كلّما حَلَّ شهر آذار (مارس) من كلً عام ميلادي، إلاً وحلّ معه الحديث المكرّر المتجدّد عن المرأة: وضعاً ووزناً، ألماً وأملاً، تحدياً وأفقاً، ما لها وما عليها، ولسنا ننكر هذا الحديث، أو نستنكره، فأمام أبصارنا مظاهر الانتقاص والحطّ من أقدار نصف المجتمع و''النِّساء شقائق الرِّجال''.
ثمّة تحديات جساماً أكثـرها من الداخل الإسلامي والعربي، ينبغي التّعامل معها بحكمة وحنكة وصبر، منها إشكالات المرأة ووظيفتها الاجتماعية، هل هي عنصر إيجابي فاعل أم عنصر سلبي حيادي؟ وإنّك لتعجب عندما ينتصب سفر ألماني مراد هوفمان في أحد ملتقيات الفكر الإسلامي بوطننا أمام جمهرة العلماء، وطلبة العلم، والنخب في عالم الثقافة والفكر والسياسة، قائلاً: صحِّحوا صورة المرأة عندكم، فصورتها لا تغري أحداً من الأوروبيين باعتناق ما تؤمنون به .
الحال أنّ المرأة أضْحَتْ قضيتُها ضحية، وقعتْ بين تيار التغييب وتيار التغريب، بين دعاة الانغلاق ودعاة الانطلاق، بين فكر التخريف وفكر التزييف، بين التقاليد الراكدة، والتقاليد الوافدة ظٌلٌمَاتُ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض ، وكلاَ الجانبين مجحف غير منصف، وللأسف أنّ المرأة ظَلَّت لعقود تتأرجح بين هذا وذاك كالّذي استهوته الشّياطين في الأرض حَيْرانْ .
إنّ أَهْلَ الذًكْر والفكر تبدأ وظيفتهم بتقرير الحقائق، ودعْمهَا وتوكيدها، وإطْراح ثقافة احتقار المرأة والغضّ من قدرها، وامتهان كرامتها واغتيال كيانها المادي والأدبي.
إنّ الواقع العربي الشرقي غلبته نزعات الأنانية والأثـرة والغرور، وإنكار الآخر وإقصائه، وركنه في زوايا ضيّقة جدًّا، فأمست المرأة ميّتة المواهب، موؤودة الملكات، ممحوقة المكانة، مسحوقة الشّخصية، معطوبة الوظيفة، مقلوبة الصُورة.. أمّا الواقع الغربي، فغلبته نزوات البهيمة العجماء، دحرجت المرأة إلى القاع، فباتت كائنا يكاد يلامس الصفر.
إنّ عمل المصلحين كبير، ونحن نتساءل من أجل كفكفة هذا الوضع: هل نعمل على جهة تحرير المرأة أم على جهة تكريس تحرّرها؟
أين تقاليدُ الشّرف الّتي حلّقَت بالمرأة يسيرة وسريرة، فكراً وعاطفة، أدباً ومعاملة؟ كيف تسلّلَت إلينا تقاليد غبية أساسها أنّ المرأة متعة لفحل يغدو عليها ويروح؟ أين صلتها بالعلم والمعرفة؟ أين بصماتها الشّخصية في ميادين الجهاد الفكري والثقافي والحرفي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والنّفسي والإعلامي والتعليمي؟ أين إسهامها في بناء الوعي، وتفعيل حركة التاريخ، وحركية المجتمعات؟ هل لها حضور في معارك السباق الحضاري الإنساني؟ وأين المرأة مِن فقه واقعها وإصاباته وتجاذباته ورهاناته؟
إنّنا ننكر نمط الحياة لدى الغرب، ونستنكر نظرته الدونية إلى المرأة، بقدر ما نكره المواريث الّتي ترخِّص الأنوثة، وتجمًدُ إنسانيتها، وتلغي عضويتها وتفرض على حقوقها وواجباتها جداراً فولاذياً عازلاً.
ويوم يُرْزَقُ المسلمون الفهم السّليم لحقيقة دينهم، والفقه المستوعب لطبيعة دنياهم، ننجح في تقويم عوج الآراء والأفهام، ومنه في تصحيح أوضاعنا عامة، وحُسْن عَرْض قضايا المرأة على الآخرين.
إمام مسجد الإمام مالك ـ فالمة
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : محمد أمين رزازقة
المصدر : www.elkhabar.com