الجزائر

تحولات الإيقاع في الكتابة الشعرية الحديثة.



خضع التحول في بنية الشعر العربي ومفهومه للتطورات التي عرفتها الحياة المعاصرة في جوانبها المختلفة، فقد غيرت هذه التطورات المعاصرة أفكار الشاعر العربي الحديث وطرق تعبيره، فلم يعد هذا الشاعر "ينطلق من أفكار مسبقة، ولم يعد يصدر عن معان جاهزة، وإنما أصبح يسأل ويبحث محاولا أن يخلق دلالة جديدة لعالمه الجديد، هكذا لم تعد القصيدة تقدم للقارئ أفكارا ومعاني جاهزة شأن القصيدة القديمة، وإنما أصبحت تقدم له حالة أو فضاء من الأخيلة والصور، ومن الانفعالات وتداعياتها، كما أن الشاعر لم يعد ينطلق من موقف عقلي أو فكري واضح وجاهز، وإنما أخذ ينطلق من مناخ انفعالي نسميه تجربة أو رؤيا" . إن الشعر بهذا المعنى هو فاعلية فنية تخضع أشكالها لما تقتضيه التجربة الإبداعية من حالات وجدانية وشعورية.وبهذا المعنى أصبح الشعر مغايرة للسائد وتقاليده الذوقية والجمالية وهو "لا يتحدد بوصفه بنية دلالية معروفة لها معاملها الفنية، بل بوصفه بنية متحركة في فضاء لانهائي. ومن هنا لا يمكن أن نجد حدا واضحا للشعر العربي الحديث. فالحداثة إلغاء لثبات الحدود، لكل ما يوقف حركة السؤال واستمرارية التحول" وعلى هذا الأساس، لم يعد الشعر يتحدد بقانون الوزن، وإنما بمدى تعبيره عن التجربة، بكل ما تحمله من وعي وثورية، وهو في ذلك يتجاوز الأشكال الشعرية التقليدية ومضامينها لأنه "لم يعد مجرد إحساس أو مجرد صناعة، بل هو كيفية قول وتعبير، فتجربة القصيدة في بنيتها لا في وظيفتها" غير أن هذه البنية لا تخضع لأشكال ثابتة، وإنما هي خاضعة لحركية الإبداع وتحولاته، لأن العمل الشعر الحداثي هو تجاوز للثابت واستكناه لما لم تحكمه بعد الأعراف الشعرية والتقليد المستقرة.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)