الجزائر


بوشوارب
أكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، أن مشروع القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيسمح بتدعيم آليات دعمها من خلال ترقية دور الوكالة الوطنية لتطوير هذه المؤسسات، وبالتالي التمكين من مرافقتها بطريقة أفضل لتحقيق أهداف النمو الاقتصادي. واعتبر أن تعديل القانون 01-18 الذي دخل حيز التنفيذ في 2011، أصبح «حتميا» لمواكبة التحولات الاقتصادية. وقال إنه سيعطي «قفزة جديدة» لسياسة تطوير هذه المؤسسات. طرحٌ اختلفت آراء النواب حوله بين مؤيد للقانون ومتحفظ على إمكانية تطبيقه أمام المعوقات البيروقراطية، ورافض له تماما؛ باعتبار أنه لا يأتي بجديد من جهة، ويقر الدعم بدون رقابة من جهة أخرى.وأعطى الوزير توضيحات حول مشروع القانون خلال عرضه أمس أمام نواب المجلس الشعبي الوطني في جلسة ترأّسها السيد العربي ولد خليفة رئيس المجلس، حيث تحدّث عن أهم محاوره، مشددا على أن الحكومة تعوّل عليه من أجل دعم هذا القطاع في سياق سياستها الرامية إلى استحداث مناصب عمل ودعم الاستثمار خارج المحروقات وكذا تحسين مناخ الأعمال.في هذا الصدد أكد السيد بوشوارب أن القانون يهدف خصوصا إلى تأهيل المؤسسات، وتعزيز قدراتها التنافسية للاندماج في المحيط الاقتصادي الدولي، ولهذا فإنه جاء لوضع حد لبعض الاختلالات المسجلة، منها «محدودية تعريف المؤسسة الصغيرة والمتوسطة المعتمد وعدم مطابقته للتغيرات»، و«عدم كفاية أجهزة الدعم المستحدثة»، و«غياب التنسيق بين مختلف الأجهزة ذات الصلة»، و«عدم حيازة الأخيرة على الإمكانيات المادية والبشرية التي تمكّنها من التطبيق الناجع لسياسة الحكومة».ولهذا نص مشروع القانون على «تكييف مفهوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة»، و«مراجعة التشكيلة المؤسساتية بإعادة هيكلة الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز صلاحياتها»، و«تحويل مراكز التسهيل والمشاتل إلى فروع محلية للوكالة»، و«إعادة هيكلة صناديق ضمان القروض واستحداث صناديق الاطلاق»، و«إنشاء هيئة تشاورية لتطوير هذه المؤسسات»، و«تحسين حصولها على التمويل باستحداث الوسائل المالية الملائمة لها»، إضافة إلى «ترقية وتشجيع المناولة» و«تطوير منظومة الإعلام الاقتصادي كأداة للمساعدة على اتخاذ القرار».واعتبر الوزير أن دعم ديمومة المؤسسات والحفاظ عليها لا يقل أهمية عن دعم إنشائها، لذلك أوضح أن هناك دعما خاصا لحماية المؤسسات التي تعاني من مشاكل رغم أنها تملك القدرة على الاستمرار اقتصاديا.وفي تقريرها التمهيدي اكتفت لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط، بإدراج جملة من التعديلات الشكلية فقط في بعض مواد مشروع القانون؛ من أجل توخي «الوضوح والدقة»، وأخرى «موضوعية» لا تمس مضمون القانون، كما جاء في التقرير.النواب: الإشكالية هي البيروقراطية المحلية وعدم التنسيق وغياب الرقابةورغم تثمين أغلب النواب ما جاء به القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، معتبرين أنه سيسمح بإعطاء ديناميكية لهذا القطاع الذي يُنتظر منه أن يحمل مشعل التنمية ويحرك دواليب الاقتصاد الوطني، فإنهم عبّروا عن اقتناعهم بأن تنفيذه في الميدان تعرقله ثلاثة عوامل رئيسة، هي: البيروقراطية وغياب الرقابة وعدم الانسجام في عمل مختلف الهيئات المعنية، لاسيما بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية. وانتقد النواب في كثير من التدخلات، أداء الجماعات المحلية، متهمين إياها بعرقلة الاستثمار ومنح العقار الصناعي لغير أصحابه.محمد جميعي من حزب جبهة التحرير الوطني وبعد أن ثمّن مضمون القانون وأكد دعم كتلته البرلمانية له، قائلا إنه جاء لتشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي إحداث التنمية لاسيما على المستوى المحلي وكذا مكافحة ظاهرة البطالة خاصة وسط الشباب، فإنه طالب بتوجيه دعم السلطات لإنشاء «مؤسسات حقيقية» قادرة على تحقيق «تنمية فعلية»، مشيرا إلى ضعف القطاع، الذي يشهد سنويا وفاة 17 بالمائة من المؤسسات، ولم يتردد في اتهام البيروقراطية وغياب المرافقة بالوقوف وراء ذلك.نفس الملاحظات وردت على لسان النائب سليمان سعداوي من نفس الحزب، الذي أشاد بالقانون، وقال إنه «جيد»، مشيرا إلى وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة لتطوير هذا النوع من المؤسسات، لكنها تصطدم ب «البيروقراطية» التي تحول في أحيان كثيرة دون إتمام مشاريع تنموية هامة.من جانبه، دعا صالح دخيلي النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لإحداث «تنسيق بين مختلف الفاعلين للتمكن من الوصول إلى نتائج ملموسة»، وقال إنه لا بد من «تقليص التجزئة القطاعية في الصناعة»، وتنسيق العمل بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الكبرى من أجل السماح ببروز قطاع صناعي قوي.وبدوره، انتقد البيروقراطية على مستوى الجماعات المحلية، لاسيما في الحصول على العقار الصناعي، وناشد الوزير وضع حد لما وصفه ب «الممارسات غير المسؤولة لبعض المسؤولين المحليين، الذين يمنحون العقار الصناعي لغير مستحقيه».ولأن القانون يتضمن إجراءات عديدة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من طرف الدولة، فإن النائب جويدة بن تلمساني عن جبهة التحرير الوطني، دعت إلى وضع «هيئة رقابة مستقلة لمراقبة صرف الأموال على هذه المشاريع». كما اقترحت وضع آلية تمويل بدون فوائد، تشترك فيها المؤسسة المالية مع المؤسسة الاقتصادية في الأرباح.أما النائب محمد الحبيب قريشي «بدون انتماء»، فقد اعتبر أن الإطار التنظيمي الجديد لهذا القطاع، لن يعطي أي نتائج في سياق البيروقراطية السائدة ومناخ الاستثمار غير المناسب، داعيا إلى إنشاء مناطق صناعية موزعة جغرافيا حسب الاحتياجات. وتأسف لفشل برنامج تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة رغم إنفاق قرابة 500 مليار دج عليه.ووجهت انتقادات كبيرة من طرف النواب للهيئات المحلية للاستثمار، على غرار «كالبيراف» و«انيراف»، وطالبوا بضرورة تطهيرها من الممارسات غير الشرعية التي تشوب عملها.وإذا كانت تدخلات هؤلاء قد حملت انتقادات بالرغم من دعم وتثمين القانون المعروض، فإن تدخلات أخرى ذهبت بوضوح نحو رفض ما جاء به القانون، وهو ما عبّر عنه بالخصوص نواب حزب العمال وأحزاب التيار الإسلامي، فضلا عن جبهة القوى الاشتراكية.في هذا الصدد قال النائب جلول جودي عن حزب العمال، إن الدولة صرفت أموالا طائلة منذ 10 سنوات على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغية خلق أكثر من مليوني مؤسسة، إلا أن النتائج لم تظهر، مشيرا إلى أنه إلى حد اليوم «لا يستطيع أي أحد إعطاء حصيلة مدققة»، واعتبر أن ذلك راجع لكون رؤية الحكومة لم تكن مبنية على «سياسة دائمة»، بل على «الخوصصة»، إضافة إلى غياب «أقطاب صناعية قوية»، تسمح بإنعاش خلق هذا النوع من المؤسسات.وبالنسبة للقانون فإنه «لم يأت بالجديد» حسب جودي، الذي اعتبر أنه من غير المعقول خلق ديناميكية في غياب أقطاب صناعية كبرى. كما انتقد سياسة تأهيل المؤسسات، وقال إن الهيئات المكلفة بالملف أخفقت في تحقيق هذا البرنامج، مثلما أخفق برنامج التأهيل الذي وُضع بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي.وأكد نواب معارضون للقانون أن هذا الأخير جاء بعدة مزايا جبائية وعقارية وإجراءات لدعم المؤسسات، لكن بدون تحديد أي مقابل أو أي قيمة مضافة على المؤسسات تقديمها للاقتصاد الوطني، وهو ما يعني –حسبهم- أن هذه المؤسسات تبقى في حالة «اتكال» على مساعدات الدولة، في ظل غياب الدور الرقابي للدولة الذي يمكّن من محاسبة المستفيدين من المزايا، خاصة في القطاع الخاص. ولم يتردد بعضهم في القول إن الاتكال على الخواص لدعم التنمية، أصبح اليوم «وهما»، مستشهدين بما يحدث في عدة بلدان.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)