''سوء تسيير وليس ندرة أدوية''، هذا ما وصفت به إحدى الطبيبات التي رفضت الكشف عن اسمها ل ''الجزائر نيوز'' الوضع، لدى زيارتنا لمستشفى بارني بحسين داي البارحة، على خلفية أخبار راجت عن وفاة رضيعين بالمستشفى بسبب غياب الأدوية.
تقول الطبيبة :''ما يحدث هو سوء تسيير، أما الأدوية فهي متوفرة على مستوى الصيدلية المركزية للمستشفى''، وعندما استفسرنا عما تقصده بسوء التسيير قالت :''نحن نتلقى كوطة أسبوعية من الدواء، أحيانا تنفد قبل أن تستوفي الحاجة، وأحيانا حينما يتعلق الأمر بالعلاج الكيميائي، نضطر إلى تغيير خطة العلاج، الأمر الذي يجعلنا نحتاج إلى كمية إضافية من الدواء، وللأسف لا تمنح لنا رغم توفرها بحجة أننا تلقينا الكمية الأسبوعية المحددة.
وعندما استفسرنا عن صحة الأخبار التي راجت عن وفاة رضيعين بالمصلحة، ردت باستغراب :''لم يحدث هذا الأمر أبدا، مشكل الأدوية موجود وأؤكده لك، أما الوفيات فهذه أخبار كاذبة''.
مستشفى أم متاهة؟
''إذا عرف السبب زاد العجب''، هذا هو الحال بمصلحة طب سرطان الأطفال بمستشفى بارني بحسين داي .يقال إن الدواء غير متوفر، كلام فيه بعض من الصحة التي تخفي وراءها تعقيدات إدارية، تعرّض حياة المرضى إلى الخطر
.البداية كانت حينما وصلتنا أخبار عن وفاة رضيعين، بسبب غياب الأدوية المخصصة لعلاج حالتيهما، توجهنا إلى المستشفى، لنقابل ببروقراطية المكاتب، التي لا تعرف معها من المسؤول، ومن المخول للحديث عن الوضع .وسط تضارب الروايات، يتفق الجميع على خبر واحد مؤكد ''ليس هناك من حالات وفيات!''.
وبعد فترة من التنقل بين المكاتب، وصلنا أخيرا إلى مكتب سكرتارية البروفيسور المسؤول عن مصلحة طب السرطان، السكرتيرة قالت لنا :''هناك مشكل متعلق بدواء معين، والبروفيسور يعمل على حله، وإن تمكن من هذا الأمر فلن يدلي بأي تصريحب ...وطبعا هذا ما حدث لاحقا، قبل أن نقابل الطبيبة التي شرحت لنا الوضع كما وضحناه سابقا.
طبيبات متربصات لا يعرفن موقع الصيدلية
كان علينا أن نتوجه إلى الصيدلية المركزية للمستشفى، لنقف على أسباب توزيع الأدوية بطريقة تضع أرواح المرضى على محك النفاد، بما أن المستشفى أشبه بمتاهة، فالحل الأقرب إلى الواقع هو سؤال العاملين بالمستشفى عن موقعها، كان هناك ثلاث طبيبات نفترض أنهن متربصات بناء على أعمارهن، حينما سألناهم عن موقع الصيدلية تلقين السؤال كمن تلقى سؤال الإبرة في كومة القش، واحدة تقول :''أظنها من هناب مشيرة إلى الأمام، والأخرى :الا أظنها من هناكا مشيرة إلى الخلف، ليستقر الأمر في النهاية على طريق خاطئ، صححته بسؤال ممرضة قديمة بالمستشفى!
مخرن خلفي للأدوية
وصلنا إلى الصيدلية المركزية الشبيهة بمخزن خلفي، نفس الممرض الذي قابلناه لأول مرة نافيا وجود ندرة الأدوية، كان يتفاوض مع العامل من أجل تسليمه الأدوية اللازمة، كان يحمل كومة أوراق تحوي طلبات أدوية، في حين كان يصر عامل الصيدلية على أن يعود إليه في اليوم المقرر لتوزيع الأدوية كل يوم خميس
.التعليمات المعلقة على الجدران توحي بصرامة كبيرة، ولوجود تخوفات من تلاعبات ما، أو مجرد ذر للرماد في العيون :''ممنوع على الأجانب أن يستفسروا عن توفر الدواء''، ''الأدوية غير مخصصة للبيع وتسلم بالطلبات'' ...وحين انتبه العامل إلى وجودنا وتعرّف على هويتنا كصحفيين، قال :''إن الطبيب المسؤول غائب لأنه يدّرس بالجامعة مساء، بإمكانك العودة غدا صباحا للاستفسار؟!''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/05/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : يوسف بعلوج
المصدر : www.djazairnews.info