الجزائر

تركيبة المجلس الانتقالي الليبي ترهن مكاسب الإطاحة بالعقيد القذافيصراعات داخلية تؤجل الإعلان عن الحكومة الجديدة




وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة أمر واقع حقيقي فرضه هذه المرة الفلسطينيون بإصرارهم على تقديم طلب الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين المستقلة إلى الأمم المتحدة خلال أشغال جمعيتها العامة التي تنطلق اليوم بنيويورك.
وفي محاولة لإفشال المسعى الفلسطيني، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التوجه بنفسه إلى نيويورك لحضور أشغال الجمعية العامة بهدف إقناع أعضائها بعدم التصويت على المطلب الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية.
وبينما تبقى فرص نجاح الخطوة الفلسطينية قائمة بالذهاب إلى الجمعية العامة الأممية بالنظر إلى حجم التأييد الذي تحظى به، فإن نتانياهو حاول مجددا إلقاء اللائمة على الجانب الفلسطيني وتحميله مسؤولية فشل مسار السلام بالزعم أن إسرائيل تريد السلام والفلسطينيون هم الذين يعطلون مسار المفاوضات المباشرة.
وقال ''سفرنا له هدفان، الأول التأكيد أن محاولة الفلسطينيين الالتفاف على المفاوضات ستفشل في مجلس الأمن والتعبير عن حقيقتنا في الأمم المتحدة'' وأضاف ''الحقيقة هي أن إسرائيل تريد السلام والفلسطينيون يعملون ما بوسعهم لتعطيل المفاوضات المباشرة...، وعليهم أن يفهموا أنه يمكن بلوغ السلام عن طريق المفاوضات وليس محاولة الالتفاف عليها عن طريق الأمم المتحدة''.
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن قناعته التامة في إفشال الولايات المتحدة المسعى الفلسطيني بعد أن هددت واشنطن أكثر من مرة بإشهار ورقة الفيتو في وجه الطلب الفلسطيني داخل مجلس الأمن الدولي.
وهو ما سيدفع بالرئيس محمود عباس للتوجه إلى الجمعية العامة للحصول على وضع الدولة غير العضو على غرار دولة الفاتيكان وهو الخيار الذي يستدعي تصويت أغلبية الدول الأعضاء والحصول على اعتراف 127 دولة من أصل 193 دولة الأعضاء في الأمم المتحدة.
عتبة، يبدو أن الفلسطينيين قادرون على بلوغها، خاصة وأن الرئيس الفلسطيني سبق وأعلن أن خطوة طلب الاعتراف بدولة فلسطين حظيت لحد الآن بدعم 126 دولة عبر العالم.
وهو رقم قلل من أهميته رئيس الوزراء الإسرائيلي بقوله إن أي لائحة يمكن ''تمريرها عبر الجمعية العامة'' وبلهجة حملت كثيرا من السخرية أضاف ''الجمعية العامة يمكن حتى أن تقرر أن الشمس تشرق من الغرب وتغرب من الشرق ولكن ليس لديها لا وزن وثقل مجلس الأمن'' في تأكيد واضح على أن اعترافا دوليا بفلسطين مستقلة عبر الجمعية العامة التي تبقى قراراتها معنوية وغير ملزمة لن يشكل أية مشكلة بالنسبة لإسرائيل.
والحقيقة أن الفلسطينيين المدركين جيدا لهذه الحقيقة يريدون إسماع صوتهم إلى العالم أجمع والتأكيد على أحقيتهم في إقامة دولتهم المستقلة التي ترفض إسرائيل ومعها الولايات المتحدة راعية السلام في العالم إعلانها.
وإذا كانت السلطة الفلسطينية تطالب باعتراف دولي لدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية فإن حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' أعربت أمس عن أملها في أن تعترف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية تشمل كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يبدو أن ميلاد الحكومة الليبية الجديدة لن يتم إلا عبر ولادة قيصرية بعد أن طال مخاض خروجها من رحم مجلس انتقالي وجد نفسه ضحية صراعات وتجاذبات داخلية حادة بين أطرافه سيستحيل حتى على حلف ''الناتو'' مساعدته في رؤية وليدها الجديد.
والمؤكد أن التأخر الحاصل في الإعلان عن ميلاد الحكومة الليبية لما بعد عهد الجماهيرية الاشتراكية يعد نتيجة منطقية على اعتبار أن علاقة الود التي أقيمت بين كل مكونات المجلس الانتقالي فرضتها تطورات سياسية وعسكرية مفاجئة ولكنها بدأت تتلاشى بالتدريج بعد أن تمكن مسلحو المعارضة بدعم من الأطلسي من حسم الأمور العسكرية مع نظام العقيد معمر القذافي وبدأوا في التفكير من الآن في الكيفية المثلى للتموقع السياسي والأمني في خارطة لم تتحدد معالمها الرئيسة وبكيفية تحدد الجهة التي يمكن أن تحصد أكثر المزايا من حرب أهلية أتت على الأخضر واليابس في دولة تعد من أغنى دول القارة الإفريقية.
وتؤكد تجاذبات الأيام الأخيرة والانتقادات التي ما انفك يكيلها مختلف المسؤولين في المجلس الانتقالي لبعضهم البعض أن شعرة معاوية التي حكمتهم طيلة السبعة أشهر التي استدعاها الموقف للإطاحة بنظام العقيد الليبي بدأت تتمدد بالتدريج بعد أن بدأت صورة المشهد العسكري تتضح ويمكن أن تنقطع في أية لحظة لينفرط العقد الذي رأى النور في ظروف استثنائية وقد تعصف بحباته أيضا ظروف استثنائية سيفرضها بحث كل طرف في المجلس الانتقالي عن مصالحه وبما يعزز مكانته في الخارطة السياسية الليبية.
وهو احتمال يبقى قائما جدا على اعتبار أنه يستحيل أن تتفاهم تيارات من أقصى اليمين الليبرالي إلى أقصى اليمين الإسلامي المتطرف مرورا بالمعتدلين من مختلف الحساسيات السياسية في بلد لم تكن لشعبه سابق معرفة بالممارسة السياسية الديمقراطية وبالانفتاح الذي يعطي لكل تيار وحساسية مكانة في مشهد سياسي لم تكتمل صورته لحد الآن.
ويتوقع -في ظل هذه التجاذبات- أن يطغى جدل حاد بين الفرقاء للاستئثار بنتائج ما أصبح يعرف بـ''ثورة 17 فيفري'' وهي الصورة التي ستدفع إلى نشوب صراع قد يصل إلى حد القطيعة بين السياسيين الذين قادوا المعركة الدبلوماسية وبين العسكريين الذين كانت لهم كلمة الحسم الميداني مع من تبقى من الأوفياء لنظام العقيد الليبي معمر القذافي.
ورغم أن الحكومة الجديدة ستكون انتقالية، إلا أن تكليف أعضائها بمهمة الإعداد لمشروع دستور جديد بدلا عن الكتاب الأخضر سيجعل كل الأطراف تتصارع فيما بينها لتمرير برامجها السياسية في وثيقة الدستور الجديد والتي لن تكون بالضرورة متجانسة بالكيفية التي تجعل السلطات الليبية الجديدة في منأى عن حدوث شرخ بينها وقد يهدد مكاسبها التي حققتها على حساب النظام الليبي المنهار بما قد يستدعي تدخلا أطلسيا ليس لحماية المدنيين مثلما حدث في مارس الماضي ولكن لمنع انهيار المجلس الانتقالي هذه المرة.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)