أما في ما يخصني, وانطلاقا من صفة العلمية التي أدعيها لهذه المقاربة فسأميل للخيار الأول وهذا لأنني أؤمن أن إسهام التحليل العلمي في النقاشات المصيرية بالنسبة للمجتمع ضروري, بل يجب على هذا النقاش « أن يلعب دورا أساسيا وحاسما, حتى يمنع العلم من السقوط في الأيديولوجيا » ( CAIN, M. 1986. 237), ويمنع المجتمع من السقوط في جنون الوهم. لأنه كما يقول ( MARQUER, E.) معبرا عن آراء ( BACON ) و(LOCKE) « بالنسبة للحكيم يسير العقل أسرع من الجسد, وبالنسبة للأبله يكون العقل أكثر بطئا, أما المجنون فيحيد عن الطريق تماما » ( 2004. 17 ), فالعلم يحمل على عاتقه واجبا أخلاقيا خطيرا وحساسا, يتمثل في توجيه المجتمع حتى لا يقع في الجنون, وما أصعب جنون المجتمع. وفي الوقت نفسه هو مطالب بالمحافظة على حكمته من خلال توخي الموضوعية والدقة في الطرح.
انطلاقا من هذه المقدمة الضرورية سأحاول أن أتعرض لتجربة أعتبرها رائدة في المصالحة الوطنية, وتتمثل في تجربة جمهورية جنوب إفريقيا بعد تخلصها من نظام التمييز العنصري (Apartheid), لأستخرج نقاط القوة والضعف في هذه التجربة ثم أحاول على ضوء هذه النقاط أن أقيس حجم الفرص المتاحة لنجاح المصالحة الوطنية في الجزائر. وهنا أؤكد مجددا أن ما سأقوله في هذا المقال ليس كلاما سياسيا ولا ديماغوجيا بل محاولة اقتراب علمي على ضوء معطيات واقع المجتمع الجزائري اليوم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/09/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - غماري بي
المصدر : مجلة المواقف Volume 3, Numéro 1, Pages 331-345