الباحثة والأستاذة الدكتورة فاطنة بن عمر لـ أخبار اليوم :
تراجع تصنيف الجامعات العربية والإسلامية يستوجب تدارك الهفوات
القرآن الكريم واضح المعاني والمعالم في موضوع القيادة و القوة ومن توفرت فيه الشروط هو الأصلح والأنسب لإعمار الأرض
القوة نسبية وليست مُطْلقة وهي شيء كامن مدرك ومتحرك غير ثابت
السلطة تشير إلى القوة المشروعة في المجتمع والهيمنة للإشراف والتوجيه والرقابة
القوة ترتبط بشخصية الأفراد و السلطة ترتبط بالمواقع والأدوار الاجتماعية
القوة هي قدرة فرد أو جماعة على مباشرة السلطة والنفوذ تجاه الآخرين بالتحكم والمراقبة لهم وضبط سلوكاتهم والتأثير على أفعالهم لغايات محددة بالمكافأة أو العقاب
القوة علاقة اجتماعية واقعية و السلطة علاقة رشيدة في ظل الشرعية
لـ القوة مصادر اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ولـ الصلاحية أنواع ومستويات تحدد قوة الشرعية
لتفادي وقوع المجتمعات في فخ التيه الذاتي وفجوة الفشل التي يجبالتدارك بتحليل وتشخيص معمق لجذور الخلل وأسباب الأزمات
الأدب والثقافة سفيران لكل مجتمع وهُوية يُعرف بهما مستوى حضارة الشعوب ومدى رقيها
الأدب العربي لسان حال العرب وسلاحهم ويواكب حركة المجتمعات وهو لسان الحق لحل المشكلات
ضيفة اليوم أستاذة جامعيَّة تَهتمُّ بالبحث العِلميِّ الصِّحافة والإعلام والاتِّصال التَّقديم التِّلفزيونيِّ والإذاعيِّ الأدب.. شاركتْ في عِدَّة دورات وندوات وورشات عِلميَّة وملتقيات وطنيَّة ومؤتمرات دوليَّة.. وتُساهِم بمقالات كثيرة في مَجلاَّت عِلميَّة وصحف ورقيَّة صدر لها أخيرًا كِتابان.. أستضيفها اليومَ للحديث عنهما وعمَّا يَتَّصلُ بـ القيادة القوَّة التَّنظيم وغيرها مِنَ القضايا.
ـ حاورها: جمال بوزيان ـ
الجزء الثَّاني والأخير:
اعتمادًا على القيادة والقوَّة والتَّنظيم ... هلْ إعمارُ الأرضِ للأصلحِ أَمْ للأقوَى؟
لو تدبرنا في القرآن الكريم لوجدنا أن هناك عددا كبيرا من الآيات القرآنية تتضمن أسباب خلق الله عز وجل الإنسان واختيار الأرض موطنا له وهي الحكمة من قصة سيدنا آدم عليه السلام وذلك لقول الله: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها سورة هود الآية رقم 61 وهو أمر وتكليف وأوكل إليه مهمة إعمار الأرض وفوضه استثمار واستغلال الثروات والخيرات والإمكانات التي سخرها له الله في هذا الكون لقوله: سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وعليه وجب على كل الشعوب خاصة العربية والإسلامية العمل بذلك التكليف الإلهي المقدس وهي مهمة بمقتضى العبودية لله وورد عن الإمام علي كرم الله وجهه: فضيلة السلطان عمارة البلدان إذ نجد أن القيادة في القرآن الكريم هي تمكين لقول الله: إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من كل شيء سببا وهو تعبير عن اختيار القائد الأصلح والأنسب وتوطيد وتوفير كل الظروف الملائمة والمناسبة لتحقيق النتائج المنشودة مع الأخذ بالأسباب لقول الله: فأتبع سببا بمعنى هناك مصادر قوة يجب أن يتحلى بها القائد كالمرجعية العلم العدل التحفيز المسؤولية التعاون... فالقرآن الكريم واضح المعاني والمعالم في موضوع القيادة و القوة ومن توفرت فيه الشروط هو الأصلح والأنسب لإعمار الأرض.
اعتمادًا على عِلم الاجتماع السِّياسيِّ و عِلم اجتماع التَّنظيم وغيرهما هلْ كُلُّ قوَّة تَبحثُ عن سُلطة ونفوذ عبْر التَّأثير والإغراء والحصول على هيبة أو استغلال مقدرات وغيرها مهْما تكن غير أخلاقيَّة هي سُلطة شرعيَّة؟
في غالب الأحيان نجد أن القوة و السلطة مصطلحان مترادفان من منطلق أنهما وسيلة لتأثير إنسان في سلوك إنسان آخر وغالبا ماتوجد القوة و السلطة معا وقد تتحول من فرد إلى آخر لأن القوة نسبية وليست مُطْلقة وهي شيء كامن مدرك ومتحرك غير ثابت نجد أن السلطة تشير إلى القوة المشروعة في المجتمع والهيمنة المشروعة على الإشراف والتوجيه والرقابة وهي العنصر المحرك لأي تنظيم رسمي عكس القوة التي هي انعكاس لسلوك الأفراد وهي نتاج التنظيمات غير الرسمية داخل التنظيم وهي كذلك قدرة الفرد أو الجماعة على مباشرة السلطة والنفوذ تجاه الآخرين بالتحكم والمراقبة لهم وضبط سلوكاتهم والتأثير على أفعالهم لغايات محددة بالمكافأة أو العقاب وعليه فإن القوة ترتبط بشخصية الأفراد و السلطة ترتبط بالمواقع والأدوار الاجتماعية وعليه فـ القوة علاقة اجتماعية واقعية و السلطة علاقة رشيدة في ظل الشرعية.
هلْ كُلُّ شرعيَّة تَحتاجُ قُوَّةً ؟ وأَيُّ قُوَّة تحديدًا؟ وكيْف؟
إن الشرعية مصطلح يصب في قالب الصلاحية ولو ربطنا العلاقة بين القوة و الصلاحية لوجدنا أن القوة أشمل من الصلاحية وما هي إلا قوة شرعية تعطى للمنصب التي تمنح لمن يشغله كل الحق في إصدار الأوامر وفرض الولاء والطاعة على المرؤوسين في حين أن قوة الفرد مستمدة من خصائصه الشخصية والمعرفية والمهنية ليستطيع التأثير على معتقدات واتجاهات وسلوكات الآخرين وبما أن القوة لها مصادر متنوعة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية فإن الصلاحية كذلك لها أنواعها ومستوياتها التي تحدد قوة شرعية المنصب .
الحديثُ عنِ القيادةِ و القوَّةِ و الشَّرعيَّةِ يُحيلنا إلى التَّعليم العالي فهو أساس أيِّ بِناء حضاريّ بِمَ تَستدرِكُ البُلدانُ العربيَّةُ والإسلاميَّةُ تَقهقرَ جامعاتِها في التَّصنيفاتِ العالَميَّةِ؟
بداية الرقي والازدهار والتطور الثقافي والاجتماعي والاقتصادي كانت عربية إسلامية بحتة بدون منازع والتاريخ شاهد على ذلك من خلال الحقب الزمنية المتتالية التي تغنت بالموروث العلمي والثقافي: الطب الفلك الفلسفة العمران الزراعة الصناعة الجراحة الرياضيات... الذي كان أبطاله العرب المسلمون بجهود الشخصيات العلمية الفذة في جميع المجالات التي أسست البنى التحتية لمختلف التخصصات فكان التألق والنجاح تاجا فوق رؤوس العرب المسلمين وتسليم المشعل من جيل إلى آخر على أمل الحفاظ على شعلة لا تنطفئ إلا أن الجامعات العربية والإسلامية شهدت تقهقرا وتراجع تصنيف جامعاتها عالميا نظرا لعدة أسباب تستوجب إعادة النظر وتدارك الهفوات وتضييق الفجوات للمضي قدما وذلك من خلال تسطير عدة حلول لتلك العقبات والمشكلات المطروحة من خلال: تشخيص مَواطن الضعف ومسببات التراجع ثم محاولة إيجاد حلول مناسبة ومن بين النقاط التي تعدأساسية جدا: إعادة النظر في الأنظمة الأكاديمية المنتهجة الاهتمام بالكيف والتقليل من الكم من ناحية المُخرَجات تفعيل المَخابر البحثية وتشجيع الأعمال والإنجازات الإبداعية تبادل الخبرات فيما بين الجامعات العربية والإسلامية الاستفادة من التجارب الناجحة والرائدة على المستوى الدولي تفعيل توصيات ومقترحات الملتقيات والمؤتمرات المحلية والوطنية والدولية التجديد والتغيير على مستوى كافة الهياكل والأقسام تفعيل استخدام التكنولوجيا الحديثة تدريب المورد البشري واليد العاملة التسيير الفعال.
تَظهرُكُتُبٌ كثيرة عنِ النَّجاح وتَتدفَّق مشروعات عديدة لتحقيق ذلك لكن يَزداد الفشل امتدادًا في العالَم العربيِّ والإسلاميِّ... أَيْنَ الخللُ؟وما الأسبابُ؟ وما الـمطلوبُ مِن صفوةِ الشُّعوبِ للوصول إلى النَّجاحِ الحقيقيِّ لا المُزيَّفِ لا سيما بشأنِ حُسنِ التَّسييرِ وقدْ ذَكرتِ في آخر جواب التَّسيير الفعَّال ؟
حقيقة هناك مؤلفات عدة تناولت موضوع النجاح والتفوق والريادة في جميع المجالات والتخصصات هدفها توجيه شرائح المجتمع كل إلى ضالته في الحياة من خلال تفعيل الصحوة الفكرية والثقافية والدينية بغية الرقي والتقدم الاجتماعي والاقتصادي وغيرهما وإرساء مفاتيح النجاح على المستوى الفردي الذي بدوره يؤسس النواة الأساسية للتكوين الجماعي المكون من عدة قِيم واتجاهات ومعتقدات وأعراف تحدد بدورها اتجاهات وميولالأفراد وتضعهم في القالب الاجتماعي والتوجه الفكري الصحيح للوصول إلى أهداف غائية معينة ولتفادي وقوع المجتمعات في فخ التيه الذاتي وفجوة الفشل التي هي امتداد يتواصل إذا لم يتدارك الموقف بتحليل وتشخيص معمق لجذور الخلل وأسباب الأزمات التي تتخبط فيها معظم شعوب العالم وخاصة المجتمعات العربية والإسلامية البداية تكون بالنهضة بالفرد كمورد بشري فاعل داخل المجتمع وهذا ما أكد عليه مفكر الحضارة مالك بن نبي في مؤلفه النهضة بالشعوب و شروط النهضة وغيرهما من الكتب القيِّمة مؤكدا على أهمية العناية بمشكلات الحضارة كذلك هناك عدة مؤلفات في رفع المعنويات والتحفيز الذاتي وإنجازات أعلام الفكر الإسلامي أمثال أبي حامد الغزالي رحمه الله وصولا إلى علوم التنمية البشرية والبرمجة اللغوية والعصبية ومن أعلامها الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله الذي أثرى المكتبات العربية والإسلامية بعدة مؤلفات منها: مفاتيح السعادة المفاتيح العشر للنجاح البرمجة اللغوية والعصبية قوة التفكير .. كل هذا لخصه القرآن الكريم والسيرة النبوية فكانا الدواء لكل داء وشفاء للنفس البشرية وصولا للنجاح الحقيقي المتواصل في ظل حسن التسيير والتدبير.
بِما أنَّكِ تَهتمِّينَبـ الأدبِ والثَّقافةِ ما الـمَشروعاتُ الثَّقافيَّةُ الكبرَى في العالَمِ العربيِّ الَّتي تَحتاجُ دعمًا مِنَ الـمُجتمَعاتِ والـحكوماتِ؟
الأدب والثقافة سفيران لكل مجتمع فهُما الهوية التي من خلالها يُعرَف مستوى الشعوب ومدى رقيها وللتقدم في هذا المجال وجب دعم عدة مشاريع أهمها: نشر ثقافة المطالعة من خلال تنظيم تظاهرات علمية كمعارض الكتاب الوطنية والعربية والدولية تفعيل دور الشباب والرياضة بتوفير المرافق الثقافية في جميع المناطق خصوصا الريف والمناطق النائية الحفاظ على الموروث الشعبي والاهتمام بالفنون التقليدية تشجيع المواهب الصاعدة والجيل الجديد بالتكريم والتحفيز عن الإنجازات المقدمة الاستفادة من التجارب الرائدة على المستويات العربية والدولية وتبادل الخبرات.
كيْفَ يَنهضُ الأدبُ العربيُّ ليواكبَ قضايا الأُمَّـةِ؟
الأدب العربي لسان حال العرب وسلاحهم الذي يواكب قضاياهم وهو لسان الحق وصوت الصمت وكفاح البطولات وحل المشكلات..أصلا فكرة النهوض بالأدب العربي هي في حد ذاتها إنجاز كبير لمواكبة قضايا الأمة.. إن المتأمل لخطوات واستراتيجيات التقييم والتقويم يلاحظ أن الخطة التي تتبعها كل أمة في أي مجال سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا تنطبق على المجال الثقافي باختلاف مجالاته وخصوصا الأدب العربي وتلتقي كلها في ما يسمى الخطة المتبعة في تشخيص ومعالجة الأمراض والعالم ولوجه القصور في أي مجال وأي تخصص... والجواب الدقيق عن هذا السؤال يجب الاستعانة بأصحاب الاختصاص ومعرفة ماهية مفهوم النهضة اصطلاحا ولغة للوصول بأي مجال للرقي والتطور أيضا تفعيل دور التكنولوجيا الحديثة في مجال الأدب العربي فهي تختصر الجهد والوقت والتكلفة كذلك التوعية بمدى أهمية الأدب العربي في حياة الفرد ومساهمته في التنمية الفكرية باختصار لا حياة اجتماعية دون أدب لدى كل أمة وأدبنا العربي قمة الحضارة والرقي.. وكل أمة لا تهتم بموروثها الأدبي ولا تتفقه فيه لا تقوم لها قائمة بين الحضارات هل يمكن فصل الروح عن الجسد؟ والأدب العربي هو روح الأمة العربية.
ما آخِرُ كِتاب قرأتِه؟ وماذا تَقرئينَ حاليًا؟ وأيُّ كِتاب سَتَقرئينَ لاحقًا؟
آخر كتاب قرأته مئة من عظماء أمة الإسلامغيروا مجرى التاريخ لجهاد الترباني وحاليا أقرأ صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري تقديم العلامة أحمد محمد شاكر والكتابالذي سأقرأه لاحقا هو الروح في العمل لفرانكو بيفوبيراردي ترجمة أحمد حسان وأيضا كتاب القوة لجيفري بفيفر الذي مفاده: لماذا يملك بعض الناس القوة ولا يملكها البعض الآخر؟.
سعيدٌ بكِ اليومَ أستاذة كرمًا لا أمرًا اختمِي الـحوارَ.
سعدت كثيرا بحواري معك أستاذ بوزيان في هاته الجلسة الطيبة جزيل الشكر والامتنان لشخصكم الكريم ولكل طاقم إدارة صحيفة أخبار اليوم دوام التألق والنجاح تحية عطرة ملؤها المحبة لقراء هذا المنبر ودمتم أوفياء.. لكم مني كل الاحترام والتقدير.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum.dz/ar/index.php