بوماريا POMARIA اسم المدينة التي جعل الرومان من موقعها ثغراً محصناً قطنته حامياتهم العسكرية منذ أوائل القرن الثالث الميلادي. لم تفدنا كتب التاريخ باسم المدينة القديم، ولا شك أنها أقدم من الوجود الروماني لأن موقعها الجغرافي والطبيعي والجميل من شأنه أن يجعل منها أرض استقرار وإقامة القبائل البربرية قبل مجيء الرومان، ولعل اسم بوماريا الذي يعني الحدائق والبساتين الغنية بشجر التفاح، ما هو إلا ترجمة لاسمها البربري القديم.
لم يبق من بوماريا إلا آثاراً قليلة، فهي بقايا من سور كان يحيط بها وأحجار ملقاة هنا وهناك استعمل بعضها في تشييد الجزء الأسفل من المئذنة التي أمر ببنائها الأمير يغمراسن بن زيان في القرن السابع الهجري بجانب مسجد أقادير العتيق أو ما تبقى منه، ويبدو من خلال هذه الآثار أن المدينة الرومانية كانت محصنة وتضم معسكرات للجند وبعض المنازل، وحمامات، سوق ومخازن واسطبلات وغيرها من المرافق الضرورية في كل مدينة.
لعبت بوماريا دوراً هاماً في الاستراتيجية العسكرية الرومانية بغرب شمال إفريقيا، فكلفت بتأمين الطريقين اللذين اختطهما الرومان والمؤديان إلى طنجة (موريطانيا الطنجية): الأولى تخترق السهول والجبال الشمالية مروراً بشرشال ووجدة، والثانية نحو الجنوب إلى ورجلان ثم غرباً نحو طنجة، ويلتقي الطريقان حتماً ببوماريا، الممر الوحيد بين الشرق والغرب، وقد أقام الرومان بها حصناً حشدوا فيه جنودهم لصد غارات قبائل زناتة البربرية في البداية، ثم تحول إلى حصن شيئاً فشيئاً إلى مدينة عملوا على تعميرها وتزيينها بعدما استتب لهم الاستقرار بالمنطقة، خاصة في عهد القيصر سيفر اسكندر SEVERE ALEXANDRE
جلب الرومان إلى بوماريا المياه العذبة بواسطة قنوات ينهي بعضها إلى وادي الوريط في شكل شلال، ويسمي سكان تلمسان هذه القنوات "ساقية الرومي"، ذكرها ابن خميس في قصيدة يقول فيها:
لساقية الرومي عندي مزية وإن رغمت تلك الرواسي الرواشح
فكم لي عليها من غدو وروحة تساعدني فيها المنثى والمنائح
بالإضافة على الطريقين المذكورين، ارتبطت بوماريا بالمدن الشمالية والساحلية بطرق أخرى، أهمها الطريق المؤدي إلى سيجة SIGA (جيم مصرية) بمصب نهر التافنة، وطريق وهران المعروفة باسم مرسى الآلهة (Portud Divini) والمؤدي كذلك إلى الميناء الكبير (أرزيو) التي كانت تحمل اسم (Portus Magnus) مروراً بعين تموشنت (Albulae). أما من الشمال الغربي، فقد وجدت طريق الغزوات (ميناء) المعروفة باسم Ad Fratres.
لا شك أن نهاية بوماريا كانت على يد الوندال الذين حلوا بالمنطقة عن طريق الغزوات، فانتشروا في البلاد تاركين وراءهم الدمار والخراب أينما حلوا، فمروا ببوماريا وألحقوا بها خراباً كبيراً قبل الزحف شرقاً نحو نوميديا، وكان ذلك في نهاية القرن السابع الميلادي (617م) 1.
1 : أنظر: Georges Marcais: Les Villes D,art Celebres: Tlemcen, Parid: Lavrens, 1950. Gautier (E.F): Le Passe de l,afrique du Nord, Paris, 1964
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/09/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : http://www.almasalik.com