في جو مهيب وحزين رافقته شدّة وغزارة الأمطار المتهاطلة، اصطفت الجماهير الشعبية قبالة مقبرة العالية، عقب صلاة الجمعة، ينتظرون وصول جثمان الرئيس الراحل، أحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، والذي ووري التراب بعد سنوات من النضال والحكم والمنفى انتهت بالعودة إلى أرض الوطن.
وكانت الوفود الرسمية في الجهة المقابلة عن مدخل المقبرة يتقدمها الرئيس التونسي، محمد منصف المرزوڤي وراشد الغنوشي، ورئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بن كيران، مرفوقا بمستشار الملك المغربي وكذا ولي عهد دولة قطر، إلى جانب الوزير الأول أحمد أويحيى وممثل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم، على الجهة اليمنى، فيما كان بقية الوزراء على الجهة اليسرى.
وأغلقت مصالح الأمن المسالك المؤدية لمقبرة العالية على بعد حوالي كيلومتر واحد يمينا ويسارا، لتسهيل دخول الجموع الغفيرة من السياسيين والدبلوماسيين، وحافلات أفراد الجيش الشعبي الوطني القادمة من أكاديمية شرشال العسكرية، وحافلات نقلت عناصر الحرس الجمهوري لتأدية التحية العسكرية ونقل جثمان الفقيد بن بلة الرجل الثوري والمناضل في حزب الشعب وأحد رجالات الثورة التحريرية ورفقاء درب الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وبعد قرابة نصف ساعة من انتهاء صلاة الجمعة، كان مدخل العالية محصنا ولم يسمح لأي شخص من الاقتراب من المدخل الرئيسي، ورفض حتى للصحفيين من الدخول، وتمكنا من التسلل، حيث وقفنا خلف الرئيس التونسي، وعند قرابة الثانية والنصف زوالا، وصلت العربة التي كانت تنقل الجثمان وموكب السيارات الذي كان يتقدمه رئيس الجمهورية.
وأخذ الموكب الجنائزي، مسار الطريق السريع ودخل عبر محول المحمدية بباب الزوار، ليصل إلى مقبرة العالية، وتوقفت العربة عند المدخل الرئيسي للمقبرة، وقام عناصر العسكر بنقل المحمل من العربة، وفي تلك الأثناء ترجل رئيس الجمهورية من سيارته واستقبل من طرف الوفود التي كانت بالمقبرة لتقديم التعازي، وترجل الجميع باتجاه مربع الشهداء أين تمت صلاة الجنازة، وقام محمد الشريف عباس وزير المجاهدين بتأبينية الفقيد الرئيس بن بلة.
ونصبت خيمة بلاستيكية كبيرة في ساحة المقبرة، بمربع الشهداء، ووقف رئيس الجمهورية وإلى جانبه الرئيس التونسي، محمد منصف المرزوڤي، والرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد والرئيس الصحراوي وولي عهد قطر ورئيس الحكومة المغربي وآخرون...وطبع الجنازة سوء التنظيم، حيث تدخل رجل زاوية قبل محمد الشيخ الذي كان سيدعو للفقيد بالرحمة، وحرص رئيس الجمهورية الصحراوية على الوقوف إلى جانب الرئيس بوتفليقة في الجهة اليمنى، فيما وقف رئيس الحكومة المغربية على يسار الرئيس، فيما عبر الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عن تذمره من سوء التنظيم.
ورافقت الطلقات النارية المتتالية عملية الدفن، ولم تتم مراسيم الدفن، حتى هتف مجموعة من الشباب بحياة الرئيس بوتفليقة وحاصروه من كل جانب، ووجد الحرس الشخصي للرئيس صعوبة في إخراج رئيس الجمهورية رفقة ضيفه الرئيس التونسي، وفي تلك الأثناء كان رجال الحماية المدنية يواصلون الدفن، أين غادر الجميع قبل أن يوضع التراب بالكامل على قبر الرئيس الراحل، وقدم خلالها ابن أخي بن بلة، والذي استغرب لذات المشهد الذي لم يكتمل حتى النهاية إكراما لروح الفقيد الثوري أحمد بن بلة.
وتلقى الرئيس بوتفليقة، داخل قاعة الاستقبال بالمقبرة، التعازي من الوفود قبل المغادرة، منها الوفود الأجنبية العربية الشقيقة وباقي ممثلي السفارات الأوروبية وكذا ممثل الاتحاد الإفريقي والمفوضية الإفريقية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/04/2012
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : بلقاسم عجاج
المصدر : الشروق 2012/04/13