الجزائر

بين ثورات الألوان وحكام الربيع العربي


الأمر نفسه يتكرر خروج سلمي إلى إحدى الساحات الكبرى ، شعارات ، رموز ، ضحايا ، تواصل مع وسائل الإعلام العالمية و الاستفادة من التكنولوجيا بشكل مكثف ، التواصل مع المنظمات الدولية ، إنها مواجهة الشعب مع النظام ، و لكن نظام الحاكم العربي ، إنه حاكم لا يتكرر ، إنه يد الله في الأرض ، هو حاكم استثنائي منزه عن الخطأ بعث للشعب العربي الجاهل الذي لا يعرف مصلحته ولا يدري حجم المؤامرات التي تحاك ضد بلاده ، و ضد زعمائه الأبطال المقاومون ، فلا خروج على الحاكم لأنها خيانة للوطن والأمة وللمقاومة .
طارق بومهدي - كاتب -

لقد شهد التاريخ ثورات و انتفاضات شعبية كثيرة لن تنسى ، لاسيما تلك التي اتسمت بالطابع السلمي ، فالعالم العربي حاليا يمر بثورات شبيهة بتلك الثورات التي حررت الدول و بالأخص دول أوروبا الشرقية قبل و بعد سقوط جدار برلين و تفكك الاتحاد السوفياتي ، فالثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا و الثورة الوردية في جورجيا و البرتقالية في أوكرانيا هي ثورات شعبية اتسمت بالسلمية خرجت بالغناء و الورود و استطاعت إحداث تغيير جذري في حياة الشعوب السياسية و الاجتماعية .
إن مقاومة الظلم أبدا لا يحددها الانتماء لدين أو عرق أو مذهب سياسي بل تحددها النفس البشرية التي تأبى الاستعباد و تسعى للحرية ، هذا ما فهمته الشعوب العربية انطلاقا من تونس و "ثورة الشعب يريد" ، مرورا "بثورة الفايسبوك" في مصر، وصولا إلى "ثورة إرحل" في اليمن ، و"ثوار الناتو " في ليبيا ، و الحرب القائمة في سوريا ، يشبه المشهد مع ثورات الألوان، و لكن رد الفعل يختلف ، فكيف يمكن للشعب العربي أن يتنكر لحاكمه و ولي نعمته وربه الأعلى " من أنتم " " أيها الجرذان " " لقد فاتكم القطار " ،" أيها اليمنيون كيف تجرؤون جزاؤكم الإعدام " بعد المحاكمة العادلة في سوريا.
مع الأنظمة العربية لا يهم كم يموت من الشعب ، لأن القانون فوق الجميع ، و الجميع يموت جوعا و قهرا ، هذا لا يهم ، فالدولة هي "بن علي " ، هي " مبارك " ، " عبد الله صالح " ، هي " الأسد " ، " أنا الدولة " كما قال لويس السادس عشر و بعدهم الطوفان ، سيموت الشعب و يبقى الحاكم، نعم هي ثورات ملونة ، لكن بلون الدم العربي الذي ما زال يسيل منذ قرون ، دم الطفل و المرأة و الشيخ و الشاب ، دم الشعب العربي الرخيص الذي مازال يسيل و سيبقى في سبيل الحاكم العربي الذي أسس لمفهوم جديد للدولة يقوم على السلطة و الإقليم دون الشعب
إننا نجد أنفسنا أمام نموذج عجيب ، شعب مقابل حاكم غير قادر على الإصلاح و لا على التكيف مع الظروف الجديدة لهذه الثورات ، إننا أمام حاكم عربي لا يقرأ التاريخ و لا يتعلم منه ، هو مستعد لحرق بلاده و شعبه للحفاظ على نظامه كما أحرق نيرون روما .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)