تكاد الأنثى تكون هي كل الشعر، تسبح في رحاب كلمات الشاعر الرقيقة التي تتسلل إلى فؤادها كقطرات طلّ تتناثر عليها عبر نسمات رخية ناعمة فتربي زهر الأنوثة فيها، وتؤثر فيها تأثيراً يتفاوت وقعه بين أنثى وأخرى حسب قوة المؤثر ودرجة شاعريته. إنّها بطاقة تعريف لكثير من الشعراء ممن ارتبط اسمهم بأسماء فتياتهم من مثل أبي نواس الذي ارتبط اسمه بجنان وابن زيدون بولادة وبشار بعبده وجميل ببثينة وقيس بليلى وغيرهم.
هؤلاء الشعراء تفننوا في وصف مفاتن الأنثى الجسدية حتى صار بالإمكان أن يتمخض عملهم معجماً يصور المعالم الجمالية التي نلمسها في المرأة والتي تستهوي الرجال وتجلب أنظارهم، وتسلب أفئدتهم ؛ وهذا يعني أنّ الأنثى كان لها أثرها في إثارة مشاعر الشعراء، واشتعال أوار الحب بين ضلوعهم ففاضت قريحتهم شعراً لامس النفس، ودغدغ حنايا الفؤاد ,صدح به الشعراء على مر العصور فتفننوا في التغزل بالأنثى، ساعين إلى جعلها تمثالاً بارعاً له من الجمال حسن يوسف عليه السلام، وكللوه بمقاييس جمالية تكاد تكون واحدة عند كل الشعراء.
ومن خلال مطالعتنا للتراث الأدبي المغربي ندرك تماماً أنّ حظ الأنثى منه لم يكن بأقل مما كان عليه فيما سبق، والمتتبع للشعر الغزلي في أدبهم يدرك مدى تعلق الشعراء بموروثهم الشعري، وتنافسهم في محاكاته واقتباس معانيه، وتمسكهم في كثير من الأحيان بالمقاييس الجمالية التي تداولها الشعراء الأوائل محاولين تطويرها أحياناً مع ما يتلاءم وطبيعة عصرهم الذي هم فيه، منصرفين إلى وصف الحبيب والتغني بمحاسنه عازفين على قيثارة الجمال أنغاماً طالما تغنى بها من سبقهم.
تاريخ الإضافة : 08/03/2011
مضاف من طرف : poesiealgerie
صاحب المقال : DR. Mayada Altounji / د. ميادة محمد علي التونجي جامعتي حلب والفرات - سوريا
المصدر : ملتقى دولي حول " الشعر النسوي بتلمسان" خلال تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية