بن كيران يدافع عن وزير الاتصال في حكومته ويشن هجوما مضادا على منتقديه

ادرك رئيس الحكومة المغربية عبد الاله بن كيران ان الحملة المنظمة، المناهضة لوزيره بالاتصال والناطق الرسمي باسم حكومته مصطفى الخلفي، تستهدف حكومته وحزبه، وشن هجوما مضادا استخدم فيه لهجته التي غابت عن خطاباته منذ تكليفه برئاسة الحكومة قبل 5 اشهر.
عبد الاله بن كيران قال في لقاء حزبي اول امس الاحد أن الربيع العربي 'باقي ما سالاش (لم ينته)، وباقي كيدور ويمكن يعاود ترشق ليه ويرجع (ويمكن مرة اخرى ان يخطر بباله ويعود'.
وفي رسالة واضحة للقصر الملكي قال بن كيران 'أن الملكية نفسها تحتاج اليوم إلى المواطنين الساعين للإصلاح والمستعدين للتضحية، وليس إلى حزب العدالة والتنمية فقط، لأن الملوك لا يكونون دائما محاطين بالأشخاص اللازمين، بل يكونون أحيانا محاطين بخصوم يصبحون أول من يتخلى عنهم'.
ولا يمكن قراءة خطاب بن كيران الا دفاعا عن وزيره الخلفي بعد تصاعد هجوم اعلامي ضده على خلفية دفاتر التحملات للتلفزيون المغربي والتي جاءت باصلاحات لاداء التلفزيون الرسمي الذي كان محل انتقاد واسع طوال السنوات الماضية.
مناهضو الخلفي الذين نطق اسمهم سليم الشيخ مدير القناة الثانية (دوزيم) وسميرة سيطايل (مديرة الاخبار بالقناة)، بحملة حوارات بالصحف والاذاعات، يأخذون على اصلاحاته انها تتضمن منع وصلات اشهار العاب القمار ورفع اذان الصلوات الخمس ونقل صلاة الجمعة والعيدين الفطر والاضحى وايلاء اهتماما باللغة العربية والامازيغية، وهي اصلاحات بالنسبة لهم تحمل طابعا دينيا (اخوانجية) نظرا للمرجعية الاسلامية التي يتبناها حزب العدالة والتنمية الذي يقوده بن كيران وينتمي اليه الخلفي وهو ما يهدد هوية القناة التي تبث منذ 23 عاما.
وقال عبد الاه بن كيران 'إن علينا فعل ما يلزم حتى نطمئن في المستقبل ولا يخيفنا لا ربيع عربي ولا ربيع صيني، وهذا يتطلب رجالا في المستوى' مؤكدا 'إن حزب العدالة والتنمية لم ينه مهمته بوصوله إلى الحكومة، وإن تلك المهمة مازالت في بداياتها، ولابد له أن يستمر في المعركة التي هي إرجاع القرار إلى المعنيين بالأمر وهم المواطن والمواطنة، والاعتناء بالفئات التي لم تستفد ماديا ومعنويا، معركة كبيرة ومستمرة وتتطلب حزبا متحفزا'.
وقال بنكيران إن حزبه اختار 'الإصلاح في إطار الاستقرار' مؤكدا أن الإصلاح معركة الجميع وأن تحقيق الإصلاح والوصول إلى نتائجه المرجوة 'مهمة ما تزال صعبة والآماد لا تزال طويلة'.
وفي رسالة واضحة ومرموزة لمناهضي الخلفي، خاطب بن كيران اعضاء حزبه بالقول إن 'إنجاز هذه المهمة الإصلاحية يتطلب حزبا سياسيا متحفزا، لهذا علينا أن ننتبه ونبقى متحفزين، لأننا ربما دخلنا مرحلة من المراحل الصعبة، وعلينا أن نستمر في المواجهة، وهذه المواجهة كانت سهلة في المعارضة لأن الخصوم كانوا باينين (ظاهرين)، وقلت لكم هذا منذ عشرين عاما حين قلت لكم اتركوا الحسن الثاني في حاله وانزلوا إلى الميدان وابدأوا في المشي، وحينها سترون من الذي سيعترضكم'.
وقال إن القلاع المقاومة المتحكم فيها داخل الدولة في اشارة واضحة للجهات التي تقف وتحرك الشيخ وسيطايل اشتكت منها الحكومات السابقة، وان حزبه يعرفها و'لكنهم اليوم بدؤوا يحركون أشخاصا لا صلاحية لهم للتدخل في السياسة' عندما يحاولون القيام بإصلاحات بسيطة فيتم تحريك عدد من 'مخلوقات الله' التي لا علاقة لها بالسياسة لمواجهتنا'.
واضاف إن الخصوم في مرحلة المعارضة كانوا يحركون جهات كثيرة لمواجهة حزبه 'لكنهم اليوم بدؤوا يحركون أشخاصا لا صلاحية لهم للتدخل في السياسة نتوما غير تمشاو وستعرفون من يواجهكم، وضروري أن تواجهوا هذه الصعوبات ويقينا سيكون هناك ثمن'.
وكان ملفتا للانتباه تصدي مدير القناة الثانية ومديرة اخبارها لدفتر تحملات مصطفى الخلفي الاسبوع الماضي ان كان من ناحية التوقيت اذ جاءت بعد اكثر ثلاثة اشهر من النقاش مع مختلف المعنيين بهذه الدفاتر بما فيها مسؤولي القناة ومهنييها واكثر من اسبوعين على مصادقة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهيئة الدستورية المكلفة بضبط وتنظيم القطاع السمعي البصري بالمغرب)، او من الناحية الادارية اذ لم يسبق ان هاجم مدير بمؤسسة حكومية بمهاجمة وزيره عبر الصحف.
وتتحدث اوساط صحافية ان ما تعرضت له دفاتر التحملات التي قدمها الخلفي للقناة الثانية يعود اساسا الى حالة الفساد والتبذير الذي يعرفه تدبير القناة ان كان في تدبير الانتاج والشركات المتعاقد معها او في شراء البرامج والمسلسلات (تقول اوساط الخلفي ان القناة الثانية اشترت برنامجا بثمن يفوق اربعة اضعاف الثمن الذي اشترت به قناة الجزيرة القطرية نفس البرنامج).
موقع حزب العدالة والتنمية على الانترنيت قال إن 'النقاش الدائر اليوم حول دفاتر التحملات غطى كثيرا عن هذا الإفلاس المرتقب للقناة (الثانية)، وأن هذا النقاش إنما جاء 'ليحجب من جديد حقيقة ما تعيشه هذه القناة من مأساة رغم أن المواطنين كانوا يدفعون جزء كبير من تكاليف القناة اذ بلغ العجز المالي للقناة 120 مليون درهم 15 مليون دولار) عام 2011، وتقارب نسبة ديون القناة 70 بالمائة من رأسمالها.
وقالت صحيفة 'اخبار اليوم' المستقلة ان اللقاء الأخير لمجلس إدارة شركة 'صورياد دوزيم' الذي كان مقررا انعقاده قبيل 31 اذار (مارس) الماضي كاد أن يعصف بالقناة الثانية معلنة إفلاسها بالنظر إلى أنها توجد إلى حدود الساعة على شفا حفرة الإفلاس.
وذكرت الصحيفة أن رأسمال شركة 'صورياد دوزيم' التابعة لها القناة الثانية انخفض في السنة الماضية وحدها بنسبة 92 بالمائة، لينتقل من أكثر من 300 مليون درهما إلى نحو 24 مليون درهما فقط، والنقاش الدائر اليوم دفاتر التحملات غطى كثيرا عن هذا الإفلاس المرتقب للقناة ليحجب من جديد حقيقة ما تعيشه هذه القناة من مأساة رغم أن المواطنين كانوا يدفعون جزء كبير من تكاليف القناة قبل أن تأتي الحكومة الجديدة بقيادة العدالة والتنمية بقرار إعفاء أكثر من 8 ملايين مغربي من دفع العمولة من اجل المساهمة بشكل كبير في تمويل القناة الثانية.
وواذا كانت دفاتر تحملات مصطفى الخلفي اثارت ايضا نقاشا حكوميا صاخبا وتعرض لهجومات شديدة من وزراء بالحكومة (كل لحساباته ومقاربته) فان مجلس النواب المغربي شهد مساء امس الاثنين نقاشا مماثلا وقالت صحيفة التجديد المقربة من حزب العدالة والتنمية انه من المنتظر أن تحظى أجوبة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة باهتمام إعلامي وشعبي بالغ، لانها تاتي في مؤسسة دستورية منتخبة بالاقتراع العام المباشر وبعد الخرجات في وسائل الإعلام والصحافة لكل من فيصل لعرايشي المدير العام للقطب العمومي وسليم الشيخ المدير العام للقناة الثانية وسميرة سيطايل مديرة الأخبار في القناة الثانية.
وقالت أن سليم الشيخ لاتهمه المقاربة التشاركية بل تخوفه كامن في بند الحكامة وإقرار دفاتر التحملات الجديدة بمسألة التفعيل الفوري للجنتي الانتقاء وأخلاقيات البرامج.