"الإنسانُ لا يستطيع أن لا يتواصل"، هكذا قال يوما مجموعة من علماء الاتصال "بيفن وآخرون 1974"؛ ويبدو أنّ سكّان العالم قد آمنوا بهذه المسّلمة وانطلقوا في إعادة بناء مُختلف قنوات وأدوات الاتصال لديهم بما يتوافق مع التغيّرات والتحوّلات التي يشهدها عالمهم الذي لا يتوقّف عن التطوّر والتبلور والتّشكل.
في الجزائر، وبعد رُكودٍ كبير عرفته الآلة الإعلامية التقليدية التي كانت منهمكة في صناعة رأي عام يؤسّس لإعلام جماهيريّ ذي فكر سياسي اشتراكي، ظهر نوع جديد من الصّحافة التحرّرية المتّجهة نحو التأسيس للقيم المدنية، والهادفة إلى صنع رأي عام جيّد، كثير المعرفة، غير متقلّب، واع، وقادر على اتخاذ القرار المسؤول والثابت.
عندما يؤمن مجموعة من الشّباب الإعلاميّين في الجزائر بضرورة هذا التحوّل، وعندما ينتقلون من الافتراضي إلى الواقعي، مشكّلين مشهدا إعلاميّا جديدا في فضاء الواقع، لا يجب أن نترك هذه التجربة تمرّ دون التنوية بها والإشارة إليها.
مجموعات ناشطة على فايسبوك وتويتر ويوتوب، ومختلف المواقع الإلكترونية المُهتمة بصناعة الرّأي العام صارت اليوم ظاهرة جديرة بالدراسة، خاصة فيما تعلّق بواقع هذه الصحافة، ودورها وقيمتها وقيمها، توجّهاتها وآليّات تنفيذ استراتيجيّتها فنيّا ومضمونيا.
إنّ أداء مجموعة واحدة من المجموعات كمجموعة "يدا بيد من أجل إعلام هادف" "تأسّست على صفحات فايسبوك منذ حوالي سنة تقريبا، ينتمي أفرادها إلى مختلف وسائل الإعلام المكتوبة، السّمعية والبصريّة"، استطاعت تنظيم ملتقى وطنيّا ويوما إعلاميّا في ظرف قياسي؛ فتجاوز أداؤها كلّ الحُدود وألغى كلّ الحواجز، جعل المتتبعين يقفون مندهشين لقوّة فعاليّة أفرادها الذين يتّسمون بالحيويّة والقدرة على المناورة والنشاط بشكل ساهم في رفع أسهم الصّحافة التحرّرية في الجزائر، صحافة يقودها الشّباب المُؤمن بالنوعيّة الجيّدة للرّأي، أين يصير الجُمهور واعيا وقادرا على الإدراك والفهم والانطلاق نحو التّصرف إزاء مختلف القضايا والمشكلات التي تواجهه.
يبدو أنّ بوادر ميلاد صحافة تحرّرية حداثيّة في الجزائر قد لاحت في الأفق، صحافة يقودها الشّباب ويغذّيها حماسهم، تقوم فلسفتها على روافد عدّة أهمّها العقلانيّة، لها اتّصال بمبادئ الدّيمقراطيّة، والالتزامات المختلفة كالالتزام بالسّلم، التّسامح، والوطنيّة والمُواطنة، صحافة قادرة على النفاذ إلى ساحات اللاّوعي ومخاطبة الجماهير باللّغة التي تفهمها؛ قادرة على الوصول إلى الحقيقة كما هي في الواقع، والأكثر من ذلك قدرتها على الدفع نحو اتّخاذ القرار بسرعة، بقوّة، وبحكمة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/04/2012
مضاف من طرف : infoalgerie
المصدر : alarabonline.org