ظلّ بنك الأعضاء البشرية في الجزائر، محل حراك مستمرّ منذ بدء الحراك الرسمي في 2002، لكن الأمور لا تزال في النقطة صفر بعد 16 عاماً عن إطلاق نداءات التبرع بأعضاء الموتى.في إفادات خاصة ب "البلاد نت"، أحصى أخصائيون ومراقبون ما لا يقلّ عن سبعة أسباب وراء تجميد بنك الأعضاء، ويركّز محدثونا على الحاجة إلى تغيير الذهنيات لإنجاح مسعى زرع الأعضاء، وإقناع المواطنين بحساسية قبول نزعها من الجثث، لكن ذلك مرهون بتفعيل شامل.
وتشير "مليكة رحال" رئيسة وكالة التبرع بالأعضاء، إلى أنّ الأخيرة بحاجة إلى تعبئة اجتماعية لترقية ثقافة التبرع، حتى تلقى صدى يحفز على التبرع وإنقاذ أشخاص في حاجة ماسة إلى هبّات تضامنية، وتبرز رحال أنّ هيئتها تخضع لأخلاقيات المهنة في مجال نزع وزرع الأعضاء، وستعزز بلجان علمية وبيو أخلاقية تسهل عملية استفادة المرضى من زرع الأعضاء.
وتوضح رحال أنّ وكالتها تراهن على استحداث بنكين للمعطيات وآخر للأعضاء، علما أنّ السلطات أعلنت قبل سنوات عن إعداد بطاقة لزرع الأعضاء لكل مانح يوقعها وهو حي يؤكد فيها أنه في حالة الوفاة الدماغية سيتم استعمال أعضائه لإنقاذ مريض ما، كما يمكن اللجوء إلى موافقة العائلة في حالة الوفاة المفاجئة.
ويحيل كلا من "فريد حدوم" و"محمد بن عباجي" الأخصائيان في أمراض الكلى، إلى محدودية عدد عمليات نزع أعضاء الأشخاص المتوفين، حيث لا تتجاوز 7 عمليات دوريا، ويدعو "حدوم" و"بن عباجي" إلى تطوير زرع الأعضاء انطلاقا من أشخاص متوفين "دماغيا"، تبعا لما يترتب عن ذلك من إيجابيات خصوصا مع بقاء ما لا يقلّ عن 14 ألف شخص ينتظرون الزرع، وهو ما يمثل 80 بالمائة من مرضى القصور الكلوي.
من جانبه، أوضح الجرّاح "مولود عتيق" أنّ تطوير زرع الأعضاء بالجزائر يفرض تغييرا ذهنيا، حاثا على تطوير التكوين الجامعي والشراكة مع الخارج وتدعيم التشريع عن طريق تكثيف الأمن الصحي، فضلا عن تشجيع البحث في مجال زرع الأعضاء والأنسجة والخلايا.
ويؤيد "أحمد بن منصور" رأي عتيق، جازما أنّ التبرع بالأعضاء يعتبر علاجا ناجعا ويشكل الفرصة الوحيدة في البقاء على قيد الحياة لعدد متزايد من المرضى باختلاف أعمارهم، وشجّع بن منصور وسائط الإعلام على تحسيس الجمهور بأهمية التبرع بالأعضاء، لما لذلك تأثير نوعي على المعايير الاجتماعية والممارسات الفردية.
وتشكّل اسبانيا التي كانت تحتل ذيل الترتيب في أوروبا على صعيد زرع الأعضاء وأصبحت حاليا تحتل الصدارة، أنموذجاً تريد الجزائر الاقتداء به وتراهن في هذا الشأن بالعمل التحسيسي للأطباء النفسانيين تجاه العائلات التي فقدت بعض أفرادها، في وقت يربط متابعون حلّ إشكالية التبرع بالأعضاء في الجزائر بمرونة قطاع الصحة محليا وذلك يمرّ برفع مستوى الخدمات الممنوحة الذي سيؤثر إيجابيا على التبرع بالأعضاء، على حد توقعهم.
ووفق تأكيدات مراجع دينية، لا يمانع الإسلام أن يستفيد الأشخاص الأحياء من أعضاء مُتبرع بها من شخص متوفى شريطة أن يكون هذا الأخير قد أعطى ترخيصا مسبقا للعملية.
حاجة متزايدة أمام اتساع العجز
وتسجل الجزائر ما بين 80 إلى مائة حالة عجز كلوي جديدة كل سنة لكل مليون ساكن، ويُرتقب أن ينتقل العدد الحالي للمصابين من 1400 مصاب إلى عشرين ألف مصاب خلال السنوات القادمة، علما أنّ كلفة زرع الكلية الواحدة باهظة، مما جعل وعاءها العام لا يتعدّ 82 عملية زرع الكلى و197 للقرنية خلال الفترة الماضية.
وسبق لمسؤولين حكوميين سابقين، التأكيد على سعي الجزائر إلى استحداث بنك للأعضاء البشرية مستقبلا، استجابة لمتطلبات ملحة تقتضيها المنظومة العلاجية المحلية.
ويتيح بنك الأعضاء البشرية زرع الكلى، والقرنية، إضافة إلى النخاع الشوكي والكبد وهي الأعضاء الأكثر طلبا.
قصة برنامج لم يمض!
أقرّت الحكومة في 2002، برنامجا وطنيا لزرع الأعضاء يمتد على أربع سنوات، بهدف تنظيم مسألة التبرع بالأعضاء وعدم نزع أعضاء الموتى بكيفيات سهلة، علما أنّ القانون يشدّد على عدم مشروعية التبرع بالأعضاء إلاّ بين أعضاء الأسرة الواحدة (الأب والأم والأخ والأخت)، ولا يُسمح بالتبرع بها بين الزوجين أو توسيعها إلى بقية الأهل والأقارب الآخرين، لتفادي بعض التجاوزات والمتاجرة في الأعضاء.
ونفت جمعية أمراض الكلى، سابقا وجود متاجرة أو زرع للأعضاء بطرق غير قانونية في الجزائر، وجزم متخصصون أنّ هذه الممارسات ليست موجودة بالكامل، تبعا لصرامة القوانين هناك، ووضوحها في مجال التبرع بالأعضاء، لكن مراجع محلية تؤكد أنّ الأعوام الأخيرة شهدت أنشطة مشبوهة لشبكات كانت تشتري أعضاء بشرية من العراق وباكستان والهند على وجه الخصوص، لكنّ السلطات الجزائرية نجحت في إيقاف تلك السلوكيات بعد تفطنها لذلك.
وقدّر "الطاهر ريان" المختص في أمراض الكلى، أنّ ما سماها "شبكات" وجدت "ضالتها" عندما يتعذر على العديد من المرضى الجزائريين الحصول على كلى داخل بلادهم، ما جعل بعضهم إلى شرائها من بعض الدول.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/01/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : كامل الشيرازي
المصدر : www.elbilad.net