الجزائر

تحسن مناخ الأعمال ثمرة الإصلاحات الكبرى..



استكمال عملية الرقمنة لتحقيق المرونة..
يتميز الاقتصاد الوطني بدينامكية غير مسبوقة لم تشهدها الجزائر منذ الاستقلال، خاصة ما يتعلّق بمجال التحسّن المتواصل لمناخ الأعمال، وانفتاح السوق الوطنية محليا ودوليا، ما نتج عنه تسجيل إنتاج صناعي وطني مئة بالمائة، وتعزيز النشاط الاقتصادي في مختلف المجالات، وهذا في إطار الإصلاحات الكبرى التي باشرتها الجزائر من خلال العودة إلى صياغة التشريعات حسب المقتضيات الحالية، ومكافحة التصرفات البيروقراطية بتعميم العصرنة وترشيد العمل الإداري.
أكد أستاذ الاقتصاد عبد القادر مشدال، أن تحسّن مناخ الأعمال المسجل بالجزائر خلال السنوات القليلة الماضية، يرجع إلى نجاح الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي أقبل عليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أولها محاربة التقاعس في دراسة ملفات الاستثمار المعطلة، حيث تم تسريح ورفع التجميد عن أكثر من ألف مشروع، مبرزا أن مثل هذه القرارات أعادت العمل إلى الالتزام بالقواعد الصحيحة المتعلقة بتطبيق قانون الاستثمار بحذافيره، حيث أن كثيرا من الصناعات عادت للنشاط مجددا، وتم خلق أكثر من 20 ألف منصب عمل في إطار سياسة التحول الاقتصادي الذي نتحدث عنه اليوم.
هذه نقاط قوة الاقتصاد الوطني
في هذا الخصوص، تحدث الخبير الاقتصادي عن نقاط القوة في الاقتصاد الوطني الناجمة عن الإصلاحات الكبرى التي تم إقرارها من قبل الرئيس تبون، والتي بدأت تعطي ثمارها على غرار تسجيل معدل نمو يتعدى 4.2 بالمائة حسب صندوق النقد الدولي، بينما يمكن أن تُغلق السنة الحالية في حدود 5.2 بالمائة، حسب تقديرات الحكومة، معتبرا أنه وبمجرد تسجيلنا لهذه النسبة في معدل النمو، فهذا مؤشر على حالة النشاط التي نجمت عن تدخل السلطات العمومية للحد من الآثار السلبية للتدخلات العشوائية للإدارة التي هيمنت من قبل على عمليات الاستثمار.
أما المسالة الثانية - يقول محدثنا - فهي العودة إلى صياغة التشريعات حسب المقتضيات الزمنية الحالية، وإدخال عنصر الرقمنة بشكل كبير جدا في التعامل مع طلبات الاستثمار ومعالجة الملفات، وتطبيق القواعد الدولية في هذا الميدان، الأمر الذي يدفع بالسلطات العمومية والهيئات المؤطرة للاستثمار بأن تتعامل مع المستثمرين بمرونة أكثر، حيث تم تجديد التركيبة البشرية للمسيرين، للدخول في مرحلة تسمح بمعالجة القضايا الاقتصادية الكبرى للبلد، من أجل طمأنة المستثمرين، بأن معالجة ملفات الاستثمار تتجه نحو المزيد من المرونة والإنصاف لصالح المتعاملين الاقتصاديين، ويتجلى ذلك في عمل عدد من المسيرين بالنسبة للمؤسسات المؤطرة للاستثمار على رأسها الوكالة الوطنية للاستثمار، وهيئات الأخرى في قطاع المالية مثل المجال البنكي .
تجسيد مشاريع قارية ضخمة
ومن بين التغييرات التي أحدثتها الإصلاحات، تحدث مشدال عما يتعلّق بالدخول إلى السوق، إذ أن الضرورة تقتضي أن تكون حرة على مستوى الأعمال والتنافس، وهي عناصر جاءت بها الإصلاحات الحالية، من خلال مراعاة إتاحة الفرصة لكل من لديه مشروع مهم للاقتصاد الوطني، وتمثل عن ذلك بالإنتاج الفلاحي، حيث برز تنوعه في الاستثمارات الكبرى، خاصة في الفلاحة الإستراتيجية، وكل ما يتعلق بالحبوب والحبوب الزيتية، البقوليات وغيرها، وأشار إلى الجزائر بدأت في تجسيد مشاريع قارية ضخمة في الجزائر، مرتبطة بطموح السلطات في تنويع الصناعة التحويلية لضمان الأمن الغذائي في الوطن.
أما عن الفرص التي توفرها الجزائر للاستثمار الأجنبي والمحلي، يقول محدثنا إنها ضمن مجالات متعددة مرتبطة بالطاقة، الصناعة، الفلاحة وغيرها، وتمثل عن ذلك بالحبوب الزيتية، حيث أصبحت الجزائر دولة منتجة للزيوت الغذائية، بمعنى أن البذور تزرع وتنتج وتُحوّل بالجزائر مئة بالمائة، عبر استثمار ضخم يحتاج الصناعة التحويلية المرتبطة بالزيوت الغذائية الاستهلاكية، أو ما يعرف بزيت المائدة، حيث إن المادة الخام التي كانت تستورد، صارت تنتج محليا، وصار بإمكان الجزائر اليوم إنتاج البذور التي تصبح المادة الأولية لإنتاج الزيوت، وهذه العملية سوف تؤدي إلى تخصيص مساحات زراعية كبيرة، وتحقيق مستويات عالية من الإنتاج وبالمعدلات العالمية، يسمح لها بالتواجد بصورة تنافسية بالسوق الوطنية وفي مرحلة ثانية، بالسوق الخارجية. وهذا كمثال فقط على الاستثمار المحلي. يقول مشدال.
الشريك الأجنبي حاضر بقوة..
أما بخصوص الاستثمارات الأجنبية، أوضح محدثنا أن المجالات عديدة على غرار ميدان النسيج، الحديد والصلب وغيرها، حيث تنتج الجزائر الحديد الموجّه للسوق الوطنية والسوق الخارجية، فقد اقتحمت الأسواق الأوروبية وأسواق أمريكا الشمالية، بالحديد المنتج والخام الجزائري، وهذا أمر يحدث لأول مرة، إضافة إلى أمثلة أخرى، فالجزائر تعمل حاليا على الاستثمار في تركيب وإنتاج السيارات وتسعى إلى بناء قاعدة صناعية انطلاقا من دمج السوق الوطنية للسيارات، بمعنى أن الجزائر ستعطي الإمكانية لأصحاب العلامات لتوطين مشاريعهم في الجزائر، ويتم السماح لهم بالانتقال للتصدير في مرحلة معينة، حيث إن الاستثمارات الأجنبية لا تلبي الحاجيات الوطنية فقط، وإنما تسعى إلى التصدير، يقول مشدال.
ودعا مشدال إلى تشجيع ما يعرف بالمنصات الصناعية، حيث يمكن أن تُجهز في مناطق صناعية كبرى يتمّ فتحها للاستثمارات الأجنبية، حيث تُوطّن صناعتها بالجزائر لتزوّد السوق الوطنية بجزء من الإنتاج، بينما يوجه جزء آخر للتصدير، واقترح توطين الصناعات التكنولولجية الابتكارية التي يمكن أن تدعم قدرات الجزائر في خلق الثروة، في ظلّ توفر الاقتصاد الوطني على إمكانات وقدرات بشرية ومادية، والعمل على جذب مزيد من المستثمرين، واغتنام الموقع الإستراتيجي للجزائر التي تملك كل الإمكانات لتصل إلى المستوى المطلوب كقاعدة اقتصادية وصناعية كبرى على المستوى العالمي، وخلص الخبير إلى التأكيد على ضرورة المضي قدما نحو تحقيق التحوّل إلى الاقتصاد المنتج، واستكمال عملية الرقمنة، للوصول إلى المرونة اللازمة في التعامل مع المستثمرين المحليين أو الأجانب..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)