يطرح نموذج الإسلام السياسي في تركيا البديل الذي لم تستطع الأحزاب العربية ذات التوجه الديني استيراده و الإقتداء به رغم الدور الذي تلعبه تركيا في سبيل تسويق هذا النموذج كما تسوِّق اقتصادها و ثقافتها بكل أبعادهاو رغم ما يبدو من انبهار بالطريفة التركية و وصول أحزابها الإسلامية إلى أعلى مراتب الحكم فما فائدة نموذج الإسلام السياسي الذي يصل في دولة علمانية إلى سدّة الحكم و لا يستطيع تطبيق مبادئه الفكرية بل عليه فقط الاكتفاء بتطبيق برنامج حكومته المتعلقة بالشف الاقتصادي و السياسي بشكل خاص . ورغم التحفظ الحاصل في تصريحات الشخصيات الرسمية في تركيا تجاه موقفها و نظرتها للدول العربية التي قامت فيها الانتفاضات الشعبية فإنّ التتريك فلسفة تؤمن بها تركيا حكومة و أحزاب بدوافع تاريخية مرتبطة بالخلافة العثمانية التي عمرت في البلاد العربية قرونا عدة في مصر يقال منذ عهد الإخوان زمن الملك فاروق أنّ هؤلاء دائما يلعبون دورا لصالح غيرهم و لا يصلون إلى الحياة البرلمانية بالأغلبية و حتى إذا شاركوا في الحكومات لا يتمتعون بحق الحصول على الحقائب السيادية بمعنى أنّ مشاركتهم صورية .و لكن بمجرد وصول الإخوان إلى قصر القبة تحوّلت مصر ب 180 درجة نحو الباب العالي تستمد من نظام أردوغان وصفة الفوز و البقاء و التعمير في الحكم هذا الحكم الذي لم يمهلهم الجيش البقاء فيه طويلا.لكن مما لا شك فيه أنّ إسطنبول تلعب على الحبلين و بدافع أهداف اقتصادية مرتبطة بفضائها الأوربي و أخرى جيواستراتيجية مرتبطة بحلف الناتو لا تفضح عن نواياها في اكتساح نموذجها للبلدان التي يفوز فيها تيار الإسلام السياسي أو يحظى لدى الشعب بالأغلبية .و لا تٌظهِر تركيا دور الرغبة في التأثير على دول الربيع بشكل مباشر بل ضمنيٍ و يتضح ذلك من خلال دعوة أر دوغان للرئيس المصري المنتخب الإخواني محمد مرسي الذي كانت أول خرجاته الرسمية إلى تركيا( الزيارتان الوحيدتان اللتان قاما بهما قدتاه إلى أداء مناسك العمرة في رمضان ثم إلى طهران في إطار أشغال منظمة عدم الانحياز ) .و قد بدى واضحا عمق تأثر مرسي بالنموذج التركي في كل مناحي الحياة الذي تحقق. و لكن هذا النموذج لم يكن كله نابعا من اجتهاد حزب العدالة و التنمية الذي يرأسه رجب طيِّب أرد وغان بل هو نتاج حوالي تسعين سنة من العلمانية و الاقتداء بالنموذج الغربي في مجال الإقتصاد و البناء المؤسساتي و الحريات العامة و عندما جاء حزب التنمية و العدالة إلى الحكومة و حتى بفوز أردوغان برئاسة الجمهورية رغم الحملة الشعواء التي طالته من طرف الإعلام العلماني و الغربي و المعارضة التركية في الداخل و الخارج إلا أن هذا الحزب أثبت أن الإسلام السياسي باستطاعته الوصول إلى الحكم و تحقيق الأغلبية و تقديم خارطة الطريق في جميع مناحي التنمية و لكن لا يمكن النط في هذه الدولة العلمانية على حقوق تحققت للأتراك و صارت من المكتسبات التي حققتها العلمانية في مجال الحريات و المعتقد بل و صارت تعبر عن الهوية التركية بل و ليس في استطاعة أردوغان حتى تنحية بورتري كمال أتاتورك القابع وراء ظهره في مكتبه الرئاسي . تركيا القوّة الناعمة التي تغزو العالم الإسلامي تريد من خلال التسويق لأفكار الإسلام السياسي المبني على المشاركة و الحريات العامة و الفردية التي تفتقدها الشعوب العربية لعب دور " بيغ برادر" أو الأخ الأكبر في حنين واضح إلى الدور الريادي الذي لم ينازعها فيه أحد أيام الإمبراطورية العثمانية التي شرّقت و غرّبت و رفعت راية الإسلام أمّا البلدان العربية بشكل خاص التي وصل فيها الإسلام السياسي يمكن اعتبارها واجهة فقط لتسويق ديمقراطية التداول على السلطة باسم الإسلام السياسي و يتضح المثل في المغرب إذ لا تتمتع حكومة عبد الإله بن كيران إلّا بصلاحيات صورية و لا يزال الملك يحكِم قبضته على جميع مؤسسات الدولة. في حين كن رد الفعل عنيفا في مصر التي أزاح جيشها رئيسا منتخبا ينتمي إلى الإسلام السياسي و زجّت به في السجن و ابطلت عمل حزب كبير ينتمي إليه ملايين المصريين و هو الذي فاز بالانتخابات و لكنه أيضا تزمت بمواقفه و ارتكب الأخطاء في الحكم بدافع قلة التجربة و محاولة إلغاء الآخر. و عاد حزب النهضة أدراجه ليقرفص تحت فبة البرلمان التونسي مستكينا بعد الصفعة القوية التي تلقاها من حزب فتي لم يتكوّن إلا بعد سقوط نظام بن علي في جانفي 2011 .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/11/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فاطمة شمنتل
المصدر : www.eldjoumhouria.dz