مقدمـــــــــــــــــة
عرف الإنسان الرحلة أو الترحال والتنقل بفطرته التي جبل عليها منذ بدء الخليقة، منذ هبط آدم وحواء إلى الأرض ليعبدوا الله وليعمرا بأولادهما الأرض، وينتشروا فيها بسعيهم وراء مصادر الماء، التي بدورها ستوفر لهم إمكانية الزراعة والشرب وتوفر مصادر الرزق لهم ولحيواناتهم.
وكثيرا ما كانت الطبيعة تؤرقه، وتشغل باله فيقضى ساعات طويلة يتأمل فيها، وكثيرا ما كانت تفاجئه برياح عاتية أو رعد وبرق أو ما هو أفظع، كارثة طبيعية تجعله يفر، يلملم أغراضه ويرحل لمكان آخر يلتمس فيه بعض الأمن وبعض العزاء عما يكون قد فقده بسبب هذه الطبيعة الغامضة التي يبيت يفكر في أسرارها عله يأمن بعض أشرارها. ومن هنا نأتي إلى تذكر المقولة الشهيرة بأن في السفر تسع فوائد: منها الرزق، وتحصيل العلم، واكتساب الخبرات، والترفيه، ورؤية بلاد جديدة، واكتساب مزيد من العزة عند الأهل، والاستشفاء في حالة المرض، لا قدر الله.
لم تظهر الكتابة عن الرحلة إلا ربما فيما بعد الهجرة النبوية، والفتوحات الإسلامية، وازدهار الحضارة العربية وثقافتها، فظهرت كتابات عن رحلات قام بها رحالة عرب، حيث ظهر أدب الرحلات ليشكل أحد أهم تجليات الثقافة في ذلك العصر، وليجوب بعض الرحالة العرب بلادا عربية تجاور بلادهم بل وصل بعضهم إلى بلاد غير عربية وبعيدة كالصين والهند وبلاد ما وراء النهر وتركيا وغيرها.
وقد أدى الرحالة العرب مهمة سامية للأجيال القادمة، إذ أسهمت كتاباتهم لأدب الرحلات في نقل كثير من الصور الجميلة والمشاهد المميزة لتلك البلاد وطبيعتها الجغرافية، وظروفها المعيشية وألقوا الضوء على تاريخ هذه البلاد وأفكار سكانها وعادات وتقاليد قد تختلف وقد تتفق مع عادات البلاد التي جاء منها هؤلاء الرحالة، فأسهموا بذلك في نقل بعض ثقافات الشعوب الأخرى، وإثارة الاهتمام بها وتشجيع المهتمين من العلماء وطلبة العلم على زيارة تلك البلاد للنهل من معارفها وعلومها.
ظهرت الرحلة في نقوش مصرية قديمة تحكى عن (بلاد بُنت) في عهد الملكة حتشبسوت، وذكرت الرحلة في القرآن في سورة الفيل مما يدل على معرفة الإنسان لها منذ القدم.و لعل أدب الرحلة بمفهومه هو فن التعبير عن مشاعر تختلج فى نفس الأديب المغترب تجاه كل ما يراه ويعايشه ويقرأه عن ملامح بلد أجنبى بعادات، وتقاليد سكانه، وخلفيته السياسية والثقافية والإجتماعية وأحداث يعايشها الأديب ومواقف تأثر بها، وهموم عانى منها في ذلك البلد الأجنبي طالت أم قصرت مدة إقامته فيها، والتعبير عن كل ذلك بأسلوب أدبي شائق يغري القارىء بمواصلة القراءة من أول لآخر سطر، دون ملل أو كلل. ورغم أن لأدب الرحلات سمات وخصائص تميزه كما سبق أن ذكرت، إلا أن أهم ميزة من وجهة نظري هي الحرية، حرية الأديب في أن يكتب كيفما شاء، يضحكنا تارة ويبكينا تارة أخرى، وقد نشعر أحيانا أننا بصدد قصة قصيرة، و قد نقرأ شعرا، أو نشعر وكأننا طرفا في نقاش أو موجودين مع الأديب في نفس الأحداث، نتفاعل معه فيها. مدى نجاح الأديب في كتابته في أدب الرحلة بصفة خاصة يتوقف في نظري على كم التعايش الوجداني الذي يخلقه في قلب وضمير القارئ، فكلما تأثر القارئ أكثر واندمج في أحداث القص، كان ذلك برهانا على قدرة الكاتب وتميزه في كتابته
أشهر الرحالة العرب :
ابن فضـلان
صاحب كتاب رسالة ابن فضلان، ولد في القرن العاشر الميلادي، أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله من بغداد إجابة لملك الصقالبة - في روسيا - لتعليمه الإسلام وبناء مساجد وحصن له من أعدائه، فأرسل ابن فضلان على رأس وفد العلماء والفقهاء وأمضى 3 سنوات من (921- 924) في بلاد الروس والصقالبة والخرز والاسكندنافيه.
ابن جبـــــــــير
صاحب كتاب تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار، عرف بـ :رحلة ابن جبيروهو من الأندلس، اسمه محمد بن أحمد بن جبير الكناني، المعروف بابن جبير ولد في بلنسية بأسبانيا سنة 540 هـ (1145) وتعلم على يد أبيه وغيره من العلماء في عصره، ثم استخدمه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد المؤمن ملك الموحدين في وظيفة كاتم السر فاستوطن غرناطة.
وكان الأمير أبو سعيد استدعاه يوما ليكتب عنه كتابا وهو يشرب الخمر، فأرغم ابن جبير على شرب سبعة كئوس من الخمر وأعطاه سبيعة أقداح دنانير، لذلك صمم ابن جبير على القيام برحلة الحج بتلك الدنانير تكفيرا عن خطيئته، وأقام في سفره سنتين ودوَّن مشاهداته وملاحظاته في يوميات، حوالى سنة 582هـ/ (1186) وتداول كتابه الشرق والغرب حتى قام المؤرخ والمترجم الإنجليزى ويليام رايت بنشره وطبعه في كتاب جمع عددا كبيرا من الرحلات لرحالة وحجاج عرب وأجانب مسلمين ومسيحيين ويهود).
العلامة الإدريسي :
صاحب كتاب :نزهة المشتاق في اختراق الآفاق،للإدريسي، واسمه أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس.
أحد كبار علماء الجغرافيا، كما أنه كتب في التاريخ، والأدب، والشعر، والنبات ودرس الفلسفة، والطب، والنجوم، في قرطبة. ولد في مدينة سبتة شمال المغرب عام 493 هـ (1100) و مات عام 560 هـ (1166). زار الحجاز ومصر. وصل سواحل فرنسا وإنكلترا. سافر إلى القسطنطينية وسواحل آسيا الصغرى. استخدمت خرائطه في سائر استكشافات الرحالة الغربيين في عصر النهضة الأوربية، حيث حدد في خرائطه التي نشرت بكتابه اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات، ومنابع نهر النيل وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة إلى حدود الدول.
انتقل الإدريسي إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية، لأن ملكها في ذلك الوقت :روجر الثاني كان محباً للمعرفة، فشرح الإدريسي لروجر موقع الأرض في الفضاء مستخدمًا في ذلك البيضة لتمثيل الأرض، شبه الإدريسي الأرض بصفار البيضة المحاط ببياضها تماما كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرَّات.
الرحالة ابن بطوطة :
يعتبر ماركو بولو أشهر رحالة العالم في العصور الوسطى. فقد كان رجلاً استثنائياً خرج في مغامراته إلى أراض بعيدة مجهولة واستكشف أرجاء مثيرة من العالم في أسفاره ليسرد لنا قصة رائعة عن تجاربه مع شعوب وثقافات غريبة. لكن كم منا يا ترى يعرف أن رجلاً آخر عاش في الفترة ذاتها تقريباً التي عاش فيها ماركو بولو غير أنه سافر أكثر منه؟ إنه ابن بطوطة, الرحالة العربي الذي فاق كل رحالة عصره وقطع حوالي 75 ألف ميل تقريباً في أسفاره. كما أنه أيضاً الرحالة الوحيد في العصور الوسطى الذي رأى بلاد كل حاكم مسلم من حكام عصره.
في رحلته التي أراد منها أن يحج إلى مكة, زار ابن بطوطة خلالها شمال أفريقيا وسورية. ثم خرج يستكشف باقي الشرق الأوسط وفارس وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى. ووصل إلى شبه القارة الهندية وأمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهي الذي أرسله سفيراً له إلى الصين.
بعد 30 عاماً من الترحال والاستكشاف, قرابة عام 1350, بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلى وطنه. وأخيراً عاد إلى مدينة فاس في المغرب. وهناك, في بلاط السلطان ابن عنان, قرأ أوصاف ما رآه في أسفاره على ابن الجوزي. الذي خط منها كتاباً. وهذا الكتاب موجود بين أيدينا اليوم ويعرف بعنوان "رحلات ابن بطوطة".
يتحدث كتاب الرحلات عن المغامرات التي عاشها ابن بطوطة في أسفاره. فخلالها تعرض للهجوم مرات كثيرة, وفي إحداها كاد يغرق مع السفينة التي يستقلها, وفي أخرى أصبح على وشك أن يلاقي مصيره إعداماً على يد أحد الزعماء الطغاة. كما تزوج عدداً من المرات وعرف أكثر من عشيقة, الأمر الذي جعل منه أباً للعديد من الأبناء أثناء سفره.
من طنجة للعالم في 30 عاماً
ولد ابن بطوطة في طنجة بالمغرب عام 1304 لعائلة عرف عنها عملها في القضاء. وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325, وهو ابن 21 عاماً, أن يخرج حاجاً. كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب.
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:
"كان خروجي من طنجة مسقط رأسي... معتمداً حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام, منفرداً عن رفيق آنس بصحبته, وركب أكون في جملته, لباعث على النفس شديد العزائم, وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور, وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصباً, ولقيت كما لقيا نصباً."
في تلك الأيام الخوالي, كان السفر عبر هذه المسافات الشاسعة والمغامرة بدخول أراض غريبة مجازفة. غير أن ابن بطوطة كانت لديه الجرأة, أو على الأقل العزم, بما يكفي للشروع في رحلته وحيداً على حمار. وفي الطريق, التحق بقافلة من التجار, ربما بدافع السلامة, وكانت القافلة تتكاثر مع الطريق بانضمام المزيد إليها. ومع وصولهم القاهرة كان تعداد القافلة قد بلغ عدة آلاف من الرجال ولم يتوقف بعد عن الازدياد. ولابد أن ابن بطوطة قد أحس بإثارة بالغة لتقدم رحلته. فقد كانت أول تجاربه المباشرة في تعلم المزيد عن أكثر ما يهواه, وهو دار الإسلام. فقد قابل علماء المسلمين واكتسب مزيداً من المعارف الدينية والشرعية.
الجزائر وليبيا
حين وصولهم إلى الجزائر, أمضت القافلة بعض الوقت خارج أسوار المدينة لينضم إليها مزيد من الحجيج. وعند مدينة بجاية, تدهورت صحة ابن بطوطة. غير أنه بقي عازماً على مواصلة المسير وعدم التخلف عن الركب بسبب صحته. ومشيراً إلى هذا الحادث يقول: "إذا ما قضى الله أجلي, فسيكون موتي على الطريق, ميمماً وجهي شطر مكة."
وأثناء مسيرة القافلة في أراضي ليبيا, وجد ابن بطوطة أن من المناسب له أن يتزوج ابنة تاجر تونسي مسافر معهم في القافلة إلى الحج. وقد تزوجها ابن بطوطة في مدينة طرابلس, غير أن الزواج لم يعمر طويلاً بسبب خصومته مع حميه الجديد. لكن على ما يبدو لم يزعج هذا ابن بطوطة كثيراً فسرعان ما خطب فتاة أخرى هي ابنة حاج من فاس. وفي هذه المرة كان حفل الزفاف يوماً كاملاً من الاحتفالات.
مصر وسوريا
بدأت القافلة تقترب من مصر. وقد أذهلت القاهرة ابن بطوطة, إذ كانت كما هي اليوم, أكثر المدن العربية صخباً ونشاطاً ولهذا قرر أن يمضي فيها بضعة شهور. إذ لا يزال على موعد الحج على أية حال ثمانية شهور. كانت القاهرة كما وصفها ابن بطوطة "أم المدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة, لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالها وبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم..."
بقي ابن بطوطة في القاهرة قرابة شهر. وحين رحيله عنها قرر أن يسلك طريقاً غير مباشر إلى مكة مادامت شهور عديدة تفصله عن موعد الحج. ومضى إلى دمشق, التي كانت حينها العاصمة الثانية للدولة المملوكية في مصر. لم يكن هذا الجزء من رحلة ابن بطوطة مليئاً بالأحداث, ربما لاستتباب الأمن فيه نسبياً في عهد المماليك. لكن دمشق سحرت ابن بطوطة بجو التسامح والتعاضد الذي يسود فيها. وعنها يقول: "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب. هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم. وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز عوائلهن عن شرائها, وأوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء. وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان طعامهم وكسائهم ونفقات سفرهم لبلدانهم. كما أن هناك أوقافاً لتحسين ورصف الدروب, لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب."
أخيراً مضى ابن بطوطة للحج. وبعد قضائه مناسك الحج, أدرك أن نفسه تواقة أكثر من أي وقت مضي لمواصلة الترحال. ولم يكن لديه بلاد بعينها يريد أن يقصدها, بل كان هدفه الوحيد هو زيارة قدر ما يستطيع من البلدان, لكنه توخى أن يعبر دروباً مختلفة. وهكذا تنقل في الشرق الأوسط بأكمله, من إثيوبيا جنوباً إلى فارس شمالاً. "ثم سافرنا إلى بغداد, دار السلام وعاصمة الإسلام. فيها شاهدت جسرين كالذي في الحلة, يعبرهما الناس صباح مساء,رجالاً ونساء. الدروب إلى بغداد كثيرة ومعمرة بإتقان, معظمها مطلي بالزفت من نبع بين الكوفة والبصرةيفيض منه بلا انقطاع. ويتجمع على جوانب النبع كالطين فيجرف من هناك ويؤتى به إلى بغداد. في كل معهد ببغداد عدد من الحمامات الخاصة به, وفي كل منها جرن اغتسال عند أحد أركانها يتدفق الماء فوقه من صنبورين أحدهما للماء الساخن والآخر للبارد. ويعطى كل مغتسل ثلاث مناشف, واحدة ليلفها حول خصره حينما يدخل والأخرى ليلفها حول خصره حينما يخرج والثالثة ليجفف بها جسده."
ثم توجه ابن بطوطة شمالاً ليستطلع بحر قزوين والبحر الأسود وجنوب روسيا. لكن أسفاره اللاحقة الأكثر متعة كانت إلى الشرق في آسيا. فقد قصد الهند حيث نال هناك إعجاب الإمبراطور المغولي لمعارفه وقصصه. وعرض الإمبراطور على ابن بطوطة منصباً في بلاطه فقبله. وهذا ما أتاح له الفرصة ليجوب كل أنحاء الهند. وبعد اكتسابه معرفة وفيرة ببلاد الهند لكثرة أسفاره فيها, أرسله الإمبراطور سفيراً للهند إلى الصين. وكان مقدراً لهذه الرحلة أن تكون الأخيرة قبل عودته ابن بطوطة لوطنه. فرغم بعد المسافة قرر أن يقصد المغرب. وقد وصل شمال غرب إفريقيا عام 1351. وقبل عودته أخيراً إلى فاس في المغرب عام 1353 خرج في رحلة صغيرة إلى إسبانبا ثم في سفرةجنوبية إلى الصحراء الكبرى.
الوطن وكتاب الرحلات
في فاس, أعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة وأمره بأن يلزم فاس ويضع هذه القصص في كتاب. وفعلاً, بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي الكلبي (1321- 1356 تقريباً), ألف ابن بطوطة كتابه الشهير "الرحلات" في أربعة أجزاء منفصلة. وربما كان ابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بين الحين والآخر بهدف التشويق وسهولة التواصل مع القراء, لكن يعتقد عموماً أنه التزم تماماً بما سرده ابن بطوطة عليه. غير أن الغريب هو أن كتاب "الرحلات" لم يكتسب شعبية في الغرب إلا مؤخراً نسبياً, في القرن التاسع عشر, حينما ازداد التواصل مع أوروبا وقدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية والفرنسية واللغات الأوروبية الأخرى. ويقدر الباحثون الأوروبيون كتاب الرحلات عالياً باعتباره وثيقة تاريخية مهمة.
بعد انتهائه من كتاب الرحلات. لم يخرج ابن بطوطة, الذي تقدم في السن, بأي رحلة مطولة لا إلى الصحاري ولا غيرها. بل أخذ يعمل في القضاء ويواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره. ورغم عدم توفر معلومات وافية عن السنوات الأخيرة من عمره, إلا أننا نعرف أنه توفي عن عمر 65 عاماً. وبعد سنين طويلة من وفاته ظل ابن بطوطة صاحب أطول أسفار في العالم. واليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر.
مدن المغرب العربي بأقلام الرحالة العرب :
الجزائر العاصمة
عاصمة لـلقطر الجزائري منذ زهاء خمسة قرون، وقد تنقلت عاصمة القطر الجزائري (المغرب الأوسط قبل ذلك بين مدائن: تيهرت والقلعة، وبجاية، وتلمسان.
وكانت الجزائر في القديم تحمل اسم "ايكسيوم" أو "اقسيوم"، وقد أسسها هركول الفينيقي وأصحابه العشرون فردا، ولذلك سميت بهذا الاسم الذي يدل باللغة اليونانية القديمة على عدد عشرين إشارة إلى بناتها "وكانت ،المدينة، أيام الاحتلال الروماني قليلة الأهمية، ثم خربت أثناء هجمات الوندال وثورات البربر، وأصبحت مستقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" بكسر الميم والغين وسكون الزاي وتشديد النون"، وفي منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) أسس ُبلكّين بن زيري بن َمنّاد الصنهاجي في عهد والده وبأمر منه مدينة سماها "جزائر بني مزغنة" وقد بنيت على أنقاض المدينة الفينيقية السالفة الذكر وكان موقعها على ما حققه علماء الآثار في سفح القصبة أي في ساحة الشهداء والجامع الأعظم المالكي. ، »وأخذ نمو الجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية (الهلاليون) سهول متيجة فاستولت قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولم ضعفت الدولة الزيانية وتكالب الأسبان على سواحل إفريقيا، احتلوا الجزائر وأسس (بيدرو نفارو) حصنا في أكبر جزائرها (جمع جزيرة) وهو (مكان برج الفنار اليوم)، يبعد عن المدينة نحو 300 متر ويجعلها دائما تحت تهديد مقذوفاته، وذلك سنة 1510م وضاق أهل الجزائر ذرعا بالإهانة الإسبانية، فاستصرخوا لنجدتهم الأخوين بربروس خير الدين وعروج رايس ،وكانا أشد الناس صلابة في الإيمان وأقواهم شكيمة في البحر فقدما... (إلى) الجزائر وكسرا الإسبانيين بإعانة أهل المدينة شر كسرة سنة 1516 (وعين) خير الدين ملكا على الجزائر وازدانت أيامه بالعدل والخير واعترف حتى أعداؤه بفضائله وكمالاته، وحاول المسيحيون إعادة الكرة على المدينة فردتهم المدينة مذمومين مدحورين في سنة 1519 م، وفي عام 1529 م تمكن خير الدين من الاستيلاء على الحصن الإسباني الذي بقي مهددا للمدينة من البحر وجعله حصنا إسلاميا ....(ومنذ ذلك الحين) أصبحت الجزائر عاصمة للمملكة العظمى التي تشمل القطر الجزائري، وتبسط نفوذها على البلاد التونسية، وكانت (الجزائر) دولة (قوية) يملأ أسطولها البحار رعبا يسالم من سالمه ويحميه ويـفديه، ويحـارب من حاربه ويدمـره...«
مدينة الجزائر في عيون الرحالة العرب
وقد أفاض في وصفها الرحالة العرب واستوقفت معالمها المؤرخون، وقد وصفها الأصطخري في أوائل القرن الرابع الهجري، فقال: "وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن" كما وصفها ابن حوقل عندما زارها في عهد بلكين أي حوالي سنة 337 هـ، فقال: " وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن".
ويصفها البكري في كتابه المسالك والممالك بقوله: »....وهي مدينة جليلة قديمة البنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم«.
أما ابن زاكور (ت 1120 هـ) الشاعر المغربي المعروف، فقد قدم إلى الجزائر بحرا سنة 1093 هـ، واجتمع بعدد من علمائها وأخذ عنهم واستجازهم، وحصل على الإجازات التي كانت آنذاك بمثابة الشهادات العلمية، ثم عاد إلى بلده ،فيقول في وصف مدينة الجزائر: »وأنه لما من علي المولى الكريم، ذو الفضل السابغ العظيم، بدخول مدينة الجزائر، ذات الجمال الباهر، وحلول مغانيها النواضر، التي غص ببهجتها كل عدو كافر، فلذلك يتربصون بها الدوائر في الموارد والمصادر، ويرسلون عليها صواعق لم تعهد في الزمن الغابر، أبرأني من غليلي ووجدي ما عانيته من روائها العسجدي، وبحرها اللازردي، إذ هي كما قيل:
بلدٌ أعَارَتْهُ الحَمَامَةُ طوْقَهَا وكساهُ حُلَةً ريشَهُ الطّاوُوسُ
ما شئت من حدائق، كالنمارق، وقصور نوعُ المحاسن من عليها مقصور، والذي أعارها ذلك المرأى الجميل، وأصارها فضية الصباح عسجدية الأصيل، وألحفها بهجة وإشراقا، وألبسها نضرة وإبراقا وأبدها للعيون آنق من جيرون "
تيهــــــــــــــرت
ازدهرت تيهرت وبلغت شهرتها الآفاق ، وشدت إليها الرحال للتجارة والسكن والعيش الرغيد الآمن ، مما جعل الكتاب والرحالة يقصدونها ويشيدون بها ومن ذلك ما قاله المقدسي واصفا لها فيقول : " ... هي بلخ المغرب ، قد أحدقت بها النهار ، والتفت بها الأشجار ، وغابت في البساتين ، ونبعت حولها العين ، وجل بها الإقليم ، وانتعش فيه الغريب ، واستطابها اللبيب ، يفضلونها على دمشق وأخطأوا ، وعلى قرطبة وما أظنهم أصابوا ، هو بلد كبير ، كثير الخير رحب ، رقيق طيب ، رشيق الأسواق ، غزير الماء ، جيد الأهل ، قديم الوضع ، محكم الرصف ، عجيب الوصف
ولقد اهتم أئمة الدولة الرستمية بالجانب الاقتصادي لدولتهم ، فاهتموا بالزراعة وكانت تكثر فيها البساتين وزراعة الحبوب ، والعصفر والكتان والسمسم ، والنخيل ، ومختلف الفواكه ، والتين والزيتون ، فكانت تدر عليهم أرباحا طائلة ، وقد كانت تكثر فيها الأنهار ، وأقام الرستميون خزانات وأحواض للماء كبيرة اكتشفها الأثريون ، وكانت محكمة التصميم والهندسة ، ليحافظوا على الماء أيام الجفاف ، بل إنهم أوصلوا الماء إلى البيوت عن طريق الأنابيب وشق القنوات . واهتموا كذلك بالرعي وتربية الماشية ، لكثرة المراعي الخصبة في الدولة الرستمية ، فكانوا يربون الغنم والبقر والجمال والخيول والبغال والحمير ، وكانت تجارتها رائجة ، وتصدر إلى الدول المجاورة ، وكانوا يستغلونها في إنتاج الصوف ، قال ابن حوقل يصف الماشية في تيهرت و أحوازها : " وهي أحد معادن الدواب والماشية والغنم والبغال والبراذين الفراهية ، ويكثر عندهم العسل والسمن "
حتى أن بعضهم كان يمتلك مئات الآلاف من الماشية ، التي كانت عمادا لبيت مال المسلمين ، قال الإمام عبد الوهاب : " لولا أنا ومحمد بن جرني ويبيب بن زلغين لخرب بيت مال المسلمين : أنا بالذهب ، ومحمد بن جرني بالحرث ، وابن زلغين بالأنعام " .
وكذلك كان لهم اهتمام كبير بالصناعة ، فكانت توجد في الدولة الرستمية العديد من الصناعات والحرف كالنجارة والحدادة والخياطة والدباغة والطحن ، وصناعة السفن والقوارب ، وصناعة الزجاج والفخار والتحف والعطور ، والخشب المنحوت والمخطوط والمموه والمرصع بالعاج أو الصدف ، وصناعات الذهب والفضة ، حتى أنها كانت تضرب منها الدراهم والدنانير ، فكانت لها عملاتها الخاصة التي كشفت عنها الآثار .
وقد اهتم الرستميون بالتجارة أيما اهتمام ، فأنشئوا الأسواق في مختلف المدن ، فكانت رائجة بشتى أنواع البضائع والمؤن التي تأتي من داخل الدولة الرستمية نفسها أو من الدول الأخرى عن طريق العلاقات التجارية ، حيث أنه كانت للدولة الرستمية علاقات تجارية مع الكثير من الدول كالأندلس ومصر وبلاد السودان وغيرها من الدول في المشرق والمغرب ، فكانت القوافل التجارية تخرج من الدولة الرستمية محملة بشتى أنواع البضائع والمؤن إلى تلك الدولة ، وتعود كذلك محملة بالبضائع التي تنتج في تلك البلاد ، وكانت تجارة الذهب وبيع الرقيق رائجة في ذلك الوقت ، وللدولة الرستمية نشاط كبير فيها ، ووصل النشاط التجار ي في الدولة الرستمية إلى حد أنه كان يوجد بها التخصص في الأسواق ، فكان بها سوق النحاس ، وسوق الأسلحة ، وسوق الصاغة ، وسوق الأقمشة وغيرها من الأسواق .
وقد قام الأئمة الرستميون بإنشاء بيوت للأموال في مدن الدولة الرستمية ، وبيت مال مركزي في العاصمة تيهرت مع دار للزكاة ، وكانت موارد بيوت المال تختلف عن موارد دار الزكاة ، فدار الزكاة مورده هو أموال الزكاة فقط ، وكانت تصرف أموال الزكاة من هذه الدار لمستحقيها الشرعيين الذين حددهم الله تعالى في كتابه في قوله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... والله عليم حكيم } التوبة : 6
وأما دور الأموال فكانت مصادرها الجزية وخراج الأراضي والضرائب والرسوم التي تؤخذ على القوافل التجارية والتجار والحرفيين ، وكانت أموال هذه الدور تسخر في أجور الموظفين في الدولة ، وفي بناء المساجد والطرقات والأسواق ومصالح المسلمين أيضا فإننا نجد أن الرستميين اهتموا بالجانب العلمي والفكري اهتماما كبيرا ، ولا أدل على ذلك أن من الشروط الأساسية في إمام الدولة حتى يتم انتخابه ، أن يكون عالما بأمور الشريعة والسياسة والحكم .
فاهتمت الدولة بإنشاء المؤسسات التعليمية كالكتاب ـ أماكن للتعليم ـ وكذلك إقامة حلق العلم في المساجد سواء في التفسير أو الحديث أو الفقه أو اللغة وغيرها من العلوم ، حتى أن أئمة الدولة الرستمية كانوا يساهمون في التعليم بأنفسهم ولا يأنفون من ذلك أو يتكبرون ، كالإمام عبد الوهاب الذي قضى سبع سنوات يعلم الناس أمور الصلاة في جبل نفوسة ، أو الإمام أفلح الذي دارت عليه أربع حلق للعلم قبل أن يبلغ الحلم .
وكذلك اهتمت الدولة الرستمية بإنشاء المكتبات العلمية الزاخرة بمختلف فنون العلم والآثار ، ومن مكتباتها المشهورة مكتبة " المعصومة " التي كانت تحوي آلافا من المجلدات والكتب ، أوصلها بعض الباحثين إلى ثلاثمائة ألف مجلد ، فكانت تحوي بين رفوفها كتبا في علوم الشريعة من تفسير وحديث وفقه وتوحيد ، وكتبا في الطب والرياضيات والهندسة والفلك والتاريخ واللغة وغيرها من العلوم المختلفة ، ولم تكن كتبها مقتصرة على مذهب بعينه بل كانت تجمع مؤلفات لمختلف المذاهب الإسلامية ، ومن المكتبات المشهور الأخرى " خزانة نفوسة " الجامعة لآلاف الكتب ، وكذلك لم تخل منازل العلماء في الدولة الرستمية من وجود المكتبات الخاصة .
وهذه النهضة العلمية لابد وأن يواكبها نهضة في مجال التأليف ، فحازت الدولة الرستمية قصب السبق في ذلك ، فقدم أئمتها وعلماؤها للأمة الكثير من المؤلفات في مختلف فنون العلم سواء الدينية أم الدنيوية ، وكان أئمة الدولة الرستمية في مقدمة الركب في ذلك ، كالأمام عبد الرحمن الذي ألف كتابا في التفسير ، وكتابا جمع فيه خطبه ، والأمام عبد الوهاب الذي ترك لنا كتابا يعرف بـ " مسائل نفوسة الجبل " ، وأما الإمام أفلح فقد ترك لنا الكثير من المؤلفات والرسائل العلمية منها المطبوع ومنها المخطوط ، وأما الإمام أبو اليقظان فكان من المكثرين في التأليف ومن مؤلفاته " رسالة في خلق القرآن " وغيرها من المؤلفات ، هذا بالنسبة لأئمة الدولة الرستمية ، وأما علماؤها فحدث عنهم في مجال التأليف بلا حرج .
كذلك فإن الدولة الرستمية لم تهمل جانب العلوم العقلية كعلم الكلام وغيره ، فكانت تجري بين العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية والتيارات الفكرية المناظرات والمناقشات العلمية بحرية تامة وبلا تضييق ، وذلك أن الدولة الرستمية عاش في كنفها الكثير من اتباع المذاهب الإسلامية كالإباضية والمعتزلة والصفرية والحنفية والمالكية والشيعة وغيرهم ، بل كان هناك وجود لليهود والنصارى كما ذكرنا .
ويحدثنا ابن الصغير عن ذلك فيقول : " من أتى إلى حلق الإباضية من غيرهم ، قربوه وناظروه ألطف مناظرة ، وكذلك من أتى من الإباضية إلى حلق غيرهم كان سبيله كذلك " ، وابن الصغير نفسه كانت له مناظرات مع علماء الدولة الرستمية من الإباضية .
كذلك نجد أن الدولة الرستمية كان لها اهتمام بالأدب العربي من شعر ونثر ، فأما النثر فيظهر ذلك جليا من خطب أئمة الدولة الرستمية ومراسلاتهم ، وأما الشعر فكان لهم نصيب فيه ولكن ليس كالنثر ، ومن شعراء الدولة الرستمية الإمام أفلح بن عبد الوهاب ، ومن قصائده العصماء تلكم القصيدة في فضل العلم التي يقول في مطلعها :
العلم أبقى لأهـل العلم آثـارا :: وليلهم بشموس العلم قد نـارا
يحيى به ذكرهم طول الزمان وقد :: يريك أشخاصهم روحا وأبكارا
حي وإن مات ذو علم وذو ورع :: إن كان في منهج الأبرار ما مارا
ومن شعراء الدولة الرستمية شاعر تيهرت بكر بن حماد الزناتي ، ومن شعره :
قف بالقبـور فنادي الهامدين بهـا :: من أعظم بليت فيها وأجساد
قـوم تقطعت الأسـباب بينهـم :: من الوصال وصاروا تحت أطواد
راحوا جميعا على الأقدام وابتكروا :: فلن يروحوا ولن يغدوا لهم غادي
والله والله لـو ردوا ولو نـطقوا :: إذا لقالوا : التقى من افضل الزاد
وقد كانت للدولة الرستمية علاقات ثقافية مع بلدان المغرب والأندلس ، ومع بلاد السودان وبلدان المشرق العربي ، فكانت بينهم مراسلات ولقاءات .كذلك فإن الدولة الرستمية تميزت بجمالها المعماري ، فكان بها القصور والبيوت والمساجد والأسواق والفنادق والحمامات يحيط بكل ذلك سور ، وكانت تمر خلالها المياه حتى تصل إلى البيوت ، وقد تفنن الرستميون في بناء دولتهم حتى وصفت بعراق المغرب ، وببلخ المغرب . وقد أطنب المأرخون والرحالة في وصف جمالها وحسنها ، وقد ذكرنا شيئا مما ذكره المقدسي ، ولنستمع إلى ابن الصغير وهو يصف تيهرت في عهد الإمام افلح فيقول : " ... وشمخ في ملكه ، وابتنى القصور ، واتخذ بابا من حديد ، وبنى الجفان ، وأطعم فيها أيام الجفاف ... وعمرت معه الدنيا ، وكثرت الأموال والمستغلات ، وأتته الرفاق والوفود من كل الأمصار والآفاق بأنواع التجارات ، وتنافس الناس في البنيان ، حتى ابتنى الناس القصور والضياع خارج المدينة ، وأجروا النهار ... " .
ومن أشهر مدن الدولة الرستمية : مدينة " تيهرت " العاصمة ، ومدينة " وهران " ومدينة " شلف " ومدينة " الغدير " والمدينة " الخضراء " وغيرها من المدن .
وكان للمرأة دور بارز في الدولة الرستمية ، فأنجبت لنا الدولة الرستمية العديد من العالمات والمصلحات ، كأمثال أخت الإمام أفلح ، وأخت الشيخ عمروس ، اللتان تعدان من عالمات الدولة الرستمية ، ولا أدل على بروز المرأة في المجتمع الرستمي وانتنشار العلم بينهن من كلام أحد أفراد الدولة الرستمية واصفا ذلك فيقول : " معاذ الله أن تكون عندنا أمة لا تعلم منزلة يبيت فيها القمر " هذا بالنسبة للإماء فما بالنا بالحرائر .
كذلك فإن أئمة الدولة الرستمية اهتموا بالجانب العسكري للدولة ونشر الأمن والسلام في ربوعها ، فكانت لهم الجيوش الجرارة التي تحمي الدولة من اعتداء الغاشمين ، وكان لهم الوزراء والولاة والقضاة الذين يعينون الإمام في تسيير دفة الحكم والمحافظة على حقوق الشعب ، وكانت لهم الشرطة التي تحافظ على الأمن والنظام في مدن الدولة الرستمية وأسواقها .
وقد ساهمت الدولة الرستمية مساهمة فعالة في نشر الإسلام في إفريقيا السوداء عن طريق ممارسة التجارة مع تلك المناطق التي لم تكن تعرف الإسلام قبل وصول تجار الدولة الرستمية حاملين معهم مشعل الهداية ، ومن أمثال هؤلاء الدعاة التجار الذي أنجبتهم الدولة الرستمية علي بن يخلف النفوسي الذي كان السبب في إسلام ملك مملكة مالي وشعبه .
وقد امتدت حدود الدولة الرستمية في فترة من فتراتها الزاهرة من حدود مصر شرقا إلى مدينة تلمسان في أقاصي المغرب الأوسط غرب .
وبعد هذا العمر المديد وهذه الإنجازات الضخمة التي قدمتها الدولة الرستمية للأمة الإسلامية ، هجم عليها أبو عبد الله الشيعي داعية الفاطميين في سنة 296هـ ، فدمرها وعاث فيها فسادا ، وقتل أهلها ، ولم يكتف بذلك ، بل قام بإحراق مكتبة المعصومة بعد أن أخذ منها الكتب الرياضية والصناعية والفنية ، فقضى بذلك على تراث عظيم من تراث الأمة الإسلامية فحسبنا والله ونعم الوكيل .
هذه هي الدولة الرستمية الإسلامية ، والتي للأسف الشديد تجاهلها الكثير من المؤرخين والكتاب القدماء أو المحدثين ، وإذا ذكروها لا يذكرونها إلا بقصد التجني عليها ، وتشويهها والتعتيم على الإنجازات العظيمة التي حققتها خدمة للأمة الإسلامية ، وكل هذا يعود إلى الأهواء السياسية ، و التعصبات المذهبية المقيتة التي عادت على هذه الأمة بالشر والوبال ، بالرغم من أن الدولة الرستمية أظلت بظلها مختلف المذاهب الإسلامية بل والديانات الأخرى ، مصانين الحقوق والكرامة .
ومن أمثال هؤلاء المؤرخين الذين ظلموا الدولة الرستمية ، وكان حري بأمثالهم الإنصاف : ابن عبد الحكيم ( تـ : 257هـ ) صاحب كتاب " فتوح مصر والمغرب والأندلس " ، والبلاذري ( تـ : 279 ) صاحب كتاب " فتوح البلدان " ، وحتى ابن خلدون الذي شهد له بالموضوعية لم يسلم من ذلك .
عنابة
ومن المدن صانعة التاريخ (هيبون) أو بونة، أو بلد العناب، أو عنابة فهذه المدينة تقف اليوم صفحة مشرقة تروي لكل من يقرأها ويتأملها روائع أصحابها القدماء، وتحمل إليه صور الماضي البعيد، وما أقاموه شاهدًا على حضارتهم العريقة التي بلغت أوجها ذات يوم. وتحكي له مآثر أولئك القدماء الذين امتدت رقعة إمبراطوريتهم على مساحات شاسعة من العالم شرقا وغربا، وتحققت لهم الانتصارات تلو الأخرى. وتمتعت مدنهم بالأمن والازدهار والنهضة واتسمت بالفخامة والجمال في البناء ثم رحلوا عنها ولم يبقى إلا آثارهم لتكون عبرة لمن بعدهم.
وهو ما يفهم منه أن مدينة (بونة) عنابة أدت دورًا تاريخيا عبر العصور والأجيال. فهي مدينة وميناء من أهم الموانئ على ضفة البحر المتوسط في التاريخ القديم – وحتى في التاريخ المعاصر أيضا – وأسهمت في ازدهار الحضارة الفينيقية والرومانية، وزرعت وجودها العمراني والتجاري والحضاري في البحر الأبيض المتوسط. ولعله لم يكن ليحدث هذا لو لا موقع بونة الاستراتيجي على البحر ومركزها عند ملتقى خطوط المواصلات والتجارة البرية والبحرية. ومن ثم لا نعدم قول القـائل إن مـوقع المدن » ذو تأثير كبير على مصير الإنسان ورخائه ونموه الاجتماعي وتطوره الحضاري عبر القرون(...)، ومن ثم على تكييف صلاته مع العالم الخارجي، وتفاعله مع مختلف الشعوب التي جاءت إلى هذه البلاد للتجارة أو للاستعمار أو لنشر المبادئ والإيديولوجية «. وهو ما نستخلصه من أقوال الرحالة والجغرافيين العرب والغربيين وأصافهم.
وقبل إيراد ذلك أو سرده أو التذكير بأن وصف الرحالة والجغرافيين للمدن لا يختلف كثيرًا عن وصف السائحين اليوم للمدن التي يزورونها إلا أنهم – أي القدماء – قيلا ما يذكرون عدد السكان والمساحة. وإنما كان همهم – فيما يبدو لي – تعداد أو وصف ما في تلك المدن من الحصون والجوامع والكنائس، والحمامات والشـوارع، والأسـواق والحيوانات والنتاج الزراعي والصناعي، والطبيعة المحيطة بذلك.
ومن الذين مروا على بونة أو نزلوا بها وأقاموا، أو وصفوها اعتمادًا على ما نقلوه من مـؤلفات الذين سبقوهم :
ابن حوقل النصيبي (تـ367ﻫ) : فقد جاب الهجري (العاشر الميلادي) مختلف أقطار الأرضهذا الرحالة (التاجر) في القرن الرابع لأجل الدرس والتجارة والكسب، ومنه أقطار المغرب العربي شرقا وغربا، شمالا وجنوبا ولم تكن زيارته زيارة عابر سبيل، بل كانت مناسبة للدرس والتأمل فسجل لنا ملاحظات نعدها من أهم ما وصلنا في وصف المغرب منذ الفتح الإسلامي. وأكثر ما عني به الناحية الاقتصادية للمدن وللمناطق التي زارها، بحكم مهنة التجـارة التي كـان يمارسها. يقول في وصف بونة : » ومدينة بونة مدينة مقتدرة، ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة (...) وهي على نحر البحر،
تلمسان
لقد أبهرت تلمسان منذ أن تأسست كحاضرة من أهم حواضر المغرب العربي كل من زارها من الرحالة وطلاب العلم والموفدين إليها من السفراء من المشرق والمغرب واللاجئين إليها بحثا عن الآمان. ولم يتردد هؤلاء في وصفها في كتبهم وسفراتهم ، فأكثروا في مدحها وأطنبوا في إظهار جمال منشآتها العمرانية وحسن تخطيطها وتطور حضارتها. وقد استهوت تلمسان حتى أولئك الذين تعرفوا عليها في كتب الآخرين ولم يزوروها، لما تمتعت به من شهرة طيبة وإشعاع باهر.
ومن بين الذين وصفوا لنا تلمسان بشيء من التفصيل والاهتمام بموقعها الجغرافي ومنشآتها المدنية والعسكرية والدينية الرحالة العمري المتوفى سنة 749هـ، فقال:
" وأما تلمسان وهي قاعدة الملك الذي فتحه هذا السلطان بسيفه، واستضافه إلى ملكه، قال الشريف في كتاب روجار وهي في سفح جبل وبها آثار الأول، وماؤها مجلوب من عيون على ستة أميال، ولها أسواق ضخمة، ومساجد جامعة، وأنهار وأشجار، وشجر الجوز كثير بها، وفيها المشمش المقارب في حسنه لمشمش دمشق وعلى نهرها الأرحاء ، ويصب نهرها في بركة عظيمة من آثار الأول، ويسمع لوقعه خرير على مسافة ثم يصب في نهر آخر بعدما يمر على البساتين، ويستدير بقبليها وشرقيها، وتدخل فيه السفن اللطاف حيث يصب في البحر.
وهي دار علم متوسطة في قبائل البربر، ومقصد تجار الآفاق، زكية الأرض من الزرع والضرع، وبها حصون كثيرة، وفرض عديدة أشهرها فرضة هنين وهي قبالة المرية (من الأندلس) ووهران (في شرقي تلمسان شمال قليل على مسيرة يوم من تلمسان، ومستغانم تقابل دانية من الأندلس).
وتلمسان على ما بلغ حد التواتر في غاية المنعة والحصانة مع أنها في وطاءة لكنها محصنة البناء، ولقد أقام أبو يعقوب يوسف عم هذا السلطان أبي الحسن نحو عشر سنين وبنى عليها مدينة سماها تلمسان جديدة ثم مات، وسمى أهل تلمسان تلك السنة سنة الفرج حتى كتبوا في سكتهم ونقشوا: ما أقرب فرج الله، وشرع حينئذ أبو حمو بعد إتمام سنة من الفرج من رحيل بني مرين عنها، وهو والد سلطانها أبي تاشفين المأخوذة منه في تحصيل قوتها، وتحصين أسوارها، ولم يدع ما يحتاج إليه المحاصر لعدة سنين كثيرة حتى حصله من الأقوات والآلات حتى سليت الشحوم، وتمليت بها الصهاريج وملئت أبراج المدينة بالملح والفحم والحطب واختزن داخل المدينة كلها زرع، ومات أبو حمو وولي بعده أبو تاشفين فزادها تحصيلا من الأقوات، وتحصينا من الأسوار والآلات، وبنى بها البناءات العجيبة الشكل ، والقباب الغريبة المثل، والبرك المتسعة، والقصور المنيفة، وغرس فيها بساتين، غرس بها من سائر أنواع الثمار إلى أن حاصر بجاية ونازلها وبنى عليها، فاستنجد الموحدون المريني، فأرسل إليه العلماء الصلحاء والأعيان، وندبوه إلى الصلح بينهم فأبى إلا عتوا وفسادا، فنهض إليه أبو الحسن وحاصره أشد حصار، وبنى عليه مدينة سماها المنصورة، وبقي أربع سنين محاصرا لها، مضيقا عليها آخذا بخناقها، ونصب عليها المجانيق وأخذ عليها المسالك من كل جهة، ولم يدع طريقا للداخل إليها ولا لخارج منها، وسلطانها أبو تاشفين وجميع أهلها في ضيق الخناق معهم، ولا يفك لهم وثاق، ولا يحل لهم خناق، ولا تبرق لديهم بارقة خلاص، وكانوا مع هذا التشديد الشديد في غاية الامتناع، لحصانة بلدهم وكثرة ما بها من الماء والأقوات، وكان في المدينة عين ماء لا يقوم بكفايتها، وكان يجري إليها الماء من عين خارجة عن البلد لم يعرف لها (أحد) منبعا أخفيت بكثرة البناء المحكم، ولم يظهر لها على علم إلى أن خرج أحد من يعرفها من البنائين المختصين بسلطانها الكاشف عنها حين بنائها، فأظهرها للسلطان أبي الحسن وكشف عنها فقطعها عنهم، وأبعدها منهم، وصرفها إلى جهة أخرى فقنعوا بالعين التي في داخل بلدهم، واكتفوا بالبلالة، ولم يظهر منهم وهن ولا خور لانقطاع الميرة لما كان عندهم من المخزون حتى قدائد اللحوم ومسليات الشحوم ولم يتغير طعمها لأن بلاد الغرب مخصوصة بطول مكث المخزونات بها، فإنه ربما بقي القمح والشعير في بعض أماكنها ستين سنة لا يتغير ولا يسوس ثم يخرج بعد خزن هذه المدة الطويلة فيزرع وينبت وخصوصا تلمسان في بر العدوة، وطليطلة في الأندلس."
"...ونعود إلى ذكر تلمسان، فنقول: إنها منحرفة إلى الجنوب الشرقي من فاس، ولها ثلاثة أسوار ومن جهة القصبة ستة أسوار بعضها داخل بعض، ولم يهجس بخاطر أنها تؤخذ ولكن بسم الله لهذا السلطان أبي الحسن المريني صعبها وذلك له إباءها حتى ملك ناصيتها، وبلغ دانيتها وقاصيتها، وإذ قد ذكرنا قواعد الملك الثلاث فلنذكر ما لا بأس بذكره من هذه البلاد".
التخطيط العمراني لتلمسان في العهد الزياني
لم تشهد مدينة تلمسان حديثا حفريات ولا تنقيب في ميدان العمران والآثار بالشكل والحجم الذي كان يفترض أن يكون في مدينة كلها آثار، ولذلك يعاني الباحثون من صعوبة التعامل مع المعطيات العمرانية والأثرية لعدم توفرها. وأمام هذه الندرة، يلجأ الباحث إلى دراسة المخطط العمراني والبنية الداخلية لمدينة تلمسان من خلال النصوص التاريخية التي تتناول جلها العهد الزياني، والمصنفات العامة والخاصة بتاريخ بني زيان وحضارتهم، وكذلك باللجوء إلى بعض الدراسات والأبحاث الميدانية الحديثة، على قلتها وندرتها وغموض بعضها.
ولا يسعنا في مثل هذه الحالة إلا أن ننبه إلى أن بعض المعلومات قد تكون تقريبية ولا سيما فيما يتعلق بتحديد أماكن الأحياء، والدروب والأزقة والقصور، التي وردت أسماؤها في هذه النصوص لاندثارها وزوال معالمها العمرانية، بسبب يد الإنسان وفعل الزمان الذي عبث بها.
لا تختلف تلمسان في تخطيطها عن المدن الإسلامية في المغرب والمشرق، فهي تحمل نفس الصفات العمرانية وتتسم ببنية داخلية مشابهة. تتميز المدينة الإسلامية عموما في بلاد المشرق والمغرب بسمات مشتركة، بغض النظر عن الخصوصيات التي تفرضها البيئة الطبيعية والتقاليد المحلية، لأن تشييد المدينة الإسلامية مرتبط بضوابط وشروط معمارية أساسية. ولم تخرج تلمسان عن هذا النمط، فوجدت بها تلك المعالم العمرانية الأساسية وعلى رأسها:
أولا: المسجد الجامع:
ويعتبر النواة الأولى للعمران، ويقع في وسط المدينة، وهو مكان لأداء فريضة الصلاة، ومقر لاجتماع سكان المدينة لتداول أمورهم الاجتماعية والاقتصادية وتعليم أبنائهم مختلف العلوم العقلية والنقلية.
ثانيا: القصبة:
وهي الحي الذي يسكنه الأمير، أو السلطان وأسرته وحاشيته وجنده، مكونة من مباني مخصصة لهذه الطبقة الاجتماعية المرموقة التي تتصدر الهرم الاجتماعي في المدينة وتتربع عليه ولها أبواب خاصة بها.
ثالثا: الأسوار:
تحيط هذه الأسوار بالمدينة، وتدور حولها من جميع الجهات وهي التي تفصلها عن البادية والحقول الزراعية وتحميها من الغزاة.
رابعا: الأبواب:
تتضمن أسوار المدينة عدة أبواب، تربطها بالبادية من عدة جهات وتراقب فيها حركة المتنقلين من التجار والقوافل التجارية. وجرت العادة عند المسلمين أن يؤسسوا أبوابا في اتجاه المدن الكبيرة سواء داخل القطر أو خارجه، ويسمونها في بعض الأحيان بأسماء هذه المدن، مثل باب ’’ فاس ’’ في تلمسان، التي تقع في الجهة الجنوبية الغربية للمدينة.
خامسا: القيصارية أو السوق الكبير:
ينتشر فيها عدد كبير من المحلات والدكاكين التجارية المختلفة، تقع قرب المسجد الجامع، حتى يتمكن المصلون من اقتناء حاجتهم بعد الصلاة.
سادسا: وظيفة سكان المدن:
يشتغل أهل المدينة في غالب الأحيان بوظائف الدولة، ويرتكز معظم عملهم في المجال التجاري والحرفي ، وكذا الفضاء الثقافي والعلمي. ويمتلك أهل المدينة أراضي خارج أسوار المدينة يقومون بفلاحتها وتعود عليهم بمداخل معتبرة. وقد اجتمعت في تلمسان الخصائص الوظيفية التي تجعل منها مدينة كبرى وحاضرة عظمى، لا سيما وأنها شيدت لأغراض سياسية لتكون مقرا للحكم وقاعدة للدولة، وسوق تجاري هام، ومركز إداري معتبر.
سابعا: الطرق والأزقة والمنازل:
أما شبكة الطرق الداخلية والأزقة، وتخطيط مسالك المواصلات والدروب المخصصة للراجلين والعربات والحيوانات، فهي ترمي إلى ربط مركز المدينة بأحيائها من جهة، وتصل المدينة بالخارج من جهة ثانية عن طريق أبواب وضعت في الأسوار لتؤدي إلى اتجاهات مختلفة.
ويمتاز سكان المدينة بحرصهم على صيانة ديارهم وبنائها على نمط يصون حريمهم من العيون الخارجية، تمشيا مع القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد التي بنيت عليها الأسرة الحضرية الإسلامية. فهذه الضوابط والتصرفات العمرانية يتقيد بها نظام مسكن الحي في المدينة قصد توفير أسباب الحصانة والراحة للمقيمين بها. ويهدف المخطط العمراني لتلمسان أيضا إلى عزل المساكن، ووضعها بعيدا عن مسالك النقل الكبرى، حتى توفر لأصحابها مزيدا من الأمن والراحة . وهي ضوابط تفند ما ذهب إليه بعض المستشرقين من أن البناء في المدن الإسلامية يتميز بالعشوائية وعدم التماسك.
وهران
وهران مدينة جزائرية على الساحل الغربي للبلاد على البحر المتوسط، عاصمة غرب البلاد وثاني أكبر مدينة بعد الجزائر العاصمة. تعد المدينة مركزا اقتصاديا وميناء بحريا هاما.
تقع مدينة وهران داخل الخليج الذي يحمل اسمها, على خطي العرض 35 و42 درجة شمالا وعلى خطي الطول 30 و38 درجة غربا, ويبلغ عرض خليجها 21 كلم, وتحيط بالمدينة جبال لا يتجاوز ارتفاعها 579 م, وهي بذلك تقع في منطقة معتدلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. أما موقع المدينة فإنها توجد بين السفوح الشرقية لجبل (مرجاجو) غربا و(الجروف الصخرية) وهضبة (بئر الجير) شرقا, والسبخة الكبرى جنوبا. تحتل وهران موقعا استراتيجيا هاما, فهل تطل على البحر الأبيض المتوسط من جهة ولا تبعد عن شبه جزيرة إيبيريا كثيرا, إضافة أنها تعتبر منفذا حضاريا هاما, سواء غربا أو شرقا أو شمالا.
تعتبر مدينة وهران عاصمة إقليمية للغرب الجزائري بسبب تحكمها في طرق المواصلات (البرية والبحرية والجوية والحديدية), وسيطرتها على الحركة التجارية مع الداخل (المدن الغربية والجنوبية الغربية) والخارج (أوربا كفرنسا وإسبانيا).
أصل التسمية:
كانت النواة الأولى للمدية تقع على الضفة اليسرى لوادي (رأس العين) وتدعى قرية (إيفري) وكان سكانها ينتمون إلى قبيلتي (مغراوة) و(نفزاوة) البربريتين, ولكن التاريخ لا يذكر شيئا عنها وعن حركة القبيلتين ولا عن موطنهما الأصلي, لكن الثابت تاريخيا أن وهران بنيت في القرن 3 الهجري, ولقد ظهر اختلاف كبير في تسمية وهران:
- قيل: "أن (بني يفرق) عندما أرادوا غزوها لم يستطيعوا التعرف على مكانها, وعثروا على رجل من أهلها فسألوه عنها فرفض أن يرشدهم إليها وشددوا عليه فصوب عصاه نحوها, وقالوا له: هي صوب عصاك هذه؟ فقال لهم: واه. ثم سمعوا شخصا آخر يقول: رانا. فقصدوه وعثروا على المدينة وسلبوا أهلها وسبَوهم وقالوا: هذه غنيمة (واه رانا)"
- وقيل: أن كلمة وهران جمع ومفردها: (أهرى) بمعنى (مخزن أو مستودع).
- وقيل: بأن وِهران بكسر الواو كلمة بربرية تتكون مشتقتاها من عدة معاني: (وَ) معناه: مكان في, (هر) مرادف (أهر) ومعناها الأسد, (آن) هي علامة جمع؛ وخلاصة القول أن وهران عرين الأسد أي مخزنه ومكانه.
- هناك رأي آخر: يذهب إلى أن وهران كلمة بربرية, ومعناها في لغة قبائل الزناتة: الثعلب.
- ويذهب آخرون: بان (وِهران) مثنى (وِهر) بمعنى الأسد, وهذا الذي يمكن الاعتماد عليه باعتبار أن وهران كان يعيش بها الأسد, كما يوجد بها جبل الأسود, وهناك من الرحالة المسلمين من يشير إلى وجود الأسد بضواحي وهران.
وهران عبر التاريخ:
تعتبر مدينة وهران إحدى المدن القديمة, ويعتبر واد (راس العين) منطقة استقرار بشري قديمة, قدم الإنسان الحجري الذي عاش فيها منذ عصر ما قبل التاريخ, وهذا ما أكدته البحوث العلمية التي أجريت على المغارات والكهوف الموجودة بها: ضواحي (أكميل) وحي (سي صالح), وعدة مغارات أخرى مصنفة وطنيا, كما يوجد بها عدة محطّات على الساحل الشرقي لمدينة وهران, خاصة بدوّار (بلقايد). ولقد سكن مدينةَ وهران بعضُ القبائل (نفزة وبني مزغن) المنحدرة من قبيلة (أزديجة البربرية).
أما في العهد الروماني, فلقد احتلت وهران مكانة هامة خاصة ميناؤها (المرسى الكبير) والذي كان يسمى (بالميناء الإلهي) وكانت وهران تسمى بـ(كيزا), ولا يذكر التاريخ القديم شيئا هاما عن مدينة (كيزا) ما عدى ميناءها الذي احتل مكانة هامة.
يرجع تاريخ تأسيس مدينة وهران إلى سنة 903م الموافق 290ﻫ من قبل البحارة الأندلسيين أيام حكم الأمويين بالأندلس.
بنتها مغراوة (قبيلة كانت تستقر بين سهل مليانة شرقا إلى واد تافنة غربا) فلْذةُ أمراء الأندلس الأمويين, والذي شيّدها وكان المخطِّط لها هو (هوخرز بن حفص صولات). والذي أمر ببنائها هو الخليفة الأموي بالأندلس (أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان –تولى الحكم من سنة 257ﻫ وتوفي في ربيع الأول سنة 300ﻫ). [مدينة وهران, بشير مقييس ص 79-80]. ولقد شُيّدت وهران قبل وفاته بعشرة أعوام, أي في سنة 290ﻫ/ 903م.
وقيل أن (مغراوة) هي التي بنت وهران من طرف (محمد بن أبي عون ومحمد بن عبدون) وجماعة من البحارة الأندلسيين الذين كانوا ينتجعون مرسى وهران مع قبائل النفزة وبني مزغن [قبيلة بربرية كانت تسكن وهران, وكانت تنتقل بين السهول والهضاب, على مقربة الساحل في الغالب.] وكان ذلك في القرن الثالث الهجري.
أصبحت مدينة وهران بعدها محط نزاع بين الأمويين والفاطميين, خربت المدينة عدة مرات أثناء هذه الفترة وقامت تحالفات عدة بين الدولتين والقبائل الضاربة على نواحيها كـ(أزجاس و مغراوة و صنهاجة).
انتهت فترة الاضطرابات بعد دخول المدينة في نفوذ الأمويين سنة 1016 م. جاءت بعدها الفترة المرابطية سنة 1081 م. و عرفت المدينة الصراع الأخير للمرابطين من أجل البقاء حيث فر إليها آخرهم (تاشفين) الذي حاول الفرار من المرسى الكبير إلى الأندلس إلا أنه هلك.
بعد ظهور دولة (بني عبد الواد) ضمت وهران إليها. إلا أن هذه الدولة كان عليها أن تواجه الدولتين الحفصية و المرينية. وكانت وهران دائما أهم مدينة دخلت في هذا الصراع. كانت المدينة تمثل أهم ميناء تجاري للدولة الزيانية ومنفذا لها على البحر المتوسط؛ وعلى هذا كان المرينيون يعرضون على الزيانيين الصلح في مقابل تسليمهم مدينة وهران. حاصرها المرينيون مرات عدة أولها سنة 1296 م. وآخرها سنة 1368 م, تنقلت المدينة أثنائها بين أيادي الحفصيين، المرينين ثم الزيانيين. منذ 1425 م. وبعد أن بسط السلطان الحفصي أبو فارس هيمنته على الدولة و بداية الصراع والانقسام بين أسرة الزيانيين، شكلت مدينة وهران بلاطاً ثانيا بعد مدينة تلمسان، حيث كان يلجأ إليها أفراد الأسرة المعارضين للسلطان. كل هذه العوامل وغيرها مكنت الإسبان من الاستيلاء على المدينة سنة 1509م.
كانت أسبانيا بقيادة الكاردينال شيسيروس قد احتلت المرسى الكبير سنة 1504م. ثم بدأت بعدها شنَّ هجمات على المدينة انتهت بسقوطها. أعمل الإسبان السيف في سكان المدينة كما قاموا بتحويل الجوامع إلى كنائس. كانت المدينة تمثل بالنسبة للإسبان نقطة ارتكاز للاستيلاء على باقي البلاد. إلا أن النتائج جاءت مخيبة. و لم يأت احتلال المدينة الذي دام طويلاً بأي نتائج. كانت مقاطعة أهل البلاد لهم وقطع الموارد عنهم سببا أجبرهم على طلب المؤونة من أسبانيا, وكان الإسبان يتوقعون سهولة الحصول عليها بعد نهب المناطق المجاورة.
على مدار الثلاثة قرون الثالية حاصر الأتراك المدينة عشرات المرات، دام بعضها أسابيع والآخر أشهراً. كما كانت القبائل الضاربة في المنطقة تقوم بشن حملات مناوشة ضد الحامية الإسبانية. وأمام عدوانية أهل البلاد بقي الإسبان وراء حصونهم ولم يعد يهمهم التوسع بقدر ما كان يشغلهم مسألة توفر المؤونة.
استطاع الباي بوشلاغم دخول المدينة سنة 1705 م بعد حصارها، إلا أن الإسبان استطاعوا تجميع أسطول بحري كبير مكنهم من انتزاع المدينة مجدداً سنة 1732 م. و كانت هذه الفترة بالنسبة للإسبان أعسر من سابقتها. انتهت الفترة الثانية يوم 8 أكتوبر 1792 م. بعد محاصرة الباي محمد بن عثمان الكبير. ضرب المدينة زلزال كبير أثناء اليوم الأول من الحصار فدمرها عن آخرها. كان بمقدور الباي المهاجمة و الاستيلاء على المدينة بسهولة إلا أنه ترك الإسبان يدفنون موتاهم. بدأت بعدها جولة مفاوضات طويلة بين الباي والملك شارل السادس انتهت بقبول هذا الأخير التنازل عن المدينة والمرسى الكبير وجلاء الحامية الإسبانية من البلاد نهائياً. بين سنوات 1792-1830 م تداول على المدينة التي أصبحت مركزا لبايليك الغرب عدة بايات كان آخرهم حسن باي.
بعد استيلاء الفرنسيين على مدينة الجزائر سنة 1830 م، أرسل القواد حملة بقيادة الماريشال بورمون الذي استطاع الاستيلاء على المرسى الكبير. بعد مفاواضات مع الباي حسن قبل الأخير التسليم و تنازل عن المدينة. بعد فترة الإنتظار و الترقب دخل الفرنسيون المدينة سنة 1831 م. رحل الباي بعدها إلى مكة و معه عائلته.
وصف وهران من خلال الكتّاب الجغرافيين المسلمين:
يذكر أغلب الجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين أن وهران مدينة ساحلية بالمغرب الأوسط, وهي تقابل مدينة (مرية) من ساحل الأندلس.
أما عن تأسيسها فالرأي الغالب والأصوب أنه يرجع إلى الأندلسيين كما سبق, وهذا لا يعني أن المدينة لم تكن موجودة قبل هذا التاريخ, إنما هذا التاريخ يعتبر الانطلاقة الحقيقية لظهور مدينة كبيرة على الساحل الغربي للمغرب الأوسط.
ويرى بعض الباحثين أن سبب تأسيسي مدينة وهران سنة 290 ﻫ/ 903م إنما يرجع أساسا إلى مينائها الهام الذي يلعب دورا بارزا في التجارة, في حين ذهب بعضهم إلى أنه مرتبط بالغزو الشيعي الذي استفحل أمره في نهاية القرن الثالث في المغربين الأدنى والأوسط والذي أصبح يهدد مصالح الأمويين في المغرب العربي.
والجدير بالإشارة أن وهران قد تعرضت لمرات عديدة للتخريب, وكان في كل مرة يعاد بناؤها من جديد كما حصل في عهد الموحدين (1145-1248ﻫ). وقد عرفت وهران صراعات كثيرة كانت سببا مباشرا في حرقها مرات عديدة, ومن هذه الصراعات صراع داخلي سببه التنازع على الملك وحب السيطرة من جهة, وبين الدول والقبائل والأسر التي ما انفكت تتقاتل فيما بينها من جهة أخرى.
كما عرفت صراعا خارجيا بين العالم الإسلامي بقيادة تركيا والعالم المسيحي بقيادة إسبانيا, وتعتبر الحرب الصليبية التي شنتها إسبانيا على المغربين العربي عامة ووهران خاصة فترة تاريخية هامة في تاريخ هذه المدينة الحضاري.
وميناء وهران (المرسى الكبير) نوّه به كثير من الجغرافيين والرحالة الذين وصفوا وهران, فـ(ليون الإفريقي) اعتبره من أكبر موانئ الدنيا, ترسو به مئات المراكب والسفن -التجارية منها والحربية- دون خطر, فهو في مأمن عن كل عاصفة أو هجوم بحري؛ وتشير مصادر العصر الوسيط بأن وهران كانت تحتل موقعا تجاريا هاما, وذلك لكثرة الفائض الذي كان يصدّر إلى الخارج, وكان هذا الفائض في غالبه منتوجات زراعية وحيوانية, وبعض الصناعات البسيطة, وبعض الصناعات التقليدية, وبعض الحرف الصغيرة, كدباغة الجلود والصوف وصناعة الخزف والحلي, وحتى تجارة العبيد.
1- وصف سكان وهران:
تشير بعض المصادر أن سكان وهران أناس طيبون, وكرماء وظرفاء, يحبون الغريب, ويجيرون من استجارهم, ولهم عزة نفس وأنفة, وكانوا يتمتعون بحرية تامة في اختيار رئيس مجلسهم المكلف في النظر في قضاياهم المدنية والجنائية, فلقد كانوا يعيشون في استقلال عن ملوك تلمسان يوم كانت وهران تحت سلطتهم, ولم تشر المصادر القديمة إلى وجود صراعات بين العرب والبربر أو بين السكان الأصليين وبين القادمين من الأندلس.
2- وصف الجانب الفلاحي:
يذكر أغلب الرحالة والجغرافيين المسلمين كالحميري والمزاري أن مدينة وهران مدينة فلاحية, وبها سهول خصبة وأراضي شاسعة, وبها مياه وعيون سائحة, ومن خلال الوصف يتضح بأنه كان لوهران إنتاج وفير من المنتوجات الزراعية, وكان في الغالب يصدر للدول المجاورة, كما كانت هناك منتوجات أخرى كالعسل والسمن واللحم بسبب تربية الأبقار والغنم؛ في حين يصفها ليون الإفريقي بأنها "لم تعرف وهران الرخاء, فلقد كان مأكل السكان من خبز الشعير", وهذا الوصف صحيح لأنه وصفها زمن الحروب وبعد دخول الإسبان إليها, مما أدى إلى تدهور المستوى المعيشي للسكان.
3- وصف الجانب العمراني:
لقد ركز معظم الرحالة والجغرافيين المسلمين على الجانب العمراني لوهران, فأول من وصف وهران عمرانيا هو ابن حوقل, ووصفها البكري وقال بأنها مدينة حصينة, ووصفها الإدريسي فقال هي مدينة على مقربة البحر وعليها سور تراب متقن, وبها أسواق وحصون, ووصفها ليون الإفريقي فقال: "وهران مدينة كبيرة, تحتوي زهاء 6 آلاف موقد..., وبها مؤسسات وبنايات, وتتميز بطابع المدينة المتحضرة, وذلك لما تشمله من مساجد ومدارس ومستشفيات وحمامات وفنادق ذات أسوار عالية." وقال أحمد ابن سحنون الراشدي: "قد حماها البحر من شمالها وأحاطت حصونها بيمينها وشمالها وأحاطت بها الخنادق إحاطة المناطق, ودارت عليها الأسوار دوران السوار". ويصف بعض الرحالة الطرق والفجاج المؤدية إليها, ويحصي المسافة والموقع عن بعض المدن المعروفة وقتذاك مثل تلمسان وغيرها...
4- وصف الجانب التجاري للمدينة:
تعتبر مدينة وهران نقطة اتصال بين المغربين الأوسط والأقصى, من حيث الموقع, كما تتمتع بطرق برية هامة بين الشمال والجنوب وزادها المرسى الكبير أهمية بحيث جعلها على اتصال بالعالم الخارجي المسيحي, فكانت وهران مركزا تجاريا هاما بالنسبة للأوربيين الكاتالونيين والجنويين, كما كان التجار يجهزون سفنا تجارية وأخرى حربية قصد القرصنة. وقد وصف أكثر الرحالة والجغرافيين (كياقوت الحموي والحميري وليون الإفريقي والمازري) أهلَ وهران بأنهم تجار, والذي جعل من وهران مدينة تجارية هامة هو الميناء من جهة وطيبة سكانها وحبهم للغريب من جهة أخرى وتطور مدينة وهران في الميدان الإقتصادي والعمراني.
بجاية
ومدينة بجاية هي ثاني عاصمة لدولة بني حماد ، أما عاصمتهم الأولى فقد كانت مدينة القلعة المشهورة بـ "قلعة بني حماد" التي اختطها الأمير حماد بن زيري بن مناد بن بلكين ، في حدود عام 398هـ (1007 – 1008مـ) ليعلنا منها تأسيس الدولة "الحمادية " دولة مستقلة عن دولة " بني زيري " التي كان على إمارتها في ذلك الوقت باديس بن أبي المنصور بن زيري ، وهو ابن أخي حماد.
وتتميز قلعة بني حماد التي تقع في الحدود الشمالية لسهول"الحضنة" بموقعها الاستراتيجي الهام فهي من الشمال محمية بجبل تاقرست الذي يبلغ ارتفاعه (1418 متراً) ومن الغرب بجبل قرين (1190 متراً) ويحيط بها من الشرق وادٍ بشكل مضائقه سوراً طبيعياً للمدنية , أما من جهة الجنوب فإن الطريق الوحيدة المؤدية إلى القلعة عبارة عن ثنية ملتوية تتبع "وادي فرج " ولذلك كان ابن الأثير ، دقيقاً حين وصفها بأنها ، أحسن القلاع وأعلاها , ولا ترام على رأس جبل شاهق , لا يكاد الطرف يحققها لعلوها.
وتحدث ابن خلدون في تاريخه عن مراحل تطورها : فأشار إلى أن حماداً اتم بناءها وتمصيرها على رأس المائة الرابعة , وشيد بنياتها وأسوارها , واستكثر فيها من المساجد والفنادق ، وأن الناصر بن علنّاس بني المباني العجيبة المؤنقة , وأن المنصور بني فيها قصر الملك والمنار الكوكب وقصر السلام.
وذكر صاحب كتاب الاستبصار أن بني حماد ، لهم بالقلعة مبان عظيمة , وقصور منيعة متقنة البناء عالية السناء.
واشتهرت القلعة بالفلاحة , وتربية المواشي والصناعة والنشاط التجاري , ووصف الإدريسي الجغرافي أهلها بأنهم أبد الدهر شباع ، وذلك لغناها بالحبوب , وقد لخص ابن خلدون ما اشتهرت به القلعة في كلمات موجزات فقال : استبحرت في العمارة , واتسعت بالتمدن ، ورحل إليها من الثغور القاصية والبلد البعيد طلاب العلوم , وأرباب الصنائع ؛ لنفاق أسواق المعارف والحرف والصنائع بها.
تأسيس بجاية :
ظلت قلعة بني حماد عاصمة للدولة الحمادية منذ عهد مؤسسها حماد الذي توفي سنة 419هـ وحتى عهد الناصر بن علناس بن حماد ، مروراً بعهود القائد بن حماد المتوفي سنة 446 هـ و محسن بن القائد ، الذي لم يستمر بالإمارة أكثر من تسعة أشهر , وعهد بلكين بن محمد بن حماد ، والذي يمكن اعتباره عهداً انتقالياً بين عهدي "محسن" و"الناصر " وذلك لما اكتنفه من أحداث داخلية...إلا أن "الناصر" كره الإقامة في القلعة بالرغم من أنها أصبحت في عهده عاصمة دولة قوية , تشتمل على ست ولايات هي : مليانة وحمزة (البويرة حالياً ) ونقاوس وقسنطينة ، والجزائر ، ومرسى الدجاج ، وأشير .. فأسس بجاية , وانتقل إليها في عام 461هـ .
وفي معجم البلدان كتب ياقوت الحموي ، يصف بجاية وسبب اختطاطها وما انطوي عليه من أحداث: ...مدينة على ساحل البحر بين أفريقية والمغرب كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري في حدود عام 457هـ بينها وبين جزيرة مزغناي (الجزائر العاصمة حالياً) أربعة أيام كانت قديماً ميناء فقط , ثم بنيت المدينة من لحف جبل شاهق ، وفي قبلتها جبال كانت قاعدة ملك بني حماد وتمسى "الناصرية" أيضاً باسم بانيها , وهي مفتقرة إلى جميع البلاد , لا يخصها من المنافع شيء إنما هي دار مملكة , تركب منها السفن وتسافر إلى جميع الجهات وبينها وبين " ميلة " ثلاثة أيام.
وكان السبب في اختطاطها أن تميم بن المعز بن باديس ، صاحب أفريقية أنفذ إلى ابن عمه "الناصر بن علناس" " محمد بن البعبع" رسولاً لإصلاح حال كانت بينهما فاسدة , فمر" ابن البعبع " بموضع "بجاية " وفيه أبيات من البربر قليلة , فتأملها حق التأمل ...وأشار عليه (أي على الناصر) ببناء "بجاية" وأراه المصلحة في ذلك , والفائدة التي تحصل له من الصناعة بها , وكيد العدو .
فأمر من وقته بوضع الأساس وبناها بعسكره.. .ولما توفي الناصر سنة 481هـ واصل خلفه ما كان عليه من اهتمام بعمران المدينة , ولا سيما ابنه المنصور الذي خلفه في الإمارة , وكان معروفاً بولعه بالبناء ، فأسس جامع "بجاية" وجدد قصورها ، وتأنق في اختطاط المباني ، وتشييد القصور وإجراء المياه في الرياض والبساتين.
دور بجاية السياسي :
أولاً : في حركة الموحدين :
لا تكاد تجد حقبة هامة في تاريخ المغرب العربي الكبير إلا وبجاية تشكل محور أحداثها ... فدولة الموحدين التي يمكن اعتبارها مرحلة حاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية في جناحها الأفريقي انبثقت نواتها الأولى في بجاية , أو قريباً منها , ذلك أن "عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي الجزائري " التقى ( قابل) " المهدي بن تومرت المصمودي المغربي " في مسجد ملالة الذي يبعد نحو ستة أميال عن بجاية , وقررا الإطاحة بالدولة الزيرية في تونس , والدولة الحمادية في الجزائر ، والدولة المرابطية في المغرب ، فقد شاخت , وهزمت جميعها , ودب فيها الفساد والانحلال , حتى قال عنها ابن خلدون : "استرجلت فيها النساء ، وتأنث فيها الرجال ، وانقلبت المفاهيم ، وانعكست الآية ..."ومن ربوع بجاية انطلقت دولة الموحدين تقوم الاعوجاج , وتعيد الأمور إلى نصابها ، وتوحد المسلمين في الشمال الأفريقي والأندلس....
دار هجرة العلماء :
وصفت بجاية بأنها دار هجرة العلماء ,وذلك راجع إلى هجرتين أساسيتين. أما الأولى فهي هجرة رجال الفكر والأدب من قلعة بني حماد التي كانت دار علم وأدب ومعهداً لتحفيظ القرآن والحديث ، وتعليم العربية ... أما الهجرة الثانية فهي هجرة العلماء والمحدثين والأدباء من الأندلس فارين بدينهم من محاكم التفتيش , والاضطهاد الإسباني بعد سقوط دولة المسلمين هناك.
يضاف إلى ذلك هجرات العلماء من القيروان والقرويين وغيرهما من الحواضر الفكرية .. فشهدت بذلك مرحلة من التلاقح الفكري والامتزاج الثقافي , جعلت منها مركز الإشعاع الفكري في وسط الجزائر , إلى جانب تلمسان في الغرب وقسنطينة في الشرق.
ولم تكن قبلة العلماء والمفكرين وحدهم ، وإنما ، وبسبب ذلك ، كانت غاية طلاب العلم , يشدون إليها الرحال من كل حدب وصوب, قاصدين علماءها ومعاهدها التي بلغت شهرتها الآفاق ... كما لم يكن العلم وقفاً على الرجال دون النساء , فجامعة " سيدي التواتي " مثلاً كان يؤمها في يوم من أيام بجاية ثلاثة آلاف طالب منهم خمسمائة طالبة ويقال : إن إحداهن أوفدت إلى مؤتمر علمي فألقت محاضرة , امتدت ثلاثة أيام وكان موضوعها حول علم الفلك والحساب الرياضي. ..
ويذكر المؤرخون أن هناك أكثر من ألف امرأة كانت تحفظ المدونة ، التي كتبها الإمام سحنون في الفقه المالكي ، عن ظهر قلب كما تحفظ القرآن الكريم ,
وقد خلد الإمام عبدالحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ دور نساء بجاية في نهضتها الفكرية في عبارته الشهيرة التي وصفهن بها ـ إلى جانب نساء بغداد وقرطبة ـ بأنهن بلغن مكاناً عالياً في العلم , وهن محجبات.
ومما يؤكد أهمية بجاية والمكانة العلمية التي بلغتها في عهودها الزاهرة ، اتجاه غير المسلمين إليها وطلبهم العلم في معاهدها , فقد تعلم أهل بيزا الإيطاليون صنع الشمع من مصانعها , ونقلوه إلى بلادهم , ومنها إلى أوروبا ، ولا يزال يمسى الشمع عندهم (بوجي) مأخوذاً عن اسم بجاية كما أن العالم الرياضي الإيطالي الشهير (فليوناردو بيزة) تتلمذ على أيدي علمائها.
أعلام بجاية :
لقد تخرج من بجاية أعلام كثيرون في الفقه ، والأدب والشعر والطب والرياضيات وغيرها ... ورغم أن أبا العباس أحمد بن عبدالله الغبريني ، وضع كتابه "عنوان الدارية " للترجمة لمشايخه من علماء القرن السادس الهجري الذي يعد من أكثر قرون بجاية ازدهاراً في الحياة العلمية والتعليمية ، إلا أنه لم يأت عليهم جميعاً , واكتفى بأن قال بعد أن أورد مجموعة منهم :" وقد بقي خلق كثير من أهل المائة السادسة , ممن لهم جلال وكمال , ولكن شرط الكتاب منع من ذكرهم.
وفي إطار الترجمة لأبي علي المسيلي : الذي درس ببجاية , وولي القضاء بها , وجمع بين العلم والعمل , وعرف بأبي حامد الغزالي الصغير ، أشار الغبريني إلى حجم العلماء المجتهدين الذين قاموا على حل المسائل الشرعية الدقيقة ...فأورد قولا لأبي علي المسيلي ، جاء فيه : "أدركت ببجاية ما ينيف على تسعين مفتياً , ما منهم من يعرف الحسن بن علي المسيلي".
لقد استطاعت بجاية أن تكون لأكثر من أربعة قرون قبلة العلماء , ومهبطاً لأفئدة طالبي العلم ، وساحة لتبادل الأفكار والآراء ، وميداناً للإبداع العلمي ؛ حيث راجت حركة نشطة للتأليف في الفقه والتاريخ والرياضة والفنون والنحو وغير ذلك ... ويذكر المؤرخون أن الفرنسيين عندما غزوا بجاية استولوا على حمولة اثنتي عشرة سفينة من الكتب القيمة جمعت من مدارس بجاية ومساجدها ويقال إن هذه الكتب غرقت جميعها في البحر ...
القيروان
تقع القيروان في تونس على بُعد 156 كم من العاصمة تونس. وكلمة القيروان كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاح ومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب. قام بإنشاء القيروان عقبة بن نافع رضي الله عنه عام 50هـ، ولقد لعبت القيروان دوراً أساسياً في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط وفي تحويل إفريقية (تونس) والمغرب من أرض مسيحية لهجتها لاتينية، إلى أرض لغتها العربية ودينها الإسلام.
وتعتبر القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هى المدينة الإسلامية الأولى في منطقة المغرب ويعتبر إنشاء مدينة القيروان بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، فلقد كانت مدينة القيروان تلعب دورين هامين في آن واحد، هما: الجهاد والدعوة، فبينما كانت الجيوش تخرج منها للغزو والفتح، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بين البلاد يعلِّمون العربية وينشرون الإسلام.
ولقد استطاعت القيروان أن تفرز طوال أربعة قرون متتالية مدرسة متعدّدة الخصائص أبقت على ذكرها خالداً وحافظت على مجدها التليد، وكانت المدينة آنذاك سوقاً للمعرفة يغترف من مناهلها الواردون على أحواضها والمتعطّشون لمعارفها، فطبقت شهرتها الآفاق وعمّ ذكرها كامل أرجاء المغرب الإسلامي.
وانتصب بها منذ أواخر القرن الثالث هجري (التاسع ميلادي) بيت للحكمة محاك لمثيل ببغداد في التبحّر في مجالات العلوم الطبية والفلكية والهندسية والترجمة وركّزت مقومات النهضة الفكرية والعلمية بالبلاد.
وقد ظلت عاصمة للبلاد وأحد أكثر مراكز الثقافة العربية الإسلامية تألقاً بالمغرب الإسلامي طيلة خمسة قرون من السابع إلى الثاني عشر للميلاد.
إن قيمة معالم القيروان وأصالتها وثراء كنوزها الأثرية وتنوعها تجعل منها أيضا متحفاً حياً للفنون والحضارة العربية الإسلامية، وما تتسم به معالم المدينة من أشكال معمارية فاخرة ومن تنوع في رصيدها الزخرفي ينم ويشهد في آن واحد على الدور الذي قامت به في تأسيس الفن الإسلامي ونضجه ونشره.
من المعالم التاريخية:
1-الجامع الكبير: ويرجع تاريخه إلى العام 836م ويعد محرابه وأرضيته ذات البريق المعدني وكذلك منبره ومقصورته من روائع تحف الفن الإسلامي.
مسجد ابن نيرون أو جامع الأبواب الثلاثة : وهو يقدم واحدة من أجمل وأقدم الواجهات المزخرفة التي يرجع عهدها إلى القرن الثالث هجري التاسع ميلادي .
الفسقيات: وقد بنيت في العام 836م لتزويد القيروان بالماء ،وهي تشكل أهم التجهيزات المائية المقامة في العصر الوسيط.
ولا تزال المدينة تحتفظ أيضاً بعدد لكبير من مساجد الخطبة بالأحياء أو ببعض الحمّامات العمومية، وبأسواقها ومقابرها القديمة، وبالقسط الآخر من نسيجها الحضري الإسلامي.
وإلى هذه المعالم يضاف عدد كبير من المباني الدينية تعود إلى القرن الخامس عشر مثل: الزوايا والمدارس، ومقامات الصالحين، مما بناه أهل القيروان تخليداً لذكرى أعلام المدينة، وقد أضفت هذه المباني على المدينة صبغة المدينة المقدسة.
2-جامع عقبة بن نافع يعد هذا المسجد الجامع بالقيروان أبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلاميةبالمغرب العربي، وقد أسس سنة 50 ه، ويعود الفضل لزيادة الله الأول في رسم ملامحه وتخطيطه النهائي 220 - 226ه ، وهو يشتمل على 17 بلاطة وثمانية أساكيب، ويستمد تخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة.
ويتميَّز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبه الهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى، وحسبنا للتدليل على ذلك أن نذكر المنبر الخشبي 284ه وهو أقدم المنابر الإسلامية التي سلمت من تقلُّب الأزمات، وهو مصنوع من خشب الساج، ويشتمل على ما يربو عن 106 لوحة تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة، تعبر عن تمازج التأثيرات البيزنطية وتوحيدهها في روح إسلامية.
3-البرك الأغلبية :وتعد برك الأغالبة من أشهر المؤسسات المائية في الحضارة الإسلامية، وقد أقامها الأمير أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب سنة 284ه، بعد عامين من العمل المتواصل، وتأنق في مظهرها وإبراز تفاصيلها الهندسية بما يتناسب مع مظهر عاصمته القيروان، وتعتمد البركة على ثلاثة عناصر أساسية :
- حوض للترسيب يبلغ قطره 34، وسعته 4000 متر مكعب تسنده دعائم داخلية 17 وأخرى خارجية.
- الحوض الكبير وهو يتصل بالحوض الأول عن طريق فتحه تسمى السراج، ويمتاز بأبعاده المترامية حيث يبلغ قطره 7ر127م وعمقه 8ر4 م ، ويشتمل على 64 دعامة داخلية و 118 دعامة خارجية ، وتبلغ طاقة استيعابه 000ر58متر مكعب.
الصهريج، وهو معد لتخزين ماء الشرب، ويسع حوالي 9000متر مكعب، إن هذه البركة الكبيرة بأبعادها الشاسعة ، إسهام تذكاري لمجد المدينة الصامدة وتجسيد لمعركتها القديمة ضد القحط.
من أعلام القيروان:
من أعلام القيروان الإمام سحنون بن سعيد تلميذ الإمام مالك ومؤلف كتاب المدونة الذي كان له دور كبير في تدوين المذهب المالكي .
طنجة
تتميز طنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة، و بين القارة الأوروبية و القارة الإفريقية من جهة أخرى. هذه الوضعية الإستراتيجية الهامة مكنتها من الاستئثار باهتمام الإنسان، و جعلت منها محطة اتصال و عبور و تبادل الحضارات منذ آلاف السنين. مما تشهد عليه المواقع و البقايا الأثرية المتواجدة بطنجة و منطقتها، و المنتمية إلى حضارات ما قبل التاريخ و حضارات الفنيقيين و البونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقة باسم " تينجيس " زوجة " آنتي " ابن" بوسايدون " إله البحر و " غايا " التي ترمزللأرض. ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت طنجة تتمتع بحق المواطنة الرومانية، بل من المحتمل جدا أن روما جعلت من طنجة عاصمة لموريتانيا الطنجية، المقاطعة الغربية لروما بشمال إفريقيا.
بعد فترة من السبات، استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزو الأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين و الموحدين الذين جعلوا من طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم و حملاتهم. بعد ذلك تتالت على طنجة فترات الاحتلال الإسباني و البرتغالي و الإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار و الأبراج و الكنائس.
لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية و عمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل و سيدي محمد بن عبد الله.
فبعد استرجاعها من يد الاحتلال الإنجليزي سنة 1684م في عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري و الدبلوماسي و التجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، و بالتالي عرفت تدفقا عمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار و الحصون و الأبواب. وازدهرت الحياة الدينية و الاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور و النافورات و الحمامات والأسواق، كما بنيت الكنائس والقنصليات و المنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، و مدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التي كانت تتمتع بها.
أسوار المدينة العتيقة : تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، و بني إيدر.
بنيت أسوار المدينة على عدة مرا حل، و التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية "تينجيس". تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم و إعادة البناء و التحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العاويين الذين أضافوا عدة تحصينات في القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام - برج عامر - برج دار الدباغ و برج السلام. كما فتحوا بها 13 بابا منها: باب القصبة - باب مرشان- باب حاحا - باب البحر- باب العسة - باب الراحة و باب المرسى.
قصبة غيلان :تقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق, على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرق المدينة العتيقة. تم بناؤها حوالي 1664 م، و يرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662م و 1684 م.
تتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيا الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين و بارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة.
قصر القصبة أو دار المخزن : تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة, من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم.
بني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل في القرن XVIII م، من طرف الباشا علي أحمد الريفي، على أنقاض القلعة الإنجليزية « uper castel ».
وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض.
في سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافي و أركيولوجي لطنجة و منطقتها.
الجامع الكبير :على مقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير. تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالي، بعد استرجاعه في سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم و توسيع خلال الفترة العلوية.
تتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها، حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء و زليج و صباغة ونقش ونحت و كتابة على الخشب و الجبس.
يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة و صحن محاط من كل جانب برواقين.
و بذالك فهو يعتبر نموذجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.
جامع الجديدة :يعرف كذلك باسم جامع عيساوة و أحيانا بمسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء. . يتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.
جامع القصبة :يوجد بزنقة بن عبو. بني في القرن XVIII م من طرف الباشا علي أحمد الريفي، و يعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.
نشأة الخط العربي وانواعه في سطور - مختصر
الخط العربي هو فن و تصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تستعمل الحروف العربية. تتميز الكتابة العربية بكونها متصلة مما يجعلها قابلة لإكتساب أشكال هندسية مختلفة من خلال المد والرجع والإستدارة والتزوية والتشابك والتداخل والتركيب.
و يقترن فن الخط بالزخرفة عربية (أرابيسك) حيث يستعمل لتزيين المساجد و القصور، كما أنه يستعمل في تحلية المخطوطات و الكتب و خاصة لنسخ القرآن الكريم. و قد شهد هذا المجال إقبالا من الفنانين المسلمين بسبب نهي الشريعة عن تصوير البشر و الحيوان خاصة في ما يتصل باﻷماكن المقدسة و المصاحف.
يعتمد الخط العربي جماليا على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، وتُستخدم في أدائه فنيا العناصر نفسها التي تعتمدها الفنون التشكيلية الأخرى، كالخط والكتلة، ليس بمعناها المتحرك ماديا فحسب بل وبمعناها الجمالي الذي ينتج حركة ذاتية تجعل الخط يتهادى في رونق جمالي مستقل عن مضامينه ومرتبط معها في آن واحد.
يوجد الكثير من اﻷنماط في الخط العربي و يمكن تقسيمها إلى عائلتين حسب اﻷسلوب:
الخطوط الجافة أو اليابسة، وحروفها مستقيمة ذات زوايا حادة، و من أشهرها الكوفي.
الخطوط المستديرة أو اللينة، و حروفها مقوسة و من أشهرها النسخ.
تاريخ الخط العربي
ظهر الخط العربي الشمالي أو خط الجزم، و هو الخط الشائع المتصل خلافا للخط المسندي الحميري الذي كان منتشرا في جنوب الجزيرة العربية، في القرن الرابع ميلادي من خلال تأثير الخط النبطي الذي نشأ بدوره من نمط الكتابة الأرامية . و لا تزال بعض الحروف العربية تستعمل أسماء بعض الحروف النبطية مثل الألف و الواو و الميم و النون مع بعض الحروف التي ترسم بنفس الطريقة مثل الطاد و الصاد و العين. و تطور هذا الخط و إزدهر في القرن الخامس و القرن السادس ميلادي في أوساط القبائل العربية بالحيرة و الأنبار و إنتشر منها إلى شمال غربي الجزيرة العربية في الحجاز و الطائف عن طريق القوافل التجارية. و يعتقد بأن سادة قريش، بشر بن عبد الملك و صهره حرب بن أمية قاما بنشر و إدخال هذا الخط في قبائل مكة قبل مجيء الإسلام .
و قد كان العرب، في الجاهلية، يميزون أربع أنواع من الخطوط و هي الحيري (من الحيرة)، و الأنباري (من الأنبار)، و المكي (من مكة)، و المدني (من المدينة). و قد إستخدم إسحاق بن النديم (767 - 849م)، مؤلف الفهرست، لفظ الكوفي لأول مرة للدلالة على الخط الحجازي الحيري، و هو أقدم أنواع الخطوط و أستعمل في رسم المصحف العثمان . و خلافا لما يشاع، لا علاقة لمنشأ الخط الكوفي بمدينة الكوفة لأنه لم يتم إنشائها إلا في 638م، فيما ظهر هذا الخط قبل هذا التاريخ بحوالي مئة سنة. و قد بلغ الخط الكوفي إكتماله في نهاية منتصف القرن الثامن و القرن التاسع ميلادي (القرن الثاني و الثالث للهجرة)، و كان يشكل النمط الرئيسي لنسخ القرآن الكريم، حيث لم يقع تنقيطه و تشكيله إلا بعد وفاة رسول الإسلام محمد، في أوائل القرن الأول للهجرة حسب ما تشهد به عدة مخطوطات من ذلك التاريخ.
مراحل التجديد للخط العربي
عندما إنتشر الإسلام خارج ربوع الجزيرة العربية، دخل عدد مهم من الشعوب، على إختلاف هوياتهم، إلى الدين الجديد و صارت اللغة و الكتابة العربية اﻷكثر إستعمالا في عدة مجالات. و قام المسلمون الجدد بتطويع فن الخط لتدوين لغاتهم و كطريقة للتعبير عن مرجعياتهم الثقافية. و قد قاد هذا التنوع الفكري، الذي تميزت به تلك المرحلة، إلى قيام مدارس خط و أنماط خاصة مثل خط التعليق في بلاد فارس و الخط الديواني على يد اﻷتراك. و كانت أولى خطوات التجديد في نظام الكتابة العربية في عهد الدولة اﻷموية، حيث قام أبو الأسود الدؤلي (603 - 688م) بوضع علم النحو، و نظام تنقيط في رسم الحركات توضع فوق أو تحت أو بجانب الحرف، و إنشر هذا النظام في عهد الحجاج بن يوسف. و قد كتب القرآن الكريم في تلك المرحلة بلونين مختلفين باﻷسود للحروف و باﻷحمر أو اﻷصفر لعلامات الإعراب.
و في مرحلة ثانية، حوالي 786 ميلادي، قام الخليل بن أحمد الفراهيدي (718 - 791م) بإدخال نظام مغايير للتشكيل، لا يعتمد على اﻷلوان و إنما على رموز مختلفة لرسم الحركات و الهمزة و الشّدة
مثال على تطور نظام الكتابة العربية من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر:
(1) البسملة كتبت بخط كوفي غير منقط ولا مشكّل.
(2) نظام أبو الأسود الدؤلي المبكر و يعتمد على تمثيل الحركات بنقاط حمراء تكتب فوق (الرفعة)، تحت (الكسرة)، أو بجانب (ضمّة) الحرف (و يستعمل نقطتين لتنوين).
(3) تطور النظام بتنقيط الحروف.
(4) نظام الخليل بن أحمد الفراهيدي، المستعمل إلى اليوم، وضع رموز مختلفة للحركات فيما تبقى النقاط لتمييز الحروف.
أنواع الخط العربي
خط الثلث
من أروع الخطوط منظرا وجمالاً وأصعبها كتابة وإتقانا, كما أنه أصل الخطوط العربية، والميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط. ولا يعتبر الخطاط فناناً مالم يتقن خط الثلث، فمن أتقنه غيره بسهولة ويسر، ومن لم يتقنه لا يُعدّ بغيره خطاطاً مهما أجاد.و يمتاز عن غيره بكثرة المرونة إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه ؛ لذلك يمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة، ويطمس أحيانا شكل الميم للتجميل، ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف، ويقتصر على العناوين وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته، ولأنه يأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة.
استعمل الخطاطون خط الثلث في تزيين المساجد، والمحاريب، والقباب، وبدايات المصاحف. وخطّ بعضهم المصحف بهذا الخط الجميل. واستعمله الأدباء والعلماء في خط عناوين الكتب، وأسماء الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية، وبطاقات الأفراح والتعزية، وذلك لجماله وحسنه، ولاحتماله الحركات الكثيرة في التشكيل سواء كان بقلم رقيق أو جليل، حيث تزيده في الجمال زخرفة ورونقاً.
يعتبر ابن مقلة المتوفى سنة (328هـ)، واضع قواعد هذا الخط من نقط ومقاييس وأبعاد، وله فضل السبق عن غيره، لأن كل من جاء بعده أصبح عيالاً عليه, وجاء بعده ابن البواب علي بن هلال البغدادي المتوفى سنة (413هـ)، فأرسى قواعد هذا الخط وهذّبه، وأجاد في تراكيبه، ولكنه لم يتدخل في القواعد التي ذكرها ابن مقلة من قبله فبقيت ثابتة إلى اليوم. أشهر الخطاطين المعاصرين الذين أبدعوا في خط الثلث هو المرحوم هاشم محمد البغدادي رحمه الله.
خط النسخ
إن خط النسخ أعتبره وليداً اًلخط الثلث من حيث كتابته وصلته بخط الثلث فهو خط جميل وأخاذ تغلب عليه دقة حروفه أثناء الكتابة وهو ملازم دائم ومكمل لخط الثلث.
وضع قواعده الوزير ابن مقلة، وأُطلق عليه النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها، لأنه يساعد الكاتب على السير بقلمه بسرعة أكثر من غيره، ثم كتبت به المصاحف في العصور الوسطى(و الان) الإسلامية، وامتاز بإيضاح الحروف وإظهار جمالها وروعتها.
وخط النسخ الذي يكتبه الخطاطون اليوم؛ هو خط القدماء من العباسيين الذين ابتكروا وتفننوا فيه، فقد (حسَّنه ابن مقلة، وجودّه الأتابكيون وتفنن في تنميقه الأتراك، حتى وصل إلينا بحلَّته القشيبة، بالغاً حدّ الجمال والروعة).
وتستعمل الصحف والمجلاَّت هذا الخط في مطبوعاتها، فهو خط الكتب المطبوعة اليوم في جميع البلاد العربية. وقد طوّر المحدثون خط النسخ للمطابع والآلات الكاتبة، ولأجهزة التنضيد الضوئي في الكمبيوتر، وسمّوه (الخط الصحفي) لكتابة الصحف اليومية به.
وأشهر خطاط معاصر أبدع فيه هو هاشم محمد البغدادي، فقد ظهرت براعة قصبته في كتابه (قواعد الخط العربي) الذي يعتبر الكتاب الأول في مكتبات الخطاطين الكبار والمبتدئين.
الخط المصحفي
كتبت المصاحف بحروف خط الثلث، وبعد العناية والاهتمام به وتجويده سُمي بالمحقق، ثم تطورت الكتابة لتكون على صورة أخرى سميت بالخط المصحفي جمعت بين خط النسخ والثلث.
الخط الاندلسي - المغربي
مشتق من الخط الكوفي، وكان يسمى الخط القيرواني نسبة إلى القيروان إحدى مراكز بلاد المغرب العربي، ونجده في نسخ القرآن المكتوبة في الأندلس وشمال إفريقيا، ويمتاز هذا الخط باستدارة حروفه استدارة كبيرة، وبمتحف المتروبوليتان عدة أوراق من مصاحف مكتوبة بالخط الأندلسي.
يتميز الفنان الكبير محمد علاء عادل محمد على عقبى بشهرته وجمال خطه وجماله وذكائه وحبة من الناس
الخط الفارسـي
ظهر الخط الفارسي في بلاد فارس في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي. ويسمى (خط التعليق) وهو خط جميل تمتاز حروفه بالدقة والامتداد. كما يمتاز بسهولته ووضوحه وانعدام التعقيد فيه. ولا يتحمّل التشكيل، رغم اختلافه مع خط الرقعة.
يعد من أجمل الخطوط التي لها طابع خاص يتميز به عن غيره، إذ يتميز بالرشاقة في حروفه فتبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد، وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة فيه، لأنها أطوع في الرسم وأكثر مرونة لاسيما إذا رسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع ، وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير بالإفادة من التقويسات والدوائر، فضلاً عن رشاقة الرسم، فقد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة والكلمتين ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة يُظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع.
وكان الإيرانيون قبل الإسلام يكتبون بالخط (البهلوي) فلما جاء الإسلام وآمنوا به، انقلبوا على هذا الخط فأهملوه، وكتبوا بالخط العربي، وقد طوّر الإيرانيون هذا الخط، فاقتبسوا له من جماليات خط النسخ ما جعله سلس القياد، جميل المنظر، لم يسبقهم إلى رسم حروفه أحد، وقد (وضع أصوله وأبعاده الخطاط البارع الشهير مير علي الهراوي التبريزي المتوفى سنة 919 هجرية).
ونتيجة لانهماك الإيرانيين في فن الخط الفارسي الذي احتضنوه واختصوا به، فقد مرّ بأطوار مختلفة، ازداد تجذراً وأصالة، واخترعوا منه خطوطاً أخرى مأخوذة عنه، أو هي إن صح التعبير امتداد له، فمن تلك الخطوط:
خط الشكستة
اخترعوه من خطي التعليق والديواني. وفي هذا الخط شيء من صعوبة القراءة، فبقي بسبب ذلك محصوراً في إيران، ولم يكتب به أحد من خطاطي العرب أو ينتشر بينهم.
الخط الفارسي المتناظر
كتبوا به الآيات والأشعار والحكم المتناظرة في الكتابة، بحيث ينطبق آخر حرف في الكلمة الأولى مع آخر حرف في الكلمة الأخيرة، وكأنهم يطوون الصفحة من الوسط ويطبعونها على يسارها. ويسمى (خط المرآة الفارسي).
الخط الفارسي المختزل
كتب به الخطاطون الإيرانيون اللوحات التي تتشابه حروف كلماتها بحيث يقرأ الحرف الواحد بأكثر من كلمة، ويقوم بأكثر من دوره في كتابة الحروف الأخرى، ويكتب عوضاً عنها. وفي هذا الخط صعوبة كبيرة للخطاط والقارئ على السواء.
ومن وجوه تطور الخط الفارسي (التعليق) مع خط النسخ أن ابتدعوا منهما خط (النستعليق) وهو فارسي أيضاً. وقد برع الخطاط عماد الدين الشيرازي الحسني في هذا الخط وفاق به غيره، ووضع له قاعدة جميلة، تعرف عند الخطاطين باسمه. وهي (قاعدة عماد)..
وكان أشهر من كان يكتبه بعد الخطاطين الإيرانيين محمد هاشم الخطاط البغدادي والمرحوم محمد بدوي الديراني بدمشق,و لكن يبقي السبق للخطاطين الايرانين بلا منازع.
الخط الضغراء
"الطرة" او الطغراء" او الطغرى هو شكل جميل يكتب بخط الثلث على شكل مخصوص. وأصلها علامة سلطانية تكتب في الأوامر السلطانية أو على النقود الإسلامية أو غيرها ويذكر فيها أسم السلطان أو لقبه. قال البستاني: "واتخذ السلاطين والولاة من الترك والعجم والتتر حفاظا لأختامهم، وقد يستعيض السلاطين عن الختم برسم الطغراء السلطانية على البراءات والمنشورات ولها دواوين مخصوصة، على أن الطغراء في الغالب لا تطبع طبعا بل ترسم و تكتب وطبعها على المصكوكات كان يقوم مقام رسم الملوك عند الأفرنج".
وقيل أن أصل كلمة طغراء كلمة تاتارية تحتوى على اسم السلطان الحاكم ولقبه وأن أول من أستعملها السلطان الثالث في الدولة العثمانية مراد الأول. ويروى في أصل الطغراء قصة مفادها أنها شعار قديم لطائر أسطوري مقدس كان يقدسه سلاطين الأوغوز، وأن كتابة طغراء جاءت بمعني ظل جناح ذلك الطائر.
وقد اختلطت بهذه الرواية قصة طريفة للطغراء ونشوئها عند العثمانيين وهي انه لما توترت العلاقات بين السلطان المغولى "تيمورلنك" حفيد "جنكيزخان" وبين "بايزيد" ابن مراد الأول العثماني، أرسل تيمورلنك إنذارا للسلطان بايزيد يهدده بإعلان الحرب، ووقع ذلك الإنذار ببصمة كفه ملطخة بالدم. وقد طورت هذه البصمة فيما بعد واتخذت لكتابة الطغروات بالشكل البدائي الذي كبته العثمانيون. وأقدم ما وصل إلينا من نماذج شبيهة بالطغرواوات ما كان ليستعمل في المكاتبات باسم السلطان المملوكي الناصر حسن بن السلطان محمد بن قلاوون 752 هـ. وقد أدى كتابة الاسم على شكل الطغراء إلى التصرف في قواعد الخط. وبكون "الطغراء" في الغالب مزيجا من خط الديواني وخط الثلث.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/02/2011
مضاف من طرف : Miro
صاحب المقال : أمير عنانة
المصدر : وثيقة