الجزائر

بوجدرة والإعاقات اللغوية؟!



بوجدرة والإعاقات اللغوية؟!
مشكلة الجزائريين أنهم لا يعرفون ما يقولون، بل لا يفكرون في ما يقولون، في الموقف المناسب والوقت المناسب، والدليل ثرثرة بوجدرة الأخيرة، التي أعلن فيها مرة أخرى إلحاده، وما أن ثارت ضجة حوله، ضجة فارغة من معناها ومن فائدتها أكثر من إعلان إلحاد بوجدرة الذي لا يعني المجتمع في شيء.ما أن ثارت الضجة، قلت، وهدد المتأسلمون الرجل بعدم دفنه في مقابر المسلمين، حتى ارتعدت فرائسه وراح “يلطم خديه” ويتراجع في كلامه، ويدخل الإسلام من جديد ويدعي أنه متصوف.إعلان الإلحاد على ما فيه من ذمّ كان فيه من الشجاعة ما لا يستحقها شخص مثل بوجدرة منقلب ومتلون، وإعلان توبته فيه من الجبن ما يقضي نهائيا على ما بقي للرجل من مكانة ثقافية ومن كرامة إنسانية.يحدث هذا مع مثقف له العديد من الكتب والروايات، فلماذا إذاً نلوم الوزير الأول سلال لما يخطئ في تصريحاته، ولماذا نلوم رجال السياسة؟نحن مجتمع “عڤون” ربما تليق بنا لغة الإشارة، فنحن لا نحسن إلا لغة الشتم والسب والتجريح والكلمات النابية التي يتلفظ بها الكبار والصغار طوال النهار في كل الشوارع والأزقة. والباقي نحن أفقر الشعوب العربية، بل شعوب الأرض إلى ثراء لغوي، خاصة بعدما أهملنا لغتنا الأصيلة، سواء الأمازيغية أو العربية، ورحنا نلصق على لسان أبنائها لهجات هجينة لا هي عربية ولا هي فرنسية.حتى الصحفيون أنفسهم يفتقرون لثراء لغوي يمكنهم من إيصال رسالتهم بوضوح. تخيلوا صحفية تسأل الوزير وتقول له “عمو.. عمو...”!؟ عوض أن ترفع من شأن نفسها أولا وتخاطب الرجل بلقب يليق بمكانته.. وأن تركب جملة مفيدة وسؤالا واضحا؟ تخيلوا ماذا سيكون رد فعل وزير مع طيش صحفية مثل هذه؟.. الوزير الأول قال لواحدة منهن مرة وهي تلاحقه بسؤال سخيف كهذا “واش يا شريكتي؟”.. الجواب فيه كثير من الذكاء من جانب الوزير والإهانة لصحفية للأسف تحمل لقب صحفية وتختصر واقعا مريرا لهذه المهنة، بل واقع للمنظومة التربوية والأخلاقية والمجتمع ككل.لو كان عبدو درياسة يحسن الكلام لما لجأ إلى العنف مع الصحفية!شاهدوا الإعلانات عبر القنوات التلفزيونية الجزائرية لتعرفوا من تفاهة النصوص وطريقة الحوار، أننا نعاني من إعاقة في اللسان وإعاقة أخرى في الفكر. وليست نصوص الإعلانات وحدها التي تعاني من فقر مدقع في الرسالة، وهي تدعو إلى مقاطعة البضائع المروج لها أكثر مما تدعو إلى الإقبال عليها وإغراء المواطن بالاستهلاك، مع أن في لغتنا الشعبية وفي لساننا، سواء العربي الأصيل أو الأمازيغي ما يمكننا من التعبير عن كل شيء، ولكننا أصبنا في العقود الأخيرة بانفصام فظيع في الهوية وبإعاقة في اللسان، وصرنا نلوك جملا من الكلمات الفارغة، وكأن ذاكرتنا الاجتماعية أصيبت بتلف تقني مثلما تصاب ذاكرة الكومبيوتر “فورماتي”، نعم هذه هي العبارة الدالة إعلاميا على هذه المصيبة؟!لا نلوم العامة ولا أطفال المدارس على أن تكون لهم لغة سليمة ويتمسكون بهوية وتكون لهم مواقف صلبة يدافعون عنها، ما دام شخص في مستوى بوجدرة يصاب بالرعب وينهار لمجرد أن حمداش المعتوه هدده بألا يدفن في مقابر المسلمين وألا يغسل ولا يصلى عليه.أين هي المشكلة إن لم يدفن في مقابر المسلمين، إذا كان شيخهم الإرهابي بن لادن نفسه ألقي به في البحر، ثم أليس بوجدرة من قال إن موتي هي قضية تخصكم؟!تذكرت وأنا أخط هذه السطور كيف هددني أبو جرة سلطاني منذ سنوات، ممازحا وجادا في نفس الوقت، أنهم عندما يصلون إلى الحكم سيمنع دفني في مقابر المسلمين.شخصيا لا يهمني أين أدفن، على طريقة المسلمين أو أحرق على الطريقة الهندوسية، أو أرمى في البحر. وأبو جرة أشرك بالله، فمن يدري مَنْ منا سيموت أولا؟!لنعلم أبناءنا أولا كيف يتكلمون، وكيف يفكرون تماما مثلما نعلمهم كيف يحترمون الآخر ويحترمون أنفسهم. وبوجدرة نفسه يستحق درسا من هذا القبيل حتى لا يجني على نفسه ما جنى عليها هذه الأيام؟!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)