الجزائر

بنجامين ستورا في كتاب جديد عشية ذكرى استرجاع الاستقلال: قادة اليمين واليسار كانوا وراء المجازر التي ارتكبت ضد الجزائريين


[ستورا]
^ «ديغول» أجبر على المفاوضات بعدما صارت الجزائر عبئا سياسيا واقتصاديا عليه
استعرض المؤرخ «بنجامين ستورا» في كتابه الجديد «حرب الجزائر» العديد من الحقائق المتعلقة بثورة التحرير الجزائرية التي عاد النقاش حولها منذ فترة مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال. وقال «ستورا»، وهو من مواليد مدينة قسنطينة، إن قادة من اليمين مثل «جاك سوستيل» و«إدغار فور»، ومن اليسار مثل «فرنسوا ميتران» و«منديز فرانس» و«غي موليه»، هم الذين قرروا شن الحرب الشاملة ضد الشعب الجزائري انطلاقا من عام 1956، كما شارك في ذلك النواب الشيوعيون الذين صادقوا على قانون السلطات الاستثنائية الذي أدى إلى تعليق الحريات الشخصية وسحق الثوار، واعتقال أكثر من مليون جزائري وحبسهم في معتقلات لا تشبه مثيلاتها النازية بالضرورة، بالإضافة إلى إعدام أحمد زبانة بقطع رأسه بالمقصلة. ويتجاوز المؤرخ في هذا الكتاب، وفق تقرير أعده موقع «الجزيرة نت»، المستوى الفكري والأكاديمي النخبوي، وذلك بالرد على كل الأسئلة التي طرحت عليه في الجامعات والمؤتمرات واللقاءات الشخصية والسهرات العائلية والأحاديث الصحفية. ومن بين الكتب الهامة التي خصصها «ستورا» للثورة الجزائرية كتاب «متخيلات حرب الجزائر وفيتنام في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية» و«حرب الذاكرات.. فرنسا في مواجهة ماضيها الاستعماري»، بالإضافة إلى «حرب الجزائر.. نهاية فقدان الذاكرة» بالتعاون مع المؤرخ الجزائري محمد حربي. ويعتبر كتاب «ستورا» الجديد الذي صدر في سلسلة شرح من خلالها قضايا هامة بأسلوب بسيط في متناول الجميع أهمها قضية «الانتزاع والاقتلاع كتعريف للحرب»، حيث بدأ المؤلف رحلته عبر الثورة التحريرية، رابطا بين هويته الشخصية وتاريخ انطلاقها، كاشفا أنه ولد عام 1950، أي قبل أربعة أعوام من بداية الحرب التي أسدلت ستارها حينما بلغ سن الحادية عشرة. ومثل الآلاف من فرنسيي الجزائر غادر «ستورا» رفقة والديه وأخته الجزائر المستقلة إلى فرنسا التي لم يكن يعرف عنها شيئا، حاملا ذكريات سعيدة وأخرى أليمة وشاهدا على تمزق وجدانه مثل الكثيرين من الذين ولدوا في الجزائر.
في السياق ذاته، يعتقد الكاتب أن «كلمة اقتلاع هي التي تمكن من تعريف حرب الجزائر بحكم تعبيرها عن كيفية انتزاع الجزائريين لاستقلالهم بعد تضحيات جسام وانتزاع أناس من أرضهم الأصلية». ولأن التاريخ ليس علما دقيقا؛ يوضح «ستورا» أن بعض المؤرخين يرون أن الثورة الجزائرية بدأت عام 1830، في حين يقول آخرون إنها بدأت عام 1945، وذلك في الوقت الذي يعتقد أن تاريخ الفاتح نوفمبر 1954 هو التاريخ المجمع عليه باعتباره تاريخا «غير عفوي» كونه جاء نتيجة ظلم استعماري ناتج عن نظام عنصري هو أشبه بذلك الذي عرفته إفريقيا الجنوبية رغم بعض مظاهر الاختلاف. كما تناول «ستورا» في كتابه قضية «القادة الستة ومصالي الحج» ويقصد بهم مفجري الثورة وهم كريم بلقاسم والعربي بن مهيدي ورابح بيطاط ومحمد بوضياف وديدوش مراد ومصطفى بن بولعيد الذي لعب، حسبه، دورا كبيرا باعتباره أحد أكبر مؤسسي جبهة التحرير الوطني. ويقول المؤرخ أيضا إن فرنسا انتهجت استعمارا استيطانيا في الجزائر خلافا لنظام الحماية في المغرب وتونس، واعتبر قادتها الذين تناوبوا على الحكم من اليسار واليمين الجزائر فرنسا «الجزائر هي فرنسا حسب ميتران» والثوار «إرهابيين» تجب مقاومتهم بكل السبل الممكنة، في الوقت الذي رفضوا الاعتراف بالأمر الواقع واكتفوا بوصف الحرب بأنها «عمليات لحفظ الأمن»، وتطورت الحرب -حسب تعبير الفرنسيين- والثورة -حسب الجزائريين- في أوت 1955 حينما انتفض الفلاحون في الشرق الجزائري، بعد عشرة أعوام من مجازر سطيف وڤالمة و«خراطة» التي راح ضحيتها حوالي 45 ألف شهيد.
من ناحية أخرى، يعود «ستورا» في الأجزاء المتبقية من كتابه للحديث عن الجنرال «ديغول»، واصفا إياه ب«الداهية الذي جرب العصا والجزرة مع قادة جبهة التحرير، وراهن على الخديعة والفتنة والانقسام بين ثوار الداخل والخارج، وشن هجوما عسكريا تاريخيا عام 1959 باسم خطة شال لترهيب الثوار في آخر محاولة عام 1959». وقال إنه أدرك في نهاية الأمر حدود دبلوماسيته ومكره وإصرار شعب بقي مستعدا للتضحية أكثر في سبيل حريته، فما كان عليه إلا الإعلان عن المفاوضات، وطرح فكرة تقرير المصير على الشعب حتى يؤكد أنه كان محقا حينما قال إنه لم يأت إلى الحكم هرما ليصبح «دكتاتورا». وبعدما وعى أن «حرب الجزائر» أصبحت عبئا سياسيا واقتصاديا على فرنسا، دخل الجنرال المحنك في مفاوضات مع القادة الجزائريين اعتبارا من جوان 1960، وتكللت المفاوضات النهائية في مدينة «إيفيان» يوم الثامن عشر من مارس عام 1962 بإعلان نهاية «حرب الجزائر»، على حد تعبيره.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)