الجزائر

بوتفليقة يعلن عن إنشاء لجنة وطنية لمحاربة الفساد بمناسبة إشرافه على افتتاح السنة القضائية بمقر المحكمة العليا



بوتفليقة يعلن عن إنشاء لجنة وطنية لمحاربة الفساد بمناسبة إشرافه على افتتاح السنة القضائية بمقر المحكمة العليا
تعهّد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمكافحة صارمة لكل أشكال الفساد بعد أن لاحظ التنامي غير المسبوق للمحسوبية والرشوة والنهب للمال العام، وأعلن في هذا الشأن عن تنصيب لجنة وطنية عما قريب لهذا الغرض، متوعّدا بأن تقف السلطة القضائية بالمرصاد في وجه ما أسماه »كل جرائم الفساد«، وربط رئيس الجمهورية في المقابل تزايد الاحتجاجات بغياب العدالة مما يتطلب، حسبه، مزيدا من الجهود لإقامة دولة القانون. اعترف رئيس الجمهورية خلال كلمة ألقاها أمس بمناسبة إشرافه على افتتاح السنة القضائية بمقر المحكمة العليا، بأن ما تحقّق من مكاسب في مسار إصلاح العدالة لا يمكن أن يغطي على الإطلاق وجود بعض الآفات والممارسات السلبية التي تؤثر على بناء دولة القانون، وقد اعتبر القاضي الأول في البلاد أنه إذا لعب قطاع العدالة دوره فإن ذلك يساهم في انتشار الأمن واستتباب الاستقرار داخل المجتمع.
إلى ذلك قال عبد العزيز بوتفليقة إن الإصلاح الحقيقي الذي يريده ويحرص شخصيا على الوصول إليه هو ذلك تنتفي فيه كل أشكال الانتهاك للحقوق والحريات واستهتار بالقانون على جميع المستويات وفي مختلف مناحي الحياة الخاصة والعامة، وتابع أيضا »بالعدل يتعافى المجتمع من كل الآفات المنغّصة عليه حياته والمثبطة لتقدّمه وتطوّره من أنانية ومحسوبية ورشوة وفساد ونهب وسلب وتعد واغتصاب..«.
ولم يفوّت القاضي الأول في البلاد الفرصة للإشارة ضمنيا إلى تصاعد حدة الاحتجاجات عندما قدّر بأن ذلك يعود حتما إلى غياب العدالة وهو ما بدا واضحا من كلامه: »بالعدل يصبح الإنسان في غنى عن المخاصمات والاحتجاجات التي ليست في حقيقتها وماهيتها سوى وسيلة للمطالبة بالعدل«، كما دافع بقوة عن الإصلاحات التي تجسّدت لتعزيز سلطة القانون، حيث جاء على لسانه وهو يتحدّث عن هذا الموضوع قوله: »وقد يقودني الحديث هنا إلى ذكر ما تقوم به السلطة القضائية للوقوف بالمرصاد ضد جرائم الفساد وما يوفّره إصلاح العدالة عندنا من ضمانات للمحاكمة العادلة بجميع المقاييس المتعارف عليها في الاتفاقيات والعهود الدولية«.
والأكثر من ذلك فإن رئيس الدولة التزم بالتصدي الصارم لمختلف مظاهر الفساد والمحسوبية بعد أن سجل تزايد بعض الممارسات التي تسيء إلى ما تحقّق من إصلاحات، حيث شدّد من لهجته بعد أن تعهّد قائلا: »إننا لنقف بكل حزم ضد الفساد بجميع صوره وأشكاله وقد أعددنا من الآليات التشريعية والتنظيمية التي ستعزّز قريبا بتنصب لجنة وطنية لهذا الغرض«، قبل أن يتوعّد »ولا بد من أن ينال كل ذي مفسدة جزاءه على يد القضاء وطبقا لقوانين الجمهورية«.
وحسب تأكيد الرئيس بوتفليقة فإنه من مقتضيات دولة القانون »أن يعكس تطبيق القانون في مختلف مجالات تدخله ضبط الحياة العامة والخاصة بما يجب أن تكون عليه داخل المجتمع وما يرمي إليه القانون من تحقيق العدل والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات وترسيخ أسس الديمقراطية وقواعد الحكم الراشد«، واعتبر أن الوصول إلى هذا الهدف »يستدعي منا جميعا تجديد العزيمة على مواصلة العمل بجدية وفعالية أكثر للمحافظة على المكتسبات..«.
وقد أفرد رئيس الجمهورية جزءا كبيرا من كلمته التي استغرقت 17 دقيقة، للحديث عن برنامج إصلاح العدالة الذي اعتبره »من الملفات ذات الأولوية بالنسبة إلينا إذ حرصنا على متابعته بعناية خاصة مثمّنين ما تحقّق من نتائج عبر مختلف مراحل تنفيذ البرنامج..«، مضيفا: »إن قيمة هذه المنجزات تكمن أساسا في بلوغها الهدف الأساس المنشود الذي أحرص عليه شخصيا كل الحرص والمتمثل في خدمة المواطن وتيسير إجراءات اللجوء إلى العدالة وتوفير أكثر ضمانات لحقوق المتقاضين«.
كما أوصى بوتفليقة بضرورة أن يجد المواطن ضالته لدى قطاع العدالة فلا يضيع حقه ويلقى التسهيلات والاهتمام اللائق، مشدّدا أيضا على أولوية إيلاء العناية اللازمة أكثر فأكثر لمنظومة إعادة التربية بما لها من أهمية خاصة وآثار إيجابية على المجتمع، مثلما دعا إلى واجب التكفل بفئة المنحرفين في الوسط العقابي والاهتمام بأوضاعهم داخل المؤسسات العقابية وفق سياسة عقابية حديثة توفر لهم كل الضمانات القانونية لحفظ كرامتهم وعدم هدر حقوقهم وكذا متطلبات إعادة إدماجهم.
وبرأي رئيس الجمهورية فإنه »بات من الواجب مراجعة كيفيات عمل بعض الجهات القضائية وفي مقدّمتها المحكمة العليا ومجلس الدولة لتيسير مواجهتهما الحجم المتزايد من الطعون المرفوعة أمامهما«، كما لم يستثن من هذه العملية محكمة الجنايات التي قال بشأنها إنه »بات من الضروري إعادة النظر في تنظيمها لتعزيز ضمانات الأشخاص الذين يمثلون أمامها من خلال إفادتهم بطرق أخرى للطعن على غرار ما هو معمول به على مستوى الجهات الجزائية الأخرى«.
وخلص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى أنه يسجّل بارتياح كبير ما تحقٌّق من تقدّم ومنجزات في إطار تنفيذ برنامج إصلاح العدالة مما يعني »أننا حققنا تقدما ملحوظا وقطعنا أشواطا بعيدة نحو ما نصبو إليه من إدراج تشريعنا الوطني في سياق عولمة القانون«، لكن ذلك لم يمنعه من أن يدعو أدعو القائمين على القطاع إلى »بذل المزيد من المجهودات للوصول بهذا الإصلاح إلى مداه الذي نصبو من خلاله إلى تعزيز دولة القانون والمؤسسات ومواكبة أوضاعنا للحداثة والعصرنة فيما نرومه من أمن ونماء واستقرار للبلاد«.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)