الجزائر

بورتري بدر الدين ميلي يكتب مرايا الطيور



صدر مؤخرا عن دار الشهاب رواية جديدة للكاتب بدر الدين ميلي تناول فيها الجدل القائم بين السياسة والثقافة والصراع المتواصل بينهما في ظل البحث عن القيم والمبادئ المثلى التي ارتسمت قبل الاستقلال ولم تتجسد بعده رغم توسّمها بالقيادة الرشيدة، إلا أنها بقيت حبرا على ورق. طرحت رواية ”مرايا الطيور” التي تعد تكملة لروايته ”الجدار والفجوة” إشكالية العلاقة بين المثقف والسياسي، ومن خلالها سرد معاناة النخبة الجزائرية في محاولة إثبات الذات في ظل الفجوة الموجودة بين الطبقة المثقفة وممثلي السلطة وذلك منذ الاستعمار وإلى غاية الاستقلال. وتلخّصت حبكة القصة من خلال شخصية ”سطوفا” القادم من قسنطينة ليلتحق بالجامعة في العاصمة أين يقيم في منزل صغير، محمّلا بكتلة من الأفكار والآمال التي تغذّت من أفكار أصدقائه الذين تعرّف عليهم وكانت قاسمهم المشترك، حيث انخراطوا في صف واحد حالمين بتحقيق أفكارهم المتمردة المتعلقة بمستقبل الوطن طمعا في نيل المزيد من حرية التعبير، التي كانت تبدو ملائمة في بدايات الاستقلال، وعبرها لخّص سطوفا ما عاشه المثقف الجزائري من 1960 الى غاية 1980، حيث وفي خضم ما يجري من أحداث يبحث البطل عن تطوير نفسه والمضي قدما كنموذج للمثقف الجزائري الذي بقي حيزه محدودا في المجال الثقافي بعيدا عن السلطة وكل ما ترمز إليه من هيمنة وقوة واستحواذ على كل الأدوار حتى وإن كانت القيادة بأيدي أناس أميين ولا يمتّون بصلة إلى العلم والمعرفة. غير أن الكاتب وعبر صفحاته الـ227 لم يحمّل السياسي عبء هذه الفجوة بل ألقى اللوم أيضا على المثقف الذي قبِل دوما بلعب الأدوار الثانوية التي أبقته حبيس حيزه الضيق، وهو ما أوقع المثقف الجزائري في دائرة مغلقة يسيره فيها الأمل بغد أفضل تشرق فيه الشمس وتنجلي الغمامة السوداء ليسطع بريق المساواة وتحقق العدالة التي يحلم بها كل فرد. لكن سطوفا يكتشف رغم كل ما قدمه من نضال في سبيل البحث عن كل ما ذكر سابقا أن ما ضحى من أجله منذ الاستعمار ورفعت شعاراته عاليا من طرف الباحثين عن الحرية والمسلحين بسلاح مشترك اسمه تحقيق الذات لن يتحقق حتى بعد الاستقلال، بل على العكس اتسع الشرخ الموجود بين الطبقة الحاكمة والمثقف الجزائري لدرجة الجزم بأنه ربما لن يزول هذا الحاجز الفاصل بينهما إلى الأبد طالما لم يتحرّك المثقف لإثبات وجوده وفرض نفسه مهما كان الثمن. ومع أن الكاتب لخّص معاناة المثقف الجزائري، إلا أن معالجته للموضوع تبقى متواصلة في انتظار إكمال الكاتب لثلاثيته التي عالجت موضوع النخبة المثقفة وعلاقتها بالسلطة، حيث يحضر بدر الدين ميلي للجزء الثالث الذي سيحمل عنوان ”الرغبات اللعينة”. ط.ب


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)