الجزائر

تخوّف من تأثير قضايا الفساد



* email
* facebook
* twitter
* linkedin
أكد الخبير المالي سفيان مزاري على ضرورة إعادة النظر في نموذج حوكمة البنوك ونموذج تسييرها، وذلك من حيث طرق عملها وكيفية اتخاذ القرارات والمخاطرة. واعتبر أن كل البنوك معرضة للوقوع في أخطاء «حتى تلك التي تعمل بأسس الشريعة الإسلامية»، في إشارة إلى قضايا الفساد التي يتهم فيها بعض الإطارات البنكية، مشيرا إلى أن «أخلقة العمل البنكي» هو الذي يمكنه منع التجاوزات، لكنه حذّر بالمقابل من تأثير سلبي للأوضاع الراهنة على تمويل الاقتصاد، مشدّدا على ضرورة مواصلة مرافقة البنوك للمؤسسات.
وقال الخبير في رده على سؤالنا حول تأثير الوضع الراهن على البنوك، لاسيما بعد الاتهامات التي وجهت لمسؤولين وإطارات بنكية في إطار قضايا فساد، «بكل صراحة لا أتمنى أن أكون مكانهم... لقد عملت كبنكي وكنت مسؤولا في بنك عمومي، وكنت شاهدا على مواقف مماثلة، لكني أود القول إنه ليس كل متهم مدان، وأن العدالة فتحت ملفات ومن قام بتجاوزات يجب أن يحاسب، لكن أتمنى أن الذين كانوا ضحايا ضغوط أو الذين لم تكن لديهم نوايا سيئة، يحاسبون في إطار إداري، لا جنائي».
وبرأيه، فإن الوضع الراهن «خلق جوا متوترا داخل هذه المؤسسات» بسبب التخوفات التي أصبحت تعتري المسؤولين والموظفين بها. لهذا أشار إلى أن أول درس يجب أن يتم استخلاصه مما يحدث هو «ضرورة إعادة النظر في حوكمة هذه المؤسسات من حيث طريقة العمل وكيفية اتخاذ القرار والمخاطرة»، فحتى وإن كان القرار لا يتخذ داخل البنوك من طرف شخص واحد، مثلما أضاف، وإنما ضمن لجان ويخضع لدراسات وتحاليل، فإن الخطأ ممكن حدوثه.
كما عبر عن أمله في ألا تكون هناك انعكاسات سلبية بالنسبة للعلاقة مع المتعاملين الاقتصاديين، وأن تعرف البنوك كيف تتخذ الإجراءات المناسبة من أجل تجاوز هذه المرحلة وتواصل مرافقة المستثمرين. وقال في هذا الصدد «حتى لو كانت هناك قضايا فساد ومبالغ مالية أهدرت، لا يجب أن ننسى أن البنوك ساهمت منذ عقود في تمويل الاقتصاد الوطني. فيجب أن نعاقب الذين أذنبوا، وبالمقابل نشجع الذين يعملون بنزاهة ونعمل على معالجة اختلال النظام البنكي».
وأدلى الخبير سفيان مزاري ل»المساء» بهذه التصريحات على هامش يوم دراسي نظم، أمس، بالجزائر العاصمة حول «دور الخدمات البنكية في ترقية السوق المالية»، حيث أضاف في سياق حديثه عن تأثيرات الوضع الراهن، أن البنوك الإسلامية ليست بمنأى عن حدوث تجاوزات مثل تلك التي يمكن أن تسجل في بنوك كلاسيكية، حتى وإن كان عملها يقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية، موضحا أنه يمكن تسجيل تجاوزات أو تعسف في استخدام السلطة أو تدخلات لمسؤولين للضغط على مسؤولي القروض، حتى في مثل هذه المؤسسات المالية، رغم أن ثقافة البنوك الإسلامية – كما قال- نابعة من «سلوكيات وأخلاق مستنبطة من ديننا الحنيف»، وهو ما يجب التركيز عليه في واقع الأمر بكل البنوك، فالإشكال في الحقيقة يكمن في «الأخلاقيات».
على صعيد آخر، وبخصوص تطوير الصيرفة الإسلامية ببلادنا، دعا المتحدث إلى ضرورة إصدار القوانين التنظيمية التي تمكن من تعميم العمل بالتعليمة التي أصدرها بنك الجزائر بهذا الخصوص، ليس فقط في الجانب المالي، وإنما كذلك في الجوانب الجبائية والتجارية. وهو ما سيمكن من إطلاق منتجات مالية جديدة على مستوى البنوك وكذا بورصة الجزائر التي حيا قرارها الأخير بإطلاق منتجات ذات طبيعة تشاركية، والذي سيسمح بالانفتاح على شريحة هامة من المجتمع التي تنتظر مثل هذه العروض لتوظيف أموالها.
كما شدّد على ضرورة تحسين المؤسسات المصرفية والمالية لأدائها وفتح وكالات وكذا تطوير خدماتها الرقمية للتقرب أكثر من الزبائن.
واعترف بوجود «إشكال في هندسة النظام المالي الجزائري» عموما، يتمثل خصوصا في غياب نماذج أخرى من المؤسسات المالية مثل «بنوك الأعمال» التي يفترض أن تموّل الاستثمارات الكبرى،
وكذا صناديق الاستثمار التي يمكنها دعم تمويل المؤسسات الجديدة أو تلك الراغبة في توسيع عملها. واعتبر أن إصلاح المنظومة البنكية ببلادنا لن يتم بحلول سحرية، وإنما «باتخاذ مجموعة من الإجراءات في الوقت المناسب».
للإشارة، فإن منظمي هذا اليوم الدراسي أكدوا أنه جاء خصوصا بهدف طرح المسائل المالية في سياق اقتصادي وطني وجهوي متسم بالتدفق العالي للخدمات البنكية العصرية والمتطورة، في عالم يتجه بسرعة نحو الاقتصاد الرقمي.
وعرف اللقاء مشاركة عدد من الخبراء والأساتذة، تطرّقوا إلى محاور مختلفة منها «تحدي عصرنة الخدمات» و»تجربة المؤسسة المصغرة وتمويلها» و»دور البنوك في المرحلة الاقتصادية».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)