال إعلان تسوية ملفات السكنات غير المسجلة، بما يسمى باصدار قانون تسوية البناءات، هذا القرار ارتاح له الآلاف ممن بقوا عالقين بين مطاردة المسؤولين وإعالة العائلات أو الطرد إلى الشارع، لكن سرعان ما تحول هذا الحلم إلى كابوس حقيقي، بقي بسببه الآلاف من هؤلاء في محطة انتظار التطبيق، بسبب بعض القيود التي أحالت الملفات على الرفض أو التجميد ما يحيل سكنات كثيرة على خانة المجهول."السلام" فتحت الملف وأخذت من سطيف نموذجا، باعتبارها مقياسا لسرد الحالة، كونها الثانية من حيث التعداد السكاني، ومشاكل التسوية بها تسير وفق تعقيدات أكيد لن تزيد الوضع إلا تعقيدا. القانون رقم 08/15...05 سنوات من التعقيد لجأت الدولة أمام الفوضى العارمة التي عصفت بالوجه العمراني خلال السنوات الأخيرة من خلال وزارة السكن والعمران، إلى اصدار قانون تسوية البناءات، خاصة الفوضوية منها وغير المطابقة للمواصفات، يحمل رقم 08/15 قصد تنظيم الوجه العمراني والقضاء على الفوضى السائدة، والتي بدأت تداعياتها تفرز مشاكل بداية من نهاية السبعينات والثمانينات، أو ما يسمى بزمن النزوح الريفي المكثف، علما أن المرسوم الوزاري يقضي بضرورة تسوية كامل البناءات قبل 20 جويلية 2013، لكن الأمر يراوح مكانه وعشرات الأحياء السكنية لازالت تنتظر التسوية رغم التمديد ب03 سنوات إضافية، أي إلى غاية 2017، وبالنظر إلى المدة التي مرت على القانون المذكور والتي فاقت 4 سنوات فإن الحصيلة المحققة تؤكد استحالة الوصول إلى الأهداف المرجوة قبل انقضاء الآجال المحددة.وحتى المصالح المعنية تؤكد صعوبة تحقيق ما ورد في القانون المذكور لأن الواقع بعيد كل البعد عن إمكانية تطبيق الإجراءات اللازمة، والأمر الذي سيزيد من تعقيد الوضع حسب المتتبعين هو التغييرات التي ستحدث آليا بعد سنة 2013 استنادا إلى ما ورد في القانون المذكور. على سبيل المثال شهادات الحيازة لدى المواطنين تعتبر ملكية سابقا، لكن بعد 2013 ستصبح غير كافية ولابد من ملكية عقارية للأراضي والبنايات، ويجب أن تتوفر لدى هذه الأخيرة دفاتر ورخص البناء مستقبلا، وهوالواقع الذي يطرح حسب المتتبعين تساؤلات عليها علامات استفهام كبيرة، بحيث أن المواطن يجد نفسه مضطرا لأن يسوي الوضعية، ولكن حتميا المواطن مضطر أن يسوي الوضعية، ولكن سيصادف عراقيل بيروقراطية، ومشاكل الوراثة، لمن لم يسووا سابقا العقود، وقد مات أهاليهم سواء إخوة أو أباء. هنا المشاكل ستتفاقم، وربما أيضا من لا يملك الوثائق سابق وكانت أرض له منذ الثورة، كيف ستتعامل معهم الدولة، يعني أن هذه المدة غير كافية لتسوية كل هذا، إضافة إلى التكاليف التي بما هناك من لايقدر عليها، خاصة وأنه حسب البعض من أصحاب مكاتب الدراسات الخاصة الذين تحدثنا معهم فإن مبالغ تكوين ملف التسوية، والرسوم اللاحقة بذلك، وكذا رسوم الملكية وغيرها فإن تكاليفها قد تتجاوز 10 ملايين سنتيم.الإجراءات التقنية.. تقييد آخرالملف الذي فتحناه بولاية سطيف سجلنا من خلاله المئات من الحالات التي لازالت جامدة إلى أجل غير مسمى على مستوى العديد من فروع مصالح البناء والتعمير التي زرناها، أين أكد لنا القائمون عليها بأنه توجد نسب كبيرة من البنايات على مستوى كافة الأحياء بدوائر الولاية العشرين تواجه هذا الإشكال، على اعتبار أن هذه المساكن انجزت في فترات سابقة، وهي فترات غابت فيها الهندسة المدنية والمعمارية، على اعتبار أن "البناء" هو المهندس ويقيم طابقا فوق طابق بدون حسابات، ولا أساسات قادرة على تحمل الثقل الكبير، والقانون المذكور يلزم الراغبين في التسوية بالمرور على المهندس المدني المطالب بالتنقيب عن الأساسات والأعمدة الحاملة للثقل والروافد التي توزعه بانتظام، وخلال عملية المعاينة يتم فحص نظام التسلح ونوعية الخرسانة وكل كبيرة وصغيرة تتعلق بأمن البناء، ومدى قدرته على التحمل والصمود خاصة في أوقات الهزات الأرضية.وحسب المهندسين الذين تحدثنا معهم والذين انجزوا خبرات تقنية على العديد من البناءات القديمة المعنية بالتسوية، فإنه لو تم التقييد بالمقاييس التقنية فالغالبية من المساكن لن تمر ولا يمكن تسويتها، وبالتالي إما أن تبقى كما هي فوضوية بدون سند قانوني، وإما أن تهدم من الأساس ويعاد بناؤها على سبيل التسوية أو تخضع لترميمات جذرية تمس الأساسات والأعمدة والخرسانة، إذ كان ممكنا من الناحية التقنية والعملية وإما – يضيف محدثونا- أن تغض لجان التسوية الطرف عن كل هذا وتوافق على الطلب وتقبل بالأمر الواقع وتخلي مسؤوليتها من بناءات أنجزت قبل سنوات، وهو ما يجعل مصير ساكنيها مجهولا في ظل كل هذه العوامل التي تضاف لها عوامل مسح الأراضي التي باشرت في ولاية سطيف على غرار باقي ولايات الوطن، والذي أكيد سيكون له دورا في تحديد عديد هذه البنايات التي باتت بلا وثائق بالرغم من استغلالها سنوات وسنوات.ملفات طي النسيانالمشاكل السالفة الذكر تسببت في عزوف المواطن عن هذه العملية، إذ وحسب مصدر من مصالح البناء والتعمير فإن الآلاف من الملفات المودعة لديها لا تزال عالقة، بسبب عدم إقبال أصحابها لاستكمال الإجراءات المتبقية من هذه العملية، بحيث أن العبء قد ظهر لدى الموطن بعد الشروع في تطبيق هذا القانون، على عكس ما كان متوقعا لدى الكثير من المواطنين الذين تحمسوا في البداية معتقدين بأن القانون المذكور هدية انتظروها طويلا لطي مرحلة الفوضى، كما تفاءل أصحاب البنايات التي التهمت الملايير، ولم يعترف بها بعد لدى أملاك الدولة، لكن الواقع لم يكن حليفا لتصوراتهم، إذ اصطدموا بواقع آخر لم يكن يخطر ببالهم عندما شرع في تطبيق القانون الصادر في جويلية 2008، وفي ظل الوضع السائد فإنه وحسب مصدر مسؤول بمصالح البناء والتعمير فإنه تم اللجوء من طرف الوزارة الوصية إلى تمديد مدة الآجال لانقضاء مدة التسوية إلى ما بعد 03 سنوات كاملة، نظرا لعدم تحقيق الوثبة المطلوبة. مختصون: تمديد الآجال لا معنى له أمام إمبراطورية البيروقراطيةأمام عزم الحكومة تمديد المهلة المتعلقة بتسوية وضعيات السكنات والعقارات غير المكتملة والمسجلة بوثائق عرفية، والمحددة بثلاث سنوات، أكد مختصون أن وزارة السكن والعمران قامت بواجبها على أكمل وجه، وقد قدمت كافة التسهيلات، لكن صعوبات يجدها المواطن والمؤسسات على مستوى البلديات بسبب الإجراءات البيروقراطية التي تمارسها هذه المصالح، وعرقلتها للملفات المختلفة من خلال إبطائها في الإجراءات.ويقول العارفون بخبايا البيروقراطية أنه لا معنى لتمديد المدة في حالة ما بقيت الإجراءات البيروقراطية على حالها، سيما بالإدارة السفلى كمكاتب التعمير والدراسة وكذا البلديات والدوائر، وهو اشكال يبقى ملف العقار وتسجيله عن طريق عقود عرفية وعدم إتمام البنايات من أهل المشاكل التي تواجهها الجزائر منذ الاستقلال، حيث لم يتم معالجته في حينه وانتظرت الحكومة عقودا طويلة لتشرع اليوم في تسوية الملف، وهوما جعل متابعون يؤكدون أن مهلة 3 سنوات لن تكفي بدورها وعلى الحكومة البحث عن آلية أخرى لتحقيق الهدف.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)