الجزائر

تاسيلي الجزائر لغة البشريةوالتاريخ



"تاسيلي" الجزائر.... لغز البشرية والتاريخ
التاريخ:: 20 يناير 2017
المصدر: اعداد :ناجية برادع
لايزال هناك العديد من الألغاز، التي تحير العلماء المتخصصين في الحضارات والآثار القديمة، من بينها كهوف «تاسيلي» الجزائرية، الواقعة في صحراء «جانت»، في الجنوب الشرقي للجزائر، وهي عبارة عن مجموعة من تشكيلات الصخور البركانية والرملية الغريبة الشكل، تسمى «الغابات الحجرية»، وأهم ما يميز هذه الكهوف وأكثرها غرابة، هو مجموعة من النقوش، وجدت مرسومة على جدرانها، تمثل حياة كاملة لحضارة قديمة يعود تاريخها - حسب آراء المتخصصين - إلى نحو 30 ألف عام، لكنها كانت تُصوّر الحاضر بتفاصيله، إلى الحد الذي جعل العالم بأكمله يسأل: كيف أن خيال هؤلاء السكان القدامى رسم ما هو في المستقبل البعيد جداً؟.. ولأيِّ غرض؟!
رواد فضاء .. وطائرات
يرجع اكتشاف كهوف «تاسيلي»، التي تعد من أهم الاكتشافات الأثرية في العصر الحديث، إلى الرحالة الفرنسي «برينان»، ففي عام 1938، قام هذا الرحالة برحلة قطع خلالها الحدود الجزائرية الليبية، ولفتت انتباهه مجموعة من الكهوف، أثارت فضوله لاكتشافها، فوجد بداخلها نقوشاً ورسوماً غريبة وعجيبة، لمخلوقات بشرية تطير في السماء، مرتدية ما يشبه أجهزة الطيران، ونقوشاً لسفن ورواد فضاء، ولرجال ونساء يرتدون ثياباً حديثة كالتي نرتديها في الزمن الحاضر، ورسوماً لرجال يرتدون معدات رياضة الغطس، وآخرين يجرون أجساماً أسطوانية غامضة، ومراسم وطقوساً دينية وبعض الآلهة القديمة، والعديد من صور الحيوانات المألوفة والغريبة، كالأبقار والخيول والفيلة والزرافات تعيش وسط مروج ضخمة، وأنهار وحدائق، ما يدل على أن منطقة الصحراء كانت مليئة بالحياة في الماضي البعيد.
استقطب ذلك الاكتشاف علماء الآثار من جميع أنحاء العالم، والذين توافدوا إلى الجزائر لدراسة وتحليل تلك النقوش العجيبة، من بينهم هنري لوت، العالم الفرنسي المختص بتاريخ الشعوب، حيث زار عام 1956، وبرفقته عدد كبير من علماء الآثار والجيولوجيا، كهوف «تاسيلي»، والتقطوا العديد من الصور بالمعدات الحديثة، كالتصوير والتحليل والمسح الذري، وقد أسفرت تلك الدراسات عن نتائج أذهلت هؤلاء العلماء، حيث أجمعوا على أن عُمر تلك النقوش هو نحو 30 ألف عام .
أتلانتس وكائنات فضائية...
وأصبح الاكتشاف لغزاً كبيراً، بحاجة إلى مزيد من البحث والتعمق، للوقوف على ماهيته، حيث فسر هؤلاء العلماء ما وجدوه بتفسيرات مختلفة وغريبة أثارت الجدل، من بينها نظرية «الفضائيين القدامى»، التي تزعم قيام كائنات ذكية من خارج كوكب الأرض بزيارة الأرض في العصور القديمة، وفي فترات ما قبل التاريخ، وقامت بالتواصل مع البشر القدامى.
ويشير أنصار هذه الفرضية إلى أن تلك الاتصالات، كان لها الأثر الأكبر في تطور الثقافات البشرية والتقنيات المستعملة، خصوصاً أن بعض الآثار والرسوم المشابهة، قد عثر عليها في أماكن وحضارات مختلفة على مر العصور في كوكب الأرض، مثل حضارات الفراعنة في مصر، وحضارة البابليين في العراق، وحضارة المايا في بيرو.
وألهمت رسوم «تاسيلي» العالم، والكاتب السويسري إيريك فان دانكن، الذي تبنى نظرية «الفضائيين القدامى»، وكتب العديد من الكتب، وأنتج أفلاماً وثائقية عدة عن كهوف «تاسيلي»، ونظرية «الفضائيين القدامى»، وتواصلهم مع السكان القدامى لكوكبنا، ولعل أشهر مؤلفاته كتاب Présence des Extraterrestres ، الذي قام بتحويله إلى فيلم وثائقي بعد ذلك، لكن رفضت أعماله من العديد من العلماء، رغم مئات الأدلة التي قدمها في كتبه.
والمتشككون في نظرية «الفضائيين القدامى» يتبنون نظرية أخرى، تقول إن تلك الرسوم تعود إلى سكان قارة «أتلانتس» المزعومة، التي ذكرت لأول مرة على لسان الفيلسوف «أفلاطون»، عندما تحدث عن زيارته إلى مصر، وقال إن الكهنة أخبروه بما حدثهم به أجدادهم عن قارة عظيمة، كانت بالقرب من أعمدة «هرقل» خلف جبل طارق، وبلغ التقدم فيها إلى درجة كبيرة ومذهلة من التطور، لكنها اختفت لسبب ما، قد يكون الغرق أو كارثة بيئية أو بسبب الحروب، وذلك حسب ما تقول الأسطورة في ما يخص الحديث عن «القارة المفقودة»، أو قارة «أتلانتس».
فيما ترجح النظرية الثالثة نسبة النقوش إلى حضارة قديمة، كانت بالفعل موجودة في تلك المنطقة، وقد وصلت من التقدم والتطور إلى درجة كبيرة، قبل أن تندثر لسبب أو لآخر، ولم يسجل هذا في التاريخ .
وتم تفنيد النظريات الثلاث، دون التوصل إلى حقيقة نقوش ورسوم كهوف «تاسيلي» العجيبة، التي سجلتها منظمة «اليونسكو» عام 1982 في قائمة التراث العالمي، كإرث حضاري أصبح على قوائم المزارات والمعارض السياحية العالمية. ويشكل الموقع أكبر متحف للرسوم الصخرية البدائية في كل الكرة الأرضية وقد تمّ إحصاء أكثر من 30,000 رسم تصف الطقوس الدينية والحياة اليومية للإنسان الذي عاش في هذه المناطق مما ينبهنا ويجعلنا نتخيل كيف كانت هذه المناطق القاحلة العقيمة تعج بالخضرة والحياة.
نشر في الإمارات اليوم


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)