الجزائر

«بيكاسو الجزائر» يوقع لوحاته بألوان روضة الأطفال


يقيم الفنان أحمد اسطنبولي إلى غاية نهاية الشهر معرضه برواق محمد راسم بعنوان «نظرة طفل»، يتضمن العديد من اللوحات الفنية ذات البصمة الطفولية البريئة بتقنيات فنية تعكس الموهبة والتكوين الأكاديمي العالي الذي جعل من بعض النقاد الأجانب في أوروبا يصفون اسطنبولي ب«بيكاسو» الجزائر وب«الساحر»، في حين يعتبر نظراؤه الجزائريون هذا الفنان بأنه الأحسن من بين فناني جيله.يدخل الزائر إلى المعرض ليقابله عالم آخر يرجعه إلى سنوات طفولته، يستحضر بها الذكريات الجميلة التي مضت ليتولّد بداخله حنين يحثه على مواصلة مد نظره إلى كل اللوحات.
عن هذا العالم الجميل، قال الفنان صاحب ال61 عاما ل»المساء»: «كلما كبرنا وتقدم العمر بنا، كلما ظهر بداخلنا ذلك الطفل ليتغلب علينا ونصبح أطفالا من جديد، نفعل ما يفعلون ونحس ما يحسون وهي مرحلة أعتبرها مرحلة نقاء وصفاء مع الذات ومع الآخر وحتى مع الفن، فلا يمكنك أن تنجز فنا صبيانيا وأنت تحمل عقلية وسلوك الكبار، وعندما فعلت ذلك أحس أنني لم أكبر بعد وأمارس شقاوة وسعادة الأطفال».
من جهة أخرى، اعتبر الفنان هذا الأسلوب الفني علاج يمارسه حيث أنه خضع لعملية قلب مفتوح.
إلهام من حيطان الشوارع
أشار الفنان اسطنبولي أن هذا الفن معروف ب«أرمولا الشارع» يستلهم من رسومات وخرباشات الأطفال على الحيطان عبر الشوارع أو من خلال رسم معالم بعض الألعاب منها لعبة «لامارال» التي امتدت عبر شوارع الجزائر، لكن المهم حسب اسطنبولي - هو أن يطلق الفنان العنان لموهبته وأن يكون طفلا حتى ينجح في هذا الفن ولا يعتمد فقط على تقليد ما يفعله الأطفال، لكن ذلك لم يمنع هذا الفنان من أن يدعو الأطفال للعب في بيته مع أسرته ويشاركهم اللعب.
من بين ما عرض الفنان ضمن هذا الأسلوب الصبياني، مواضيع اختارها من الواقع منها «بابور الحراقة» و»الطائرة العسكرية « و»أبي لم يشتر لي دراجة» و»تسريحات لوك» و»الشعر المجعد» وغيرها الكثير من اللوحات. وعن الألوان أكد أنه يختار ألوان «روضة الأطفال» أي الألوان التي يختارها الصغار وأغلبها تبعث على الحياة والتفاؤل منها البنفسجي والوردي والأزرق الفاتح والأحمر والأصفر .. وفي هذا قال الفنان إنه «حين يرسم فإنه يلعب ويستمتع، كما أن هذا الأسلوب متعلق بفلسفة الفن وبسيكولوجيته مما يساعد على تحليل شخصية الطفل التي تستدعي من الفنان أن يكون طفلا لا أن يرسم الطفل و إلا اعتبر ذلك خروجا عن النص كما يقال في اللغة المسرحية.
عن مشواره الفني، أشار إلى أنه خريج مدرسة باريس للفنون الجميلة (1977- 1981)، وشارك في تأسيس مدرسة مستغانم للفنون الجميلة، ويصفه جمهور النقاد والوسط الأكاديمي عندنا بأنه أحسن رسام من بين أبناء جيله.
قال الفنان إنه عاش 12 سنة في تونس أنجز فيها 1200 لوحة بيع نصفها في إيطاليا وفرنسا وألمانيا ولا تزال هناك وبعضها ببعض المتاحف الفنية، علما أن مدينة نيس الفرنسية لوحدها بها 60 لوحة له.
وفي إطار الحديث عن أوروبا، وجد الفنان عند إقامته بها الكثير من الدعم وولع بعض الفنانين والنقاد بأعماله وسموه «بيكاسو» الجزائر و»الساحر» وكل ذلك كان بالعمل وحده.
بالمقابل، تكوّن هذا الفنان في المجال المسرحي وفي الرقص المعاصر مما انعكس على اختصاصه في الفن التشكيلي.
يمتاز هذا الفنان بالحيوية والنشاك وبخفة الظل، فهو يأخذ الحياة ببساطة ويرى في الفن موهبة وتكوين ويمقت التلقين والتقليد، ولذلك نافس بعض الفنانين الأجانب وتغلب عليهم وأصبحوا هم من يطلبون رأيه، وعلى ذكر التكوين قال اسطنبولي «التكوين الأكاديمي مطلوب لكن تبقى مسألة البحث وحرية الإبداع والعمل واجبة ولا يمكن أن ينحصر الفن في نظرية لا بد أن نلتزم بالأصفر والأزرق وبأسلوب معين فرضته هذه المدرسة أو تلك فالفن ليس كله في وعاء واحد»، كما أشار خلال حديثه ل»المساء» أن مستوى بعض الأساتذة تراجع مما أثر على مستوى التكوين، ناهيك عن مشاكل التقليد والقرصنة في وضح النهار، كما طالب بضرورة التجديد في الفن التشكيلي الجزائري الذي بقي حسبه - يلبس عباءة زمن الستينيات ولم يتطور بالمستوى المطلوب.
أثناء تواجده بالمعرض، زار اسطنبولي بعضا من طلبته الذين اعترفوا له بالمستوى الراقي والذي لم يبخل عليهم بالخبرة والعلم إلى درجة أنه كان يفرض عليهم عدم الخروج من القسم ليستغل كل الوقت لهم دقيقة بدقيقة، كما زاره بعض زملائه الفنانين ليتبادلوا معه الذكريات ويستمتعوا بحديثه الذي يشبه العرض المسرحي.
أغلب اللوحات بدت متميزة بالألوان والخطوط والخربشات الصبيانية، في حين بدت لوحات اأخرى تحمل شخوصا لتبدوا كنقوش الآثار القديمة وأغلبها يحمل الرموز والطقوس التي تفنن اسطنبولي في وضعها.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)