الجزائر

تستفز ذاكرة الجزائريين وتهين ضحايا جنرالاتها فرنسا تمجد استعمارها للجزائر مع سبق الإصرار والترصد



  سبقت باريس، مرة أخرى، إلى ضرب ذاكرة الجزائريين، من خلال إعادة الاعتبار للجنرال بيجار كبطل تاريخي، رغم ما لذلك من إهانة للضحايا، حسب مؤرخين وسياسيين فرنسيين، الذين اعتبروا هذه المبادرة ''غير مؤسسة تاريخيا وخطيرة سياسيا ومشينة إنسانيا''. يأتي هذا في وقت كان وزير خارجيتها ألان جوبي قد أعرب، في لقائه مع أويحيى في جوان الفارط، عن ضرورة تفادي قيام من وصفهم بـ''متطرفي الجانبين'' من إحياء جراح الماضي دون جدوى، وذلك تحسبا لاستعداد الجزائريين للاحتفال بمرور 50 سنة على استرجاع السيادة الوطنية وطرد الاستعمار الفرنسي. وتكون هذه الاستفزازات الفرنسية التي يقف وراءها وزير الدفاع جيرار لونغي، وراء إرسال الأمين العام للكيدورسي وكذا وزيرها للداخلية، كلود غيون، لـ''جس'' درجة نبض قلب السلطة والشارع إزاء ''تمجيد جنرالات الاستعمار'' مع سبق الإصرار والترصد.      خلافا لما صرّح به جوبي
باريس تحيي الجراح القديمة وتستفز الجزائريين  قال وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبي، في 15 جوان الفارط، إنه خلال محادثاته مع الوزير الأول الجزائري، السيد أحمد أويحيى، بشأن الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر سنة 2012، أن الطرفين أعربا عن ''إرادتهما المشتركة لتفادي ما وصفه بـ''قيام متطرفي الجانبين بإحياء الجراح القديمة دون جدوى''. لكن فرنسا الرسمية، وبإيعاز من وزير دفاعها، داست على هذه الإرادة، وشرعت في عمل استفزازي ضد الجزائريين غداة تخليد 50 سنة من الاستقلال. قامت فرنسا الرسمية بمبادرة تحويل بقايا رماد الجنرال بيجار إلى دار المعطوبين (ليزانفاليد)، وهو ما اعتبره مؤرخون وشخصيات فرنسية، من بينهم المؤرخ محمد حربي والمقاوم السابق رايمون أوبراك وأرملة موريس أودان، السيدة جوزيت أودان، والأمين الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، بيار لوران، والنائب نوال مامار، بأن هذه المبادرة ''غير مؤسسة تاريخيا وخطيرة سياسيا ومشينة إنسانيا''، معربين عن رفضهم ''ربط كلمة بطولة بتاريخ هذا الرجل''. ولاحظ منتقدو المبادرة أن ''هناك بعض الدناءة في وضع بيجار في مصاف كبار العسكريين الآخرين الذين يرقدون هناك منذ قرون''. كما أشاروا إلى ''أن مثل هذه المبادرة ستكون بمثابة إهانة لعديد الشعوب التي تحصلت منذ وقت غير بعيد على استقلالها لقاء ضريبة كبيرة من التضحيات''. وتساءلوا ''هل فكرنا يوما ما هي الرسالة التي تستعد الحكومة الفرنسية إرسالها إليهم؟ فهل ذلك احتقار بأتم معنى الكلمة أم هو عدم وعي؟''. هذا التمجيد لعرابي الاستعمار ولأحد أكبر جنرالات فرنسا دموية، يأتي في الوقت الذي ردد ساركوزي في 2007 لدى زيارته لجامعة قسنطينة أن ''الاستعمار فعل شنيع وظالم يستحق الإدانة''. إن مبادرة تكريم السفاح بيجار، حيا وميتا، تظهر استمرار ''التصرفات الكولونيالية'' ضد الجزائريين، رغم ما يتردد من طرف ساسة باريس من وجود ''استعداد إيجابي'' لديهم لتحسين العلاقة مع الجزائر، من خلال الدفع بالعلاقات الاقتصادية إلى مزيد من التطور والشراكة. فهل يكون هذا الاستعداد من خلال تحويل بيجار إلى ''بطل''، رغم أن شوارع الجزائر لا تزال تحفظ قصصا مروعة عن التعذيب والقتل الممنهج الذي مارسه هذا السفاح بمعية مظلييه في حق الجزائريين. ويبدو أن باريس ترى في مطالبة الجزائريين بـ''اعتراف فرنسا الاستعمارية بجرائمها'' و''الاعتذار والتعويض''، نوعا من التطرف لدى الجزائريين الذي يقتضي ''التخلي عنه''، بينما إعادة الاعتبار لجنرال سفاح، مثل بيجار صاحب مقولة التعذيب خلال معركة الجزائر، كانت بمثابة ''شر لا بد منه''، لا يعد حسبها تشف في حق ضحاياه وإهانة لتلك الشعوب التي عانت من ويلات الاستعمار. ويكشف هذا الأمر أن الحد الأدنى الذي من المفروض أن تقوم به فرنسا الرسمية، وهو ''الوعي بما كانت تفعله'' ضد الشعب الجزائري في فترة استعمار دامت مائة وثلاثين عاما، ترفض أن تقف عنده أو تتذكره، وهو ما يعني أن الفكر الكولونيالي ما زال يتحكم ويمسك بسلطة قرار قصر الإليزي في سعيه لربح الانتخابات.         عبد الحميد سي عفيف ـ رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني تكريم بيجار حملة انتخابية واستفزاز لمشاعر الجزائريين       ما رأيكم في نقل رفاة الجنرال بيجار واعتباره بطلا في فرنسا، ألا تعتبر هذه الخطوة استفزازا لمشاعر الشعب الجزائري؟   أعتقد أن ما يقوم به ساركوزي يدخل في إطار الاستفزازات التي ضمت الطعن في كفاح الشعب الجزائري، ولا يمكن النظر إلى هذه الخطوة بمعزل عما بدر عن فرنسا في وقت سابق بتمجيد الاستعمار، واعتبار مجاهدي جيش التحرير إرهابيين كما تم في مؤتمر باريس لضحايا الإرهاب. ثم أنه يجب أن توضع العملية في سياقها. إنه يريد الدخول في الحملة الانتخابية واستقطاب الأصوات المعادية للجزائر واليمين المتطرف، وهذا انحراف كبير ولا يخدم العلاقات الجزائرية الفرنسية. ونستغرب هذا السلوك في وقت يبعث فيه ساركوزي موفدين لتطبيع العلاقات، هذه ازدواجية خطاب. وأعتقد أن الرئيس الفرنسي لديه كثير من الخلفيات والأفكار غير المعلن عنها. وزير الخارجية الفرنسي حذر في وقت سابق من استغلال من أسماهم بالمتطرفين في بلادهم للذكرى 05 للاستقلال؟   كما قلنا سابقا لـ''كوشنير''(وزير الخارجية الأسبق)، نكرر ذلك لـ''آلان جوبي'': لا يوجد في بلادنا وطنيون متطرفون، فالذي يمجد ثورته وكفاحه لا يمكن وصفه بالمتطرف. نحن نستذكر ثورتنا وكفاحنا، أما هم فبماذا يحتفلون؟ بهزيمتهم!؟  فالتطرف هو أن تمجد الاستعمار. ألا تعتبر أن تمجيد بيجار هو قمة التطرف؟  بيجار كان يجب محاكمته، وتكريمه استفزاز خطير وغير مقبول. وأتساءل هنا عن سر مبادرة الفرنسيين بالاحتفال بالذكرى الـ50 للاستقلال. نحن نرحب بالفرنسيين الذين ساعدوا الثورة وأولئك النزهاء ومحبي الحرية الذين ساهموا في إيقاف الحرب، ومن حقهم الاحتفال معنا.           المحامية فاطمة الزهراء بن براهم  ـ عضو هيئة مناهضة الفكر الاستعماري الفكر الاستعماري يزداد تكريسا وبيجار مكانه حفرة وليس متحفا    كيف تعلقين على نقل رفاة الجنرال بيجار واعتباره بطلا لفرنسا؟  بيجار هو الذي أشرف على معركة الجزائر من جانب جيش الاحتلال، وهو الذي خطف 80 ألف جزائري لم يعرف مصيرهم إلى اليوم، ويعتبر أكبر مجرم حرب ضد الإنسانية. لكن من تعتبرهم فرنسا أبطالا لها، نحن نعتبرهم مجرمي حرب وقتلة. وبالنسبة لنا، لا يستحق بيجار أن توضع رفاته بهذا المكان. من الناحية السياسية، ألا تعتبرين هذه الخطوة بمثابة استفزاز لمشاعر الجزائريين؟  بالضبط، هذا استفزاز صارخ، لا ننسى أن بيجار وجماعته اغتصبوا الجزائريات، وكان ضمن من اغتالوا الشهيد العربي بن مهيدي. هؤلاء الساسة يحنون للفكر الاستعماري، ويعتبرون ما قام به بيجار وأمثاله ''أفعالا إيجابية''. أقول إن المجرم مكانه ليس أكثر من حفرة في الأرض، وهؤلاء يؤكدون مرة أخرى أن الاستعمار فعل إيجابي على الجزائر، ونسيوا أن أموال الجزائر هي من أنقذ فرنسا قبل عقود. ألان جوبي حذر في وقت سابق من استغلال من أسماهم بالمتطرفين في بلادهم للذكرى 50 للاستقلال. في المقابل، تخطو باريس هذه الخطوة فيما يتصل برفاة بيجار؟  جوبي كان يقصد بكلامه المجاهدين الجزائريين وجماعة الأفالان، بينما أعتقد أن ليس هناك تطرفا أشد من تطرف لوبان وجماعته، والكل يعرف أن لوبان لا يختلف عن بيجار، فهو الذي طعن جزائريا مازال غبنه إلى الآن يحتفظ بالخنجر الذي نزعه من جسد أبيه في العاصمة. وعندما يتكلم جوبي هذا الكلام، نقول له إن الفرنسيين هم الذين احتلوا أرض الجزائر وهاجموها، أما الجزائريون، فكانوا في مواقع دفاعية لا غير. وفي يوم من الأيام، سوف يفهم الشباب الفرنسي أن ما نقله أجداده الذين يحملون فكرا استعماريا ويتحدثون عن مجرمين أبطال، كانت كلها أكاذيب.    

  ترتيب ''صفقة انتخابية'' أم تطمينات للجالية حول إجراءات ''التجنس والمواطنة''؟ كلود غيان في الجزائر بطلب من الإليزي وبأجندة غير معلومة  أفادت مصادر جزائرية رفيعة أن محيط الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ألح على الجزائر الموافقة على زيارة لوزير الداخلية، كلود غيان، الأحد المقبل. ونقلت المصادر لـ''الخبر'' أن زيارة المسؤول الفرنسي غير معلومة الأجندة، وربما تحمل محاولة ترتيب ''أمور انتخابية'' تتصل بالانتخابات الرئاسية المقررة الربيع المقبل، إثر إشارات جزائرية باحتمال دعم مرشح اليسار فرنسوا هولاند، مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي. كما أوضحت المصادر ذاتها لـ''الخبر'' أن الجزائر لم تكن وراء توجيه دعوة لوزير الداخلية الفرنسي كلود غيان، لكن محيط ساركوزي من ألح في قبول الزيارة التي وافق لحد الآن وزير الداخلية دحو ولد قابلية، فقط على استقباله، في انتظار معرفة أجندة الرئيس بوتفليقة، ورئيس الوزراء أحمد أويحيى ووزير الخارجية مراد مدلسي. وقال مسؤول كبير حول جدول أعمال الزيارة: ''لا يوجد أي جدول أعمال.. الفرنسيون طلبوا الزيارة، وربما تتصل بترتيبات انتخابية''. وقبل وصول كلود غيون إلى الجزائر، استقبل وزير الشؤون الخارجية، السيد مراد مدلسي، أول أمس بالجزائر العاصمة، الأمين العام للوزارة الفرنسية للشؤون الخارجية والأوروبية، السيد بيار سلال، ولم تتسرب منه أي معلومات.  ولعل أنباء عن كون الجزائر الرسمية تكون ربما قد فصلت في خياراتها لصالح مرشح اليسار فرنسوا هولاند الذي يحظى بصداقات كثيرة مع مسؤولين جزائريين، قد تكون وراء سعي كلود غيان للجزائر، على خلفية جدل أثارته وزارته اليمينية لدى فئات المهاجرين، على أساس إجراءات توصف بـ''التمييزية''، سيتم تطبيقها بداية من العام القادم حول قضايا الجنسية والمواطنة. وكان هولاند، مرشح الرئاسيات الفرنسية، قد قام بزيارة للجزائر في ديسمبر من العام الماضي، أجرى خلالها لقاءات مع رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ومع رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، والأمين العام لجبهة التحرير الوطني. غير أن أهم محطة في زيارته كانت تنقله إلى إقامة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة. وتنقل مصادر أن نيكولا ساركوزي قد يعرض ما يشبه الصفقة مع الجزائريين، بدعمه في انتخابات الرئاسة قياسا لغياب أجندة معلومة لزيارة كلود غيان، ويراقب محيط ساركوزي تحركات حثيثة للحكومة الجزائرية عبر ممثليها في فرنسا ولدى جالياتها والجمعيات التي يتأطرون حولها، ويشير إلى أنها تعتقد اليوم ببعض قدرة السلطة الرسمية في الجزائر على التأثير في خيارات جالياتها. ويستبعد أن يكون ملف ''الذاكرة'' محور تفاوض من قبل الفرنسيين، حيث يرفض اليمين فتح نقاش حول الاعتذار عن الفترة الاستعمارية، في وقت طرق فرنسوا هولاند في اليوم الأول من فوزه بالانتخابات التمهيدية بمناسبة ذكرى 17 أكتوبر 61 أحد الأبواب التي تعتقد الجزائر أنها مفتاح تطور علاقاتها السياسية بباريس، في وقت شهدت فترة حكم نيكولا ساركوزي أسوأ مراحل العلاقة بين الدولتين، بسبب رفض حكومته التعاطي مع مطلبي ''الاعتراف والاعتذار عن الماضي الاستعماري''. وفاجأ هولاند السلطات الجزائرية بتوجهه صبيحة الـ17 أكتوبر الماضي، إلى ''جسر كليشي'' في الضاحية الباريسية، حيث قام برمي باقة ورود في مصب نهر السين، حيث أعدم مئات الجزائريين قبل خمسين عاما على أيدي الشرطة الفرنسية. وقال إنه ''متضامن'' مع الضحايا الجزائريين في مجازر 1961 التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس.    


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)