تحولت ساحة بور سعيد ببلدية القصبة وسط العاصمة منذ أشهر، إلى ورشة كبيرة للأشغال من أجل إعادة تهيئة هذا المكان المعروف ب «السكوار»، والذي يؤمه العديد من الزوار يوميا، بسبب قربه من عدة مرافق، ويوجد به نشاط وحركة تجارية، خاصة ما تعلّق بسوق الصرف بجنبات الساحة، لكن الغريب في الأمر أن هذا المكان التاريخي الذي يوجد ضمن القطاع المحفوظ للقصبة والمصنف عالميا، انطلقت به أشغال الإنجاز نهاية السنة، لتتوقف في الثاني جانفي الفارط، تاركة المكان مرتعا للنفايات والمشردين، خاصة بعد أن تم إتلاف السياج.يلاحظ المار اليوم بساحة بور سعيد المعروفة ب «السكوار»، أن هذا المكان المعروف بالحركة الكبيرة، صار يشكل نقطة سوداء بقلب العاصمة، بسبب توقف أشغال إعادة التهيئة التي انطلقت نهاية السنة الماضية من طرف مؤسسة الإنجاز «الجزائرية للإنجازات والبناء للوسط»، التي شرعت في أشغال تهيئة وتجهيز هذه الساحة، بعد أن أشرفت البلدية على إزالة الأكشاك الموجودة بها، لتفسح المجال للشركة التي قامت بتسييج المكان والانطلاق في الأشغال، لتتوقف بعد أسابيع قليلة. ولاحظنا بعين المكان أن المقاولة أحاطت الساحة بسياج بعضه من الصفائح الحديدية، وأجزاء أخرى عبارة عن شبكات معدنية، تكشف ما بداخل المكان. هذا السياج لم يصمد طويلا أمام سلوكات التخريب التي طالته، خاصة من طرف المتشردين والمنحرفين، الذين تعوّدوا على استغلال المكان ليلا ونهارا.وأكد لنا بعض التجار المجاورين الذين يرتادون المكان يوميا، أن منذ أن توقفت أشغال الإنجاز ازداد المكان تعفنا، وصار بؤرة للسلوكات المنحرفة رغم وجود حارس لهذه الورشة، الذي يكتفي بحماية مواد البناء الموضوعة ببعض أركان الساحة. ويلاحظ المار بالمكان كمّا هائلا من الأواني البلاستيكية (حاملات الأطعمة) التي يرميها مستعملوها بالساحة، وكذا مشهد الأتربة المتراكمة والخندق الموجود على أطراف الساحة، والذي قامت الشركة بحفره لملئه بالخرسانة مثلما تم ببعض أجزائه.وحسب المعلومات المستقاة فإن والي العاصمة عبد القادر زوخ، كلّف بلدية الجزائر الوسطى كتابيا بالإشراف على إعادة تهيئة وتجهيز ساحة بور سعيد، والإعلان عن مناقصة لاختيار مكتب دراسات، وهو ما قامت به البلدية، حيث رست الصفقة على المؤسسة الولائية «أوفاريس»، التي تكفلت بإعداد الدراسة بطريقتها الخاصة، لتقوم بعدها ولاية الجزائر باختيار مؤسسة إنجاز «اختارتها بالتراضي» بدون إعطاء الصلاحية لنفس المؤسسة لاستكمال مهمة الإعلان عن مناقصة لاختيار مؤسسة الإنجاز لتجسيد المشروع وفق ما يقتضيه القانون، وهو ما لم تهضمه المصالح التقنية لبلدية الجزائر الوسطى، التي أكدت لنا أنها طالبت ولاية الجزائر بمنحها تسخيرا لاختيار مؤسسة الإنجاز، لكنها لم تفعل، وبالتالي صار أمر متابعة الإنجاز خارجا عن إرادتها، ولا يوجد أي محضر يخوّل للبلدية مرافقة مؤسسة الإنجاز، ومراقبة تجسيد المشروع إلى نهايته.وأكدت لنا المصلحة التقنية ببلدية الجزائر الوسطى، أن الأشغال توقفت مباشرة بعد اجتماع دعا إليه والي العاصمة في الثاني جانفي الماضي؛ على خلفية تلقّيه مراسلة من مديرية الثقافة، تطالب بإشراك الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة في عملية التهيئة، باعتبار المكان واقعا في القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر المصنف عالميا.وأكد مسؤول المصلحة التقنية أن الاجتماع ضم مديرية البناء والتعمير لولاية الجزائر، ومكتب الدراسات ومؤسسة الإنجاز، والمصالح التقنية لبلدية الجزائر الوسطى، والوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، تقرر خلاله توقيف المشروع والاستجابة لمطالب الوكالة المذكورة، وثانيا تكييف المشروع مع مضمون المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية لولاية الجزائر، الذي صدر منذ أيام.من جهتها، أكدت لنا رئيسة الوكالة المذكورة السيدة كريمة صادقي، أن مرافقة أشغال إعادة تهيئة ساحة بور سعيد المصنفة، تدخل ضمن مهام الوكالة التي يخوّل لها القانون الحق في إبداء الرأي التقني المطابق للتدخلات في القطاع المحفوظ، ومتابعة تنفيذ العمليات التي تدخل في إطار المخططات الدائمة لحفظ وتقييم القطاعات المحفوظة ومراقبة ذلك، والسهر على تطابق الدراسات والأشغال المتصلة بترميم الممتلكات الواقعة في قطاع محفوظ، وإعادة تأهيلها وحفظها وتثمينها مع المعايير المعمول بها في هذا المجال، وهو الذي لم تفعله ولاية الجزائر منذ البداية، إلى جانب ضمان جميع مهام الإعلام والاستشارة حول الجوانب المرتبطة بالتدخلات وباستعمال الممتلكات العقارية الواقعة في القطاع المحفوظ.وتعمل مصالح ولاية الجزائر هذه الأيام، على تسريع وتيرة العمل، والتنسيق مع مكتب الدراسات «أوفاريس» لإعداد دراسات أخرى بالعودة إلى تاريخ المكان واستقراء الجوانب التراثية المرتبطة بالمكان، خاصة أن المختصين في تاريخ القصبة، يذكرون أن الساحة تحتوي على قبر الولي الصالح «سيدي بتقة»، الذي كان البحارة يقصدونه قبل أن يبحروا للدعاء لهم بالسلامة والانتصار.للإشارة، فإن ساحة بور سعيد تطل على البحر، ويوجد قبالتها المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، والمركز الثقافي الوطني «المجاهد». وقد انطلقت بها أشغال التهيئة خلال الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، ولم تنته إلى حد الآن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/03/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : رشيد كعبوب
المصدر : www.el-massa.com