الجزائر - A la une

ترقيع البكارة يكشف عن تحولات اجتماعية جذرية الإخصائيون يبررون العملية



ترقيع البكارة يكشف عن تحولات اجتماعية جذرية                                    الإخصائيون يبررون العملية
يرى البروفسور الدكتور سعيد عيادي، أستاذ علمي الإجتماع والأنتربولوجيا بجامعة البليدة، فيما يتعلق بانعكاسات ظاهرة ترقيع البكارة عند الفتيات، بكون المؤسسة الدينية في الجزائر سعت منذ الوهلة الأولى لكي تقارب الموضوع تقاربا فقهيا خالصا، في حين أن الواقع كان يقتضي أن تقارب هذه الظاهرة من زوايا شتى، ذلك أن التحولات التي يعرفها المجتمع الجزائري وفضاءات الإختلاط الكثيرة التي أتيحت أمام النساء والرجال بطريقة شرعية أو غير شرعية، سمحت في نهاية المطاف ببروز نمط من السلوك لم يكن مألوفا ولا معتادا ولا معترفا به.
يقول المختص: “إن أغلب الحالات التي نشاهدها نحن كأخصائيين في علم الإجتماع والأنتربولوجيا فيما يتعلق بوقوع فتيات في هذه العلاقة المحضورة اجتماعيا وفكريا، أنّ أغلبهن وقعن في مشكلة متعلقة بدرجة أساسية بتحوّل وقع في علاقات الإقتران بين الذكر والأنثى، التي كانت في السابق بإشراف ومتابعة من قبل الوالدين والأهل، لتتحوّل إلى علاقة ثنائية خالصة بين الرجل والمرأة، مما أفرز مثل هذه النتائج. وحسب التحليل الذي قدمّه المتحدث فإن سياق العلاقات الإجتماعية الحديثةفي مجتمعنا، ما عاد يتقيد بنمط العلاقات التي كانت قائمة في السابق، وبالتالي فإن الكثير لم يتمكن من فهم نتائج هذه التحولات التي طرأت على المرأة مثلما هي على الرجل. وفي تقييمه لموقف المؤسسات الدينية من فقهاء، مختصي الشريعة والدعوة الاسلامية من الموضوع يقول عيادي، أنه يمكن أن نلخصّ الموقف عموما ضمن نقطتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بالجماعة الذين يعتبرون أي فتاة تتعرض لهذه الظاهرة تلازمها صفة الخطيئة، متناسين أننا مسلمين والله سبحانه وتعالى فتح لنا بالتوبة وبالتالي أولئك تناولوا الموضوع نوعا ما بطريقة شديدة وصارمة. أما الجماعة الثانية فهي التي حاولت أن تقارب الموضوع، من حيث إعطاء اعتبارات للظروف المحيطة بالفتاة والتي أدت بها إلى فقدان البكارة، وسعيها لاحقا إلى الإتجاه نحو مصحّات الترقيع، وهذا الإتجاه يأخذ بعين الإعتبار حالات اغتصاب خلال الإعتداءات العدوانية والحالات الناجمة خلال فترة الإرهاب التي وقعت في بلادنا، حيث تعرضت كثير من الفتيات إلى اغتصاب عنيف من قبل أشخاص لا يقدرون المقام الإنساني للفتاة في مجتمعنا الإسلامي، وبالتالي فإن الطرف الثاني وحسب المحلّل يميل إلى الليونةوقبول فكرة أن تخطو الفتاة نحو ترقيع غشاء البكارة الذي فض، فيما تشدّد الطائفة الأولى أكثر بأنها في الأصل وقفت موقفا صارما أمام ظاهرة افتقاد الغشاء، ونتيجة ذلك أيضا أخذت موقفا صارما اتجاه الفتاة المتضررة.
”جبر الضرر” قاعدة فقهية تحسم الجدل الديني
ويتابع البروفسور سعيد عيادي ل«السلام” حول الجدل الديني القائم حول مسألة ترقيع غشاء البكارة، إلى أن ما يجب أن نتقيد به هو عودتنا إلى قواعد علم الأصول والتي تؤكد ضرورة جبر الضرر، وعليه دعا مختص علم السوسيولوجيا والأنتربولوجيا المؤسسات العلمية والدينية لتعود بالدرجة الأساسية للإجتهاد في أصل قاعدة جبر الضرر، وعلى حدّ تعبيره فقد أجاز عملية الترقيع لتجاوز الحالة السابقة وذلك لوجود فتاوى تجيز ذلك. ولكن بطبيعة الحال حتى لا تتحول الرخصة إلى نوع من التجاوز، فقد ذكر المتحدث أنه من الضروري في حالات إتمام العلاقة الزوجية بصورة طبيعية أن تكون هناك مصارحة بين الفتاة التي تعرضت إلى الإغتصاب، سواء برضاها أو بغيره وقامت بترقيع غشاء البكارة، فيجب عليها أن تصارح من تقدّم لطلب يدها بما تعرضت له حتى تنبني العلاقة الزوجية على أصل الثقة والمصارحة، وهذا ما يدعو إليه الدين الإسلامي، لأنه يعتبر الرابطة الزوجية في المجتمع الإسلامي رابطة مقدسة.
يؤكد البروفسور عيادي في حالة عدم مصارحة الفتاة أو المرأة لمن رغب بالإقتران بها واكتشف ذلك لاحقا، فعلى الشخص المعني من الناحية الشرعية أن يستر عليها لأنها زوجته شرعا ويتقبلها كما هي لأنها تحولت إلى ركن ركين في حياته الزوجية وصارت قرينته، فالإسلام وحسب المتحدث يحثّ على ذلك، كما يحاول أن يعالج الظاهرة من دون أن تتحوّل إلى عدوان إضافي، موضّحا أن الشخص قد يصبح عدوانيا بعد إكتشافه الحقيقة، كما أنه قد يعرض زوجته للإيذاء وكشف سرّها. لذا عليه أن يعالج الوضعية بطريقة عقلانية وإذا تأذّى منها فإن الشرع يتيح له إمكانية وحق الطلاق برضا الطرفين، لأنه وفي آخر المطاف لن يقبل منها هذا السلوك، وهو نفس الشيء ينطبق على الزوج فبإمكان المرأة أن تخلع زوجها في حدود الشرع إذا كان قد أخفى عليها أشياء قد تفسد هذه العلاقة. وأشار أخصائي علمي السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا، إلى القرينة الموجودة في الدين الإسلامي، والتي على أساسها أجاز بعض علماء الدين ترقيع البكارة، قائلا: “الشيخ ابن قيم الجوزية ذكرفي كتابه (الشفاء العليل) حادثة وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها بنى الكثيرون اجتهاداتهم وفتاويهم، أنه حدثت علاقة غير شرعية بين فتى يدعى مغيث وفتاة تسمى ضريرة فوقعت بينهما لقاءات ومواعدات حميمية، ولكن صاحب الكتاب لم يوضح إن كان قد وصلا إلى درجة الواقعة أم لا، كما أخفوا الحادثة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصله الخبر غضب غضبا شديدا وتساؤل فيما كانا يفعلان ولكن لم يطبق عليهما أي حكم قضائي، فقد استدعى أهل كل من مغيث وضريرة وجمعهما إليه وطلب منهم أن يتفقوا على تزويجهما ويكتما ما حصل بينهما وهو يمحصهما بطريقة طبيعية”. ففي وقت النبي عليه الصلاة والسلام، لم يكن ممكنا الترقيع لا عند المسلمين ولا غيرهم ، ولكن حاليا أتاح الطب الحديث هذه الإمكانية، لذا وحسب البروفسور فإنه بالامكان الاجتهاد على جبر الضرر لدى الفتاة من خلال الإعتماد على هذا المبدأ الأصولي. شرط مصارحة الشخص أو أهله بالشيء الذي حصل وبالتالي بناء علاقة على أساس الثقة والتراضي بينهما، فيكون الأمر مؤنسا للمجتمع ويقلّل من حالة النفور والإنحرفات الإجتماعية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)