الجزائر

تجاهل التصعيد الأمني الخطير في اجتماع مجلس الوزراء الرئيس يرد لأول مرة على منتقدي الإصلاحات



رد الرئيس بوتفليقة على أطراف داخلية وخارجية، انتقدت بطء الإصلاحات السياسية التي وعد بها، مستحدثا لها هيئة مشاورات. واغتنم الرئيس فرصة انعقاد مجلس الوزراء، ليؤكد رؤيته لما يجب أن يكون، بينما خلا بيان المجلس من أي إشارة حيال التطورات الأمنية الخطيرة، إثر استهداف الأكاديمية العسكرية لشرشال. وانتظر الرئيس بوتفليقة اجتماع مجلس الوزراء ليبعث، لأول مرة، برسائل لمنتقدي الموقف الجزائري حيال الحاصل عربيا من اضطرابات سياسية، خصوصا لدى الجارة الشرقية ليبيا، الموقف الذي ينعته البعض ''شاذا'' قياسا بما يجب أن تفعله الجزائر، لم يرتق لدى بوتفليقة إلى مصاف ملف يطلق بخصوصه تصريحات، إلا ما تعلق بانعقاد اجتماع روتيني لمجلس الوزراء، حيث فضل الرئيس تسليط إضاءة ''بسيطة'' على إستراتيجية التعامل الجزائرية إزاء القضايا العربية الشائكة. ويندرج أسلوب تعامل بوتفليقة مع قضية زجّت بالجزائر في محور انتقادات لاذعة، ضمن الإستراتيجية القائمة على رفض إعطاء الحدث أكبر من حجمه، فبالنسبة للجزائر، لم يكن، في اعتقاد الرئيس، ضروريا أن يدلي بتصريحات يرد فيها على اتهامات المجلس الانتقالي الليبي، الذي يضم في قياداته أسماء كانت بالأمس القريب جدا ''نكرة'' ولا ترقى إلى درجة شخصيات سياسية يسمح لها حجمها بالتحدث باسم شعب بالكامل، غير أن بوتفليقة، فضل تسويق موقف الجزائر بشكل ''هادئ''، أرسل من خلاله إشارات للجيران والمجموعة الدولية مفادها أن الجزائر ترفض أن تبقى في وضع متفرج على ما يجري على حدودها أو ما يحصل في بلدان عربية، لما أكد أن الجزائر ''طرف فاعل في التحولات الجارية التي تشهدها المجموعة الدولية بما فيها الأمة العربية''، العبارة تحمل ردا، أيضا، على منتقدي ''صمت'' الجزائر حيال ما يحدث في ليبيا، وعدم تكليف نفسها، حتى تقديم إيضاحات شافية بشأن الاتهامات التي ساقتها هيئة مصطفى عبد الجليل، مكتفية بالتموقع دفاعيا، من خلال ''تفنيدات'' سطحية وخالية من التعمق تتولاها وزارة الخارجية.  وتعرضت السلطة في الجزائر إلى حملة شعواء من عديد الأطراف، داخليا وخارجيا، على موقفها ''المتفرج'' من الأزمة الليبية، وتحرك الموجود من المعارضة في الداخل، ليطلق تصريحات معادية للسلطة وللتناول الدبلوماسي للقضية. كما شنت أطراف خارجية هجوما لاذعا على الجزائر، إلى حد اتهامها بالانقلاب على حق الشعوب في الحرية، لما سيقت ضدها اتهامات تفيد بدعمها لنظام العقيد القذافي ضد الثوار. وبإطلاقه رسائل إلى الداخل، أراد الرئيس تحجيم ردود الفعل المنتقدة لبطء الإصلاحات بعد مرور أربعة أشهر على المشاورات السياسية، واعتبر ذلك بمثابة ''تدخل'' في الشأن الجزائري'' لما أكد أن ''كل شعب سيد في صنع تجربته الوطنية الخاصة. وأما الشعب الجزائري فإنه وفّق في إقامة نظام سياسي تعددي خاص به واستطاع صونه رغم المأساة الوطنية الوخيمة''. في إشارة منه إلى أن الترقب العربي والإقليمي بانسياق الجزائر إلى غياهب الربيع العربي، لا مستند له طالما أن الشعب الجزائري قد قرر ما يجب فعله ولم ينتظر ''سياقا عربيا شاملا'' حتى يقرر.  ويرد بوتفليقة بذلك على الداعين من الداخل والخارج إلى ضرورة تبني إصلاحات مثيلة لتلك التي اعتمدت لدى بعض الدول، ويرى بوتفليقة أن الشعب الجزائري ''تمكن بعد ذلك من استعادة السلم وتحريك التنمية التي لا أحد يستطيع نكرانها ولا حجب النقائص التي ما تزال تعتريها''. كما يعد تصريح بوتفليقة ''توضيحا'' لأطراف طعنت في سقف الإصلاحات ''المتدني''، قياسا للسقف الجريء الذي اعتمده العاهل المغربي محمد السادس، بمجرد ما ظهرت أولى بوادر التظاهر في بلده. وعلى نقيض ما كان منتظرا، لم يعر اجتماع مجلس الوزراء أهمية تذكر للتفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، الجمعة الفارط أثناء الإفطار، وقُرئ تجاهل العملية التي تبنتها ''القاعدة'' أول أمس، على أنه تحاشٍ لمنح الإرهابيين دعاية مجانية، كما يمكن أن يقرأ بأن العملية لا تؤشر لعودة العنف، وإنما عملية معزولة انتهز فاعلوها ظروفا معينة لإنجاحها، ذلك رغم أن بيانات التنديد توالت من الدول الكبرى.  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)