بن بلة لم يطلب من بومدين الافراج إلا عند وفاة أمه وعبد الناصر عام 1970

هل عاش وحيدا ومات أيضا وحيدا؟..كثيرون أحسوا بالحسرة زوال أمس خلال تشييع جثمان آخر رجالات التحرر في العالم، وهم يشاهدون أن الرجل الذي عاش ثلثي قرن في قيادة ثورة تحرير ودعّم بقية الثورات من جنوب إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية يوارى الثرى في غياب من كان بن بلة صديقهم وملهمهم.



وغاب عن تشييع جثمانه توأمه الروحي نيلسن مانديلا الذي يصغر بن بلة بسنتين فهو من مواليد 1918 ولا تختلف حياته عن حياة بن بلة، حيث تم الزجّ به في السجن عندما استقلت الجزائر، وخرج منه بعد عشر سنوات من إطلاق سراح بن بلة، وعندما حصل نيلسن مانديلا على جائزة نوبل للسلام عام 1993 قال إن أول شخصية هنأه هو الرئيس بن بلة الذي لم يجد من يقف إلى جانبه ليحصل على نوبل رغم أنه إلى غاية سن التسعين كان يدافع عن حق الشعوب في التحرر.

وكان أول خطاب يلقيه بعد الاستقلال كرئيس دولة أن قال إن الجزائر لن تحصل على استقلالها الكامل إلا إذا تحررت فلسطين، كما غيّب المرض الرئيس الكوبي فيديل كاسترو، رغم أنه يصغر بن بلة بعشر سنوات فهو من مواليد 1926، ويعتبر من أصدقاء بن بلة، حيث قاد كوبا عام 1959 في عز شهرة بن بلة بعد اعتقاله من السلطات الفرنسية، وعندما تحررت الجزائر أصبح الصديق الثاني لبن بلة بعد جمال عبد الناصر، وكان يريد أن تسير الجزائر إلى جانبه عام 1965 عندما غيّر نظام كوبا إلى المسار الشيوعي، ولكن انقلاب 19 جوان نسف حلم كاسترو الذي ساءت علاقته ببومدين في بعض الوقت بسبب إصرار كاسترو على إطلاق سراح بن بلة حسب ما قاله بن بلة نفسه.

ومع ذلك، فإن علاقة بن بلة مع جمال عبد الناصر كانت مضربا للمثل وحزّ في نفس الراحل أن يتوفى جمال عبد الناصر عام 1970 ولا يحضر جنازته، حتى أن بن بلة الذي عُرف بعزة النفس لم يطلب أبدا من نظام بومدين حريته، إلا مرتين عندما توفيت والدته، الوحيدة التي كانت تزوره باستمرار في سجنه وعندما توفي جمال عبد الناصر عام 1970 وهو الرجل الذي جمعته به صداقة قوية تعود إلى ما قبل الثورة المصرية في 1952 .