تحولت محاكمة مدير قناة ''نسمة''، نبيل قروي، على خلفية بث القناة، في أكتوبر الماضي، فيلم ''بيرسي بوليس'' الإيراني، إلى مواجهة سياسية ساخنة بين أقطاب سياسية فاعلة في الساحة في تونس، مثلها تيار إسلامي رأى في لقطات من الفيلم ''تجسيدا للذات الإلهية وإهانة للدين''، وبين تيار علماني يساري اعتبر المحاكمة تقييدا للحريات ومحاولة لإجهاض حرية التعبير في تونس بعد الثورة.
قرر قاضي المحكمة الابتدائية في تونس تأجيل النطق بالحكم في القضية إلى الثالث ماي المقبل، بعد ست ساعات من المرافعات بين دفاع الطرفين، ميزه التجاذب والاستقطاب السياسي بين التيار العلماني اليساري الذي مثله دفاع قناة ''نسمة'' ومديرها، والبالغ عددهم أكثر من 50 محاميا، وبين تيار إسلامي محافظ مثله مجموعة من المحامين المدعين والموكلين عن أصحاب الدعاوى المرفوعة ضد ''نسمة''، وبلغ عددها 260 دعوى.
وقال فوزي بن مراد، محامي نبيل قروي، إن المقاطع التي تضمنها الفيلم محل الجدل لم تتجاوز في مجموعها 43 ثانية، وانتقد اعتماد محامي المدعين على القناة للخطب والمواعظ الدينية في المحكمة، فيما أكد محامي ''نسمة''، شكري بلعيد، أن القضاء التونسي يمر بامتحان الاستقلالية في هذه القضية التي تعد مؤشرا على رغبة البعض في تشكيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل السعودية. وقال المحامي محمد المزوغي إن أصحاب الدعاوى ضد ''نسمة'' يريدون تحكيم القانون السعودي في تونس. وأكد المحامي ناصر العويني، صاحب مقولة ''بن علي هرب''، أن هذه القضية تستهدف تجييش الشارع ضد الصحفيين والضغط السياسي على القضاء. وقالت المحامية آمال مزابي إن الفيلم بث بترخيص من وزارة الثقافة ومن لجنة خاصة لعرض الأفلام التي تشارك فيها وزارة الشؤون الدينية.
من جانبهم، طالب محامو المدعين على ''نسمة''، وغالبيتهم من التيار الإسلامي، بإعادة القضية إلى النيابة العامة، واستدعاء كل الأطراف التي لها علاقة بالفيلم، بعدما تبين أن وزارة الثقافة رخصت للفيلم، وأن وزارة المرأة هي التي مولت جمعية نسوية تكفلت بترجمة الفيلم إلى اللهجة التونسية. وقال المحامي رفيق الغاق إنه مع حرية التعبير المسؤولة، مشيرا إلى أنه لا يجب الخلط مطلقا بين الحريات والمساس بقيم المجتمع التونسي والذات الإلهية والتطاول على المقدسات. وأوضحت المحامية رجاء منصور إن مدير القناة، نبيل قروي، اعترف بخطئه وأعلن تحمله للمسؤولية، وهذا الاعتراف كاف لإدانته. وقال المحامي نوفل شوشان إنها تسببت ببثها الفيلم في إثارة الشارع وتعكير صفو النظام العام. واعتبر المحامي ناصر سعيدي أن ''محكمة تونسية أدانت شخصا أهان العلم التونسي، فكيف لا تدين من أهان الذات الإلهية''.
وتمت المحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة، تكفلت بها وحدة من الجيش، لمنع أي مشاحنات بين نشطاءالمجتمع المدني يساندون قناة ''نسمة'' الذين تجمعوا خارج القاعة، وبين مجموعة من المحسوبين على التيار الإسلامي حضروا للتنديد بالقناة.
من جهة ثانية، استضافت قناة ''نسمة'' المغاربية، سهرة أول أمس، مجموعة من مديري الجرائد في المغرب العربي، في إطار الأسبوع الذي خصت به القناة الجزائر، للمشاركة في الاحتفال بخمسينية استقلالها، ومن بينهم المدير العام مسؤول نشر يومية ''الخبر'' شريف رزقي، ومدير ''ليبرتي'' عبروس أوتودرت، ومدير صحيفة ''المغرب'' زياد كريشان، ومدير ''أخبار الجمهورية'' من تونس، إلى جانب المنصف بن مراد والصحفي سفيان بن حميدة من ''نسمة''، حيث ناقاشوا موضوع ''حرية التعبير في المغرب العربي''، الذي تزامن وموعد المحاكمة .
وقال شريف رزقي في قضية المحاكمة ''أتمنى أن تتم معالجة القضية في إطار القانون، بعيدا عن الضغوط السياسية وتجاذبات الشارع''، مضيفا أن الصحافة تحتاج إلى دولة القانون والحق، وأن القانون هو وحده الكفيل بتوفير تطور ملحوظ في الصحافة والديمقراطية.
وقال'إذا كان هناك مشروعان سياسيان يتنافسان، فالشعب والصندوق هو الحكم، والجزائر وتونس أو غيرها، بلدان تسع الجميع بالتسامح، لأن التطرف لا يبني ديمقراطية''. وتحدث مدير ''ليبرتي''، عبروس أوتودرت، عن الوضع العام في الجزائر الذي لا يشجع على حرية التعبير. وتطرق مدير صحيفة ''المغرب'' في تونس، زياد كريشان، إلى التهديدات والمخاطر التي تهدد الحريات الإعلامية وحرية التعبير في تونس.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/04/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : '''' عثمان لحياني
المصدر : www.elkhabar.com